شكل رحيل الرئيس جمال عبد الناصر وما مثله من وجدان قومي وكرامة عربية وآمال عريضة في الوحدة والمقاومة و الاستقلال والتقدم، شكل هذا الرحيل واحدة من أخطر المحطات في تاريخنا العربي المعاصر. وكان من أبرز التعبيرات السياسية والايديولوجية التي أعقبت ذلك إطلاق موجة مضادة في كل الحقول، ولا سيما المناهج التي ترافقت مع الوراثة النفطية للحقبة القومية الناصرية.
ومن ذلك، على سبيل المثال، اعتماد كتاب "ابو الأعلى المودودي" "مبادئ الاسلام" في المرحلة الثانوية في بلدان عربية عديدة، ومنها الأردن.
ولمن لا يعرف صاحب هذا الكتاب، فهو واحد من المرجعيات الأساسية للفكر التكفيري، ولمهندسه المصري، سيد قطب، وتلاميذه في تنظيم القاعدة وداعش وجبهة النصرة وبيت المقدس، وانصار الشريعة في ليبيا وامثالهم من الظواهر الإجرامية المشبوهة التي تتحرك في سيناء والجولان بدعم من المخابرات الصهيونية، كما تحتضنها جماعات الماسونية ويهود الدونمة النافذة في تركيا.
ويعد المودودي امتدادا للبدع الاسلاموية التكفيرية التي أنتجتها المطابخ الاستخباراتية في شركتي، الهند الشرقية التي كانت تستعمر الهند الصينية، وشركة قناة السويس قبل تأميمها من قبل الرئيس عبد الناصر.
أما اعتماد الكتاب "مبادئ الاسلام" في المناهج الأردنية، فقد تم حسب ما جاء على الغلاف الداخلي له اعتبارا من العام الدراسي 1973 / ،1974 ونفهم من المقدمة المكتوبة من وزارة التربية والتعليم "الطبعة التاسعة، الصفحة جيم" أن الوزارة خاطبت "سماحته"، والمقصود المودودي "فتلطف وأجاب بالموافقة على استعمال كتابه المذكور في المدارس الثانوية" والوزارة "إذ تشكر سماحته، لتدعو الله أن يسدد خطاه ويعينه على نشر الدعوة الاسلامية". وسواء كانت الوزارة التي تولاها بدران في حكومة الرفاعي الاولى تعرف او لا تعرف عن فكرة "الدعوة الاسلامية" التي تطوعت لنشرها ايضا، فالدعوة في صميمها وجوهرها هي الدعوة التي تبناها سيد قطب والقاعدة لاحقا.