الدكتور صبري ربيحات يكتب : باشوات بلا أطيان

الدكتور صبري ربيحات يكتب : باشوات بلا أطيان
أخبار البلد -  
أخبار البلد -
من الصعب أن تكون في جلسة أو تحضر مناسبة، هذه الأيام، من دون أن تصادف عددا من الباشوات الذين أصبحت أعدادهم تزيد على أعداد كل الذين حازوا على اللقب إبان الإمبراطورية العثمانية، وبين الأمم التي استخدمت اللقب. في تلك الأيام، كانت الباشوية رتبة تمنح للرجال الذين يلازمون السلاطين، ويقومون على خدمتهم بتفان واقتدار. وفي بعض الحالات، كان اللقب يعطى لمن يتولون مهام قيادية في الميادين العسكرية والإدارية والمدنية، لتمكينهم من فرض إرادتهم على الغير، وبيان مدى ثقة السلاطين بهم؛ الأمر الذي يميزهم عن العامة، ويمكنهم من القيام بالمهام والأدوار التي يطلب إليهم تنفيذها نيابة عن الدولة المركزية.
لقرون وعقود، كان الباشوات يمنحون الألقاب الشرفية التي مكنتهم من التحول إلى طبقة من النبلاء، توازي طبقة اللوردات في النظام الإنجليزي، وليشكلوا نواة النظام الاقطاعي في مصر وبلاد الشام، والولايات كافة التي وقعت تحت حكم العثمانيين والأيوبيين والمماليك. فإلى جانب المكانة المعنوية، كان للباشوات ضيع وقلاع يتلقونها من السلاطين كمنح وعطايا، ويقوم على خدمتها العشرات، إن لم يكن المئات، من النُظار والخفر والمزارعين والخدم، الذين يشكلون بمجملهم الطبقة التابعة التي تدور في فلك الباشوات، وتخضع لإرادتهم الاقتصادية والسياسية.
الشخصيات التي تأهلت للحصول على الباشوية كانت مزيجا من زعماء القبائل وأبناء الشيوخ الذين حازوا على احترام مجتمعاتهم المحلية، كما بعض المتعلمين والفرسان، والذين كان لاستيعابهم في نظام الحكم أثر في توطيده، وضمانة لولاء هذه الشخصيات واتباعها لسلطة الحاكم الذي أنعم عليهم باللقب والاستحقاقات المصاحبة له.
في مصر، وبعد التحول في مسمى الحاكم من الباشا "محمد علي" إلى الخديوي "اسماعيل"، جرى التوسع في منح لقب الباشا لمئات الشخصيات في مصر والسودان. وتجذر المفهوم في الثقافة المصرية، بحيث أصبح الباشوات طبقة جديدة، تضم في صفوفها الملاك والمتعلمين والمتنفذين، وأعدادا كبيرة من زعماء الوافدين والأقليات. وقد أصبحت عائلات الباشوات الجدد يمارسون ضربا من اللامركزية في الحكم في ولاياتهم وضيعهم ومناطقهم، ويسهمون في خدمة الحاكم من خلال تجسيد طقوس الولاء والطاعة التي يحرصون على إشاعتها في الأقاليم نيابة عن الخديوي.
أما في الأردن، فقد مُنح لقب الباشوية لبعض رجالات الأردن خلال العهد العثماني. واستمر ذلك في عهد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين؛ فأصبح في كل بلدة وقبيلة من القبائل الكبرى شخصية تحمل اللقب. وفيما بعد، مع تأسيس المجالس التشريعية، أصبح الناس يطلقون لقب الباشا على كل من يدخل المجالس التشريعية؛ انتخابيا أو اختيارا، وليزيد عدد الذين حلوا في هذه المواقع عن ألف شخص. أما في الجيش، فكان لقب الباشا يمنح لمن وصل إلى رتبة لواء فما فوق، وكانت الأعداد محدودة جدا حتى نهاية السبعينيات.
