وقد تواصلنا مع أحد كوادر إدارة التلفزيون قبل فترة قصيرة مرسلين لهم بعض المقترحات الصغيرة التي ربما تسهم في تحسين وتطوير ما تقدمه الشاشة الأردنية الرسمية، ولعل من أهم هذه المقترحات كان زيادة عدد البرامج التي تحمل وجهات النظر المختلفة وتنفتح على الآخر، لأن أحد أهم عوامل الارتقاء بثقافة المجتمعات برأينا هو التشجيع على "الحوار بين الثقافات" وإثراء العقول بالآراء المختلفة وأطياف المجتمع المتعددة.
لكن ما حدث قبل أيام قليلة في أحد هذه البرامج الحوارية التي اعتدنا عليها منذ سنوات وعلى جرأة الطرح والنقاش والانفتاح على كل الآراء بكل شفافية ووضوح من قبل مقدمتها على الشاشة الوطنية، من استضافة لنقيب المهندسين الأردنيين لمناقشة ما يهم المهندس والهندسة بكل تفاصيلها، وتسجيل الحلقة قبل بثها بيوم ثم قطعه بعد دقائق من بدايته بسبب "خلل فني" لم يتم إصلاحه أبداً جعلنا في حيرة من أمرنا.
فقد دفعنا هذا "الخلل الفني" دفعاً لكتابة هذه السطور لشعورنا بإهانة كبيرة، هي في الحقيقة لكل إعلامي ومهندس يحترم نفسه ومهنته، ولسنا هنا بصدد الدفاع عن مقدمة البرنامج أو عن نقيب المهندسين لشخصهما فكل منهما غني عن التعريف لكل من عرفهما مهما اختلفنا معهما في توجهاتهم أو أفكارهم، ولطالما كان أجمل ما في الأردن اتساعه للجميع بكل أطيافهم وتوجهاتهم، والبعد التام عن قول الشاعر "لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق"، لكننا نستغرب جداً كيف يتم استضافة شخص ما مهما صغر أو كبر مقامه، ويتم تسجيل الحلقة كاملة معه ثم يبدأ بثها في اليوم التالي ليقطع البث مباشرة بعدها، فقط لأن "خللاً فنياً" تذكر فجأة ربما أن الضيف ينتمي لفكر أو تيار أو جماعة لا تعجبه ولا يحب سماع صوتها، والسؤال هنا أين كانت إدارة التلفزيون قبل تسجيل الحلقة، وأين كانت عند بداية بثها، وهل نسي ذلك "الخلل الفني" أنه يوجه إهانة كبيرة بمثل هذا التصرف لشاشة الوطن الأولى ولجمهورها الكريم في كل مكان، بل وحتى لكوادرها الإعلامية المحترمة ويظهرهم بمظهر أبعد ما يكون عن اللائق!
شاشة تلفزيون الوطن هي عين الوطن التي يرى الجمهور من خلالها الوطن بالصورة التي نحب جميعاً أن لا تكون إلا أروع الصور وأجملها، فترى لماذا برأيكم أيها "الخلل الفني" لا يحب البعض أن نراها منارة تتسع لكل آراء وأطياف الوطن كما اتسعت أرض الوطن لها، ليكون كل من يعيش فوق تراب هذا الوطن يداً واحدة في الحفاظ على هذه الصورة والرقي بها، فأقل حق علينا للوطن ولكل من يعمل من أجله أن نحفظهم بماء عيوننا، لا أن نفقأ عين الوطن بأيدينا ونحن ننظر إليها.