تمرُّ بلادنا العربيّة في مرحلة مخاض عسير وقد لا تفيد حتّى الثورات القيصريّة لميلاد فجر جديد على شعوبنا التي اعياها الإحباط وانهكها الجوع وسيطرت عليها البطالة وسادها الفساد وتم إقصاء القيم الجميلة ونسيان المبادئ الأصيلة التي عهدناها لمدد طويلة من الزمن .
ومنذ سنوات عديدة ونحن نرى طعنا في قادتنا ومسؤولينا بل ونتهمهم بالفساد العميق ونهب مقدّرات الأوطان والشعوب وكثير منهم ليسوا ابرياء من ذلك وقد داعبت قلوبنا وعواطفنا شعارات اطلقناها في ما سمِّي بالربيع العربي واعتقدنا ان ذلك سيحرِّرنا من إرهاب ذلك الزعماء سواء إتّفقنا مع تلك الإتهمات ام لا حيث ان الصورة كانت ضبابيّة بالغالب وانّ الفرديّة كانت تغلب على الأحزاب المتنفّذة في تلك الدول .
وكانت العراق بداية الغيث والطعن ومحاربة الدكتاتوريّة وبذلت الصهيونيّة العالميّة والولايات المتّحدة الأمريكيّة جهدا خارقا واستغلّت بدقّة انتهاء الحرب الإيرانيّة العراقيّة وغذّت الغرور القاتل والنزعة الفرديّة لإحتلال الكويت ولتكون منطلقا لتدمير العراق بلدا وشعبا وجيشا وحضارة وتم التخلُّص من حكم دكتاتوري إرهابي حسب الوصف وقد فرح الكثيرون حينها مع ان البعض ذكّر بمقولة أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض فماذا كان بعد الخلاص من ذلك الإرهاب إلاّ إرهاب أشدُّ عنفا وأدقُّ تخطيطا .
وبدأ مسلسل الثيران بالسقوط واحدا تلو الآخر فرأينا ثور اكبر نزل الى الحلبة وبإعتبار مصر أم الدنيا فلا بدّ من ان اللعبة تكون على مرحلتين فبعد التخلص من دكتاتور دام حكمه لما يزيد عن ثلاثين عاما لا بدّ من إسقاط زعيم الظل حيث تم تولية الإ خوان المسلمين لمدّة عام واحد ثمّ تم إسقاطهم وطردهم شرّ طردة من جميع اشكال الحكم والسلطة وهكذا بعد ان تم التخلُّص من نظامبن إرهابيّين لبلد واحد فما حال مصر العروبة الآن سوى ما نراه من قتل وإرهاب وفوضى .
وبعد ذلك جاء دور الركيزة الثالثة التي يرتكز عليها القِدر العربي بعد العراق ومصر ألا هي زعيمة الممانعة سوريا الأمويّين والتي حكمها وما يزال حزب دكتاتوري حسب الوصف لمدّة حوالي خمسون عاما بحكم شبه وراثي والذي استمات وما يزال في سبيل الدفاع عن الكرسي والثروة متدثِّرا برداء إيرانيِّ روسي يقيه من برد امريكي عربي .
ومع انهيار القدر العربي بركائزه الثلاث كان لا بد من الوصول الى رغبة صهيونيّة جامحة وهي إراقة الدم العربي والإسلامي بيد عربيّة ونفًس إسلاميّة من خلال حرب طائفيّة تدافع فيها كل طائفة عن وجودها ومكانة ابائها المهدّدة بالأخطار كما هيأت لها الصهيونيّة وامريكا ذلك .
وها هو الثور الليبي يسقط بقتل زعيمها الأوحد لما يزيد عن اربعين عاما وكان امين الأمّة وعميد زعمائها وتدمير مقدّراتها وما كان من حالها بعد التخلُّص من إرهاب حكّامها حتّى وقعنا في إرهاب أمرُّ والعن يهدِّد البلاد والعباد بالقتل والتقسيم .
ولم تحتمل الصهيونيّة ان يبقى اليمن سعيدا موحدا خاصّة انّه يقف على باب مضيق تحلم اسرائيل وامريكا ان يكون تحت حمايتها منذ عشرات السنين واصبح ضرورة الآن حيث تقوم مصر بانشاء التوسعة لقناة السويس مما يضفي توسعا في التجارة الدوليّة وبالضرورة أمانا في النقل البحري وهو هدف اجلُّ من عدد الضحايا والدمار في اليمن العربي .
وقد إتّسع مسلسل الإرهاب ومكافحة الإرهاب ليفضي الى إرهاب أقسى وقعا وإيلاما على العرب اينما كانوا في السودان والصومال وتونس وفلسطين ولبنان وغيرها واشترينا بدلا من الخبز وحليب الأطفال سلاحا نقتل فيه بعضنا البعض وأُنشأت لأجل ذلك منظّمات وفصائل تحت اسماء وطنيّة وقوميّة وتحت أغطية إسلاميّة بمسمّيات متعدّدة تمتدُّ في النفوس المريضة والضمائر الميّتة وتنتشر انتشار النار بالهشيم مستخدمة اسفل واحقر وسائل الإرهاب والتعذيب والإجرام وذاك هو الإرهاب بعد الإرهاب مما يزيد العبأ على الحكومات المخلصة لشعوبها وعلى افراد المجتمع نحو مزيد من التوعية للشباب في مقتبل العمروتنشئة الجيل الجديد تنشئة سليمة واعية للمخاطر التي تحيق بها .
ولم يكن يدور بخلدنا يوما أنّ الإرهاب الذي نريد إقتلاعه من جذوره سيتلوه إرهاب أشنع وأقسى ممّا كنّا به وسيصبح وجودنا مهدّدا كما هو ديننا واخلاقنا وقيمنا باتت في مهب الخطر والضياع وان يصبح حالنا البائد هو اقصى أمانينا وأحلامنا !!!!!!
حمى الله الأردن ارضا وشعبا وقيادة وسلّمه من كل سوء ومخاطر وتحدِّيات .
احمد محمود سعيد
13/ 4 / 2015