لكن في العقود الثلاثة الأخيرة، أخذت الألقاب تتنامى بمتوالية يصعب استيعابها. ففي كل قرية، تجد أعدادا من الذين حصلوا على اللقب حسب التقاليد المعروفة، وعشرات ممن أغراهم اللقب فأسبغوه على أنفسهم وأصدقائهم. وقد ساعد على ذلك وجود جالية عريضة من العمالة المصرية التي يبدي أبناؤها استعدادا لا متناهيا لصرف اللقب وتكراره عشرات المرات في اليوم، لكل من يلتزم بمظاهر الباشوية كما يعرفونها.
في كل مرة أتلقى دعوة لغداء، أو أشارك في مناسبة من مناسباتنا الاجتماعية التي لا تنتهي، أصادف أشخاصا أعرف وجوههم، ولكنني لم أعد أتذكر أسماءهم. وفي مثل هذا الوضع، لا أجد حرجا في التواصل معهم؛ فكل ما علي هو أن أنظر باتجاه الشخص وأشير بعبارة: "إذا سمحت يا باشا"، أو "كما تفضل الباشا". ولم يسبق أن وجدت حرجا؛ فالأردنيون لا يمانعون في أن تناديهم أو تنعتهم بالباشوية؛ فاللقب محبب لكل النفوس، والكل يعتقد أنه مستحق له، خصوصا وهم يرون سرعة تأهل الأشخاص له، سواء كان عن طريق النيابة، أو بالحرص على مظاهر الباشوية الجاذبة لإخواننا من العمال المصريين الذين يستمتعون بصرف اللقب لكل من يشتهي سماعه.
الباشوية التاريخية لقب شرفي يحمل سلطة ومالا، ويعني تملك أطيان يعتاش من العمل فيها المئات. أما في هذه الأيام، فإن الباشوية قد لا تتعدى لقبا استحقه البعض بعد عمل وعطاء، أو نزل بمظلة أو حظ أو صدفة. وقلة من الباشوات لديهم الأطيان التي كانت لباشوات مصر والشام.
رجالنا الذين أفنوا شبابهم في صفوف الجندية؛ عملا وسهرا وانضباطا، ووصلوا إلى نهاية سلم الخدمة، هم الباشوات الحقيقيون.
 
شريط الأخبار مطار الملكة علياء يحافظ على تصنيف الـ4 نجوم مليون زائر لمنصة الاستعلام عن خدمة العلم خلال أقل من ساعة كيف سيكون شكل الدوام والإجازات للمكلفين بخدمة العلم؟ الجيش يجيب.. الأردن يسجل أعلى احتياطي أجنبي في تاريخه إطلاق منصة خدمة العلم - رابط الخشمان يسأل الحكومة هل هذه الموازنة تصنع مستقبل الأردن نقابة أستقدام العاملين في المنازل تبارك لمفوض العقبة محمد عبدالودود التكريم الملكي.. تستحقها وبجدارة مديرة مدرسة تبصم من البيت باصابع اداريات وهذا ما جرى فارس بريزات يحمل مسؤولية الفيضانات للبنية التحتية وشرب "القيصوم" مع السفير الامريكي اعظم الانجازات..!! الملخص اليومي لحركة تداول الأسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الاثنين سعر تذكرة مباراة الأردن والأرجنتين تثير جدلًا واسعًا.. تعرف عليه! سلامي: المنتخب المصري يواجه ضغوطات.. وسنقوم بإراحة لاعبين أساسيين سجال ساخر على مواقع التواصل حول الاسوارة الإلكترونية البديلة للحبس في الأردن مستغلاً المقاطعة.. مطعم جديد في عمان يحاول تقليد مطاعم عالمية شهيرة ثبتت التوقعات.. محافظ العقبة بحاجة الى خرزة زرقاء..!! لماذا عدل فستان سمر نصار عبر قناة محلية ؟ - صورة الحكومة تبرر ايصال المياه مرة بالاسبوع وفاة أكبر معمّرة الأردن عن 129 عامًا في تصريح جريء لوكيل مرسيدس رجا غرغور: لا معنى لوجود شركة نيسان استقالة رئيس جامعة خاصة تكشف المخفي والمستور.. هل سيفتح التعليم العالي تحقيقا بأسبابها