اخبار البلد
عامر المصري / العقبة
في السياسات الأكاديمية التي تعتمدها اكثر من جهة رسمية وأهلية، و فيما يتعلق بسياسة المنح الجامعية التي تقدمها جهات حكومية وأخرى دولية بالاضافة الى منح القطاع المؤسساتي التجاري لأبناء المجتمعات المحلية ، وبالنظر الى واقع مخرجات التعليم على ارض الواقع لجهة تدني مستوى التحصيل من جانب، ولجهة تفاقم البطالة لدى حملة الشهادات الجامعية والعليا، فقد صار لزاما اعادة هيكلة منظومة المنح المشار اليها جملة وتفصيلا !
فعلى الصعيد التحصيل الأكاديمي، وعبر اكثر من دراسة وتقرير تم رصد تدني مستوى الكفاءة الاكاديمية والتي افرزت بطبيعة الحال تدني كفاءة المنتج الوظيفي ، خاصة في ما يُسمى تخصصات الكليات الانسانية التي خرجت الالاف الى السوق المحلي كقيمة فائضة في اعداد المتعطلين عن العمل من جهة، وزيادة مستوى البطالة لأسباب عدة ابرزها انعدام ثقة القطاع الخاص بكفاءة خريجي الجامعات الاردنية، وأخرى تتعلق بمعادلة "العرض والطلب" لتحصصات تفوق عدد المنشأت والمؤسسات ذات الصلة او العكس، وعوامل اخرى ذات مساس ببيئة ومناخ العمل التي تفتقد الى المقومات "الترفيهية" التي يُريدها خريجو جامعاتنا !
المنح الجامعية متعددة المصادر والتي تغلب عليها التخصصات "الانسانية" اصبحت بحق الرافد الأساسي لظاهرة بطالة حملة الشهادات الجامعية، الامر الذي يتوجب ازاءه إعادة التفكير في توجيه هذه المنح وتخصيص جزء منها لمؤسسات اللتدريب المهني لتخريج طاقات صناعية وفنية يحتاجها السوق المحلي حقيقة وبإلحاح.
وما اختياري لعنونة مقالي هذا بالرسالة الموجهة لمعالي الدكتور هاني الملقي، إلا لان سلطة العقبة تقدم 500 منحة تعليمية لأبناء العقبة عدى عن المنح التي تقدمها الشركات الكبرى في العقبة ومنذ سنوات طويلة ، حيث تخرج المئات من ابناء العقبة الذين حصلوا على المنح المشار اليها وتخرجوا من الجامعات ليس لمواقعهم الوظيفية بل الى ساحات ومنابر الاعتصام مطالبين السلطة والجهات الحكومية الاخرى بتعيينهم بوظائف تخصصاتهم ، ولا عجب وقد وجدوا المنحة ويطمعوا بالوظيفة !
اللافت والخطير بمعادلة المنح وطبيعة التخصصات، انه اذا استمر الحال على هذه الطريقة سنجد أنفسنا بعد سنوات امام أعداد هائلة من ابناء العقبة من خريجي الجامعات بلا عمل، وستحط شهاداتهم في "برازيز" أنيقة على جدران منازلهم كـ "إكسسوار" من كماليات بيوت العقبة !
الأهم أن واقع الحال في منطقة العقبة يدور في منحنى الطحن دون حبوب، فما معنى النفص الحاد والحاصل في المهن الفنية والصناعية والميكانيكية حيث تفتقر المنطقة للفنيين المهرة في كل المجالات، بل واغلب العاملين في بعض المهن هم عمالة وافدة وهنا اتحدث عن اصلاح السيارات وصيانتها والمناجر والمحادد واصلاح وصيانة معدات واليات واجهزة الكترونية وتقنية واجهزة كهربائية ..
مهن يقال عن اصحابها ان ايديهم تستحق ان تُلف بالحرير والذهب دلالة ارتفاع مدخولها المادي، علما ان المواطن الاردني - باعتقادي - تجاوز ثقافة العيب - وانخرط بشتى المهن، وما هذه المهن التي يخجل منها المواطن الاردني ، فمن غير المقبول ولا المعقول ان تحمل سيارتك لعمان وتدفع اجرة ونش 200 دينار لتكتشف ان العطل قاطع كهربائي صغير ( فيوز ) ثمن تركيبه لا يتجاوز دينارين، او من غير المعقول ان تذهب لتبديل زيت سيارة حديثة لعمان لأنك لا تثق في اي مؤسسة تقدم لك هذه الخدمة في العقبة وهنا لا اقصد من رسالتي هذه تقديم دعم للمؤسسات الوطنية التي تقدم التدريب المهني لان عدم كفاءتها واضحة على الاقل في العقبة .
يجب ان يفكر المسؤول جديا في كيفية توجيه جزء من هذه المنح التي تقدم للتعليم الجامعي للتدريب المهني وخاصة تلك التي تقدمها المؤسسات الحكومية والديوان الملكي العامر على ان يتم التدريب من خلال مؤسسات دولية وشركات عالمية بحيث يتم ابتعاث المتدرب لها ، وكما يمكن ان تكون سلطة العقبة اول من يبادر لهذا التوجه كونها منطقة اقتصادية خاصة وفيها بعض المزايا والتخفيضات الجمركية على كل السلع والبضائع والخدمات بحيث انه وخلال سنوات قليلة يمكن ان تكون العقبة منطقة متخصصة وفيها فنيون وصناعيون أكفاء مهرة يدفعون بعجلة الاقتصاد لا عرقلتها، وليكونوا ادوات فاعلة في المشهد السياحي العالمي الذي وصلت اليه منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
اتمنى ان لا تنتهي رسالتي بقراءة اخر كلمة فيها يجب ان نعيد التفكير جديا في تقديم الخدمة الامثل للمجتمعات المحلية من خلال تلك المنح التي تقدم لشبابنا لا ان تكون الخدمة هدفها دعم مؤسسة تعليمية منتجها النهائي مجرد شهادة تعلق على حائط .