لذلك يشكل يوم الأرض معلماً بارزاً في التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني ، باعتباره اليوم الذي أعلن فيه الفلسطينيون تمسكهم بأرض آبائهم وأجدادهم ، وتشبثهم بهويتهم الوطنية والقومية وحقهم في الدفاع عن وجودهم رغم عمليات القتل والإرهاب والتنكيل التي كانت وما زالت تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني ، بهدف إبعاده عن أرضه ووطنه .
إن الوطن هو أغلى ما نعتز به لأنه مهد الصبا ومرتع الطفولة ، ومأوى الكهولة ومنبع الذكريات ونبراس الحياة ، وموطن الآباء والأجداد ، وملاذ الأبناء والأحفاد ، ووطن لجميع الناس أحب وطنك ، واعتز به ، وافخر بالانتماء إليه ، لأن الوطن هو الدنيا ، ورمز السعادة وعزة الإنسان وسعادته .الشعور بالوطنية والانتماء للوطن أمر فطري فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه يتفاعل مع الآخرين من أجل الاستمرار وهذا الإحساس نشاهده في الدفاع عن الوطن والتضحية من أجله وقت المعارك والحروب وفي وقت السلم. والحرص علي رقيه وتطوره . الوطن : دماء وشرايين ، تراب وجذور ، زيتون وبلوط ، الوطن هو الطائر الوردي الذي يحلق عالياً في السماء ، وهو زهرة السوسنة السوداء التي تعطر السماء والأرض ..
إن المقاومة خيار أوحد في الظروف العربية الحالية التي لم يبقَ فيها للواقعين تحت الاحتلال أمل في تحرك أقطار أو جيوش عربية لحمايتهم ، بل نصرتهم وتحريرهم والخروج بهم مما هم فيه .. وذلك لكي يدافعوا عن أنفسهم ولا يذبحون ذبح النعاج ، ولكي تبقى قضيتهم العادلة حية ، وليرفعوا أمام الأجيال القادمة راية التحرير بمصداقية. والمقاومة تدخل في باب الدفاع عن النفس فضلًا عن كونها حقًّا مشروعًا لكل شعب يتعرض للاحتلال ، ولكل من يفترسه الظلم والقهر والتمييز العنصري بأشكاله وألوانه وظلال أشكاله وألوانه ..
أما قول من يقول اليوم بأسطورية المقاومة ، بالمعنى السلبي للكلام والمفاهيم والخيارات ، فهو ضال مضلل فتاك كالداء العضال في جسم الأمة ، وهو يخدم سياسات معادية لشعبه ووطنه الواقع تحت الاحتلال أو المستهَدين من قبله بكل أشكال التهديد والانتهاك .. وأولئك يتصدرون منابر ويصدرون عنها وهي منابر في خدمة أعداء الأمة ولا تقوم إلا بالتشهير والكيد والافتراء والتضليل ، وتفتح أسواقًا فاسدة مفسدة لتجار الكلام والسياسة والنضال والمواقف والمبادئ.متى ننتصر على الكيان الصهيوني ، ونطرده من بلادنا ، ونقيم فيها دولتنا ، ونعيد إليها أهلنا ، ونبني فيها مؤسساتنا ، ونعمل فيها ، ونحصد خيراتها ، ونجني ثمارها ، ونكون نحن أسيادها وسكانها ، وأصحابها وأهلها ، متى ندخل المسجد الأقصى المبارك ، فاتحين مطهرين ، مكبرين ومهللين ، نصلي فيه ، ونزور مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه ، بعد أن يتطهر من رجس اليهود ، ودنس الغزاة المحتلين الغاصبين . متى تطبق الديمقراطية في بلادنا ، وتتعدد فيها الأحزاب ، وتتسع عقولنا لكل الآراء والتوجهات ، ويصبح من الطبيعي تداول السلطات ، وتغير القادة والحكومات ، والقبول بنتائج الانتخابات ، والتسليم بالهزيمة ، والمباركة للفائز ، وتمكينه من ممارسة دوره ، ومساعدته بما يعينه على أداء واجبه ، والقيام بمهامه ، بلا نكرانٍ لنتيجته ، ولا عقباتٍ توضع في طريقه . متى تزدهر بلادنا ، ويعم الخير أوطاننا ، ونعيش الرفاهية والرخاء ، فلا يكون فينا فقيراً ولا مريضا ، ولا محتاجاً ، ولا مطروداً ولا ملعوناً ، ولا نكون خاضعين ، ولا تابعين ومأجورين ... لا قيمة لمن لا يقاوم ، أو لا يدعم المقاومة ، ولا يساند المقاومين ، ولا يمدهم بما يحتاجون ، ولا يقدم لهم ما يريدون ، مساندةً ومناصرة ، وإيواءاً ومساعدة ، ودعماً وعطاءاً ، فليس منا من لم يقاوم ، أو لم يحدث نفسه بالمقاومة ، ويحلم بها ، ويتوق إليها ويتمناها. فالمقاومة هي الهوية والوطن ، وهي العزة والشرف ، وهي الكرامة والسؤدد ، وغيرها ذلٌ واستعباد ، وضعفٌ واستسلام ، وصغارٌ وهوانٌ لا يمنح هويةً ، ولا يجلب اعترافاً ، ولا يحقق هدفاً ، ولا يصل إلى غاية ، ولا يصنع مجداً ، ولا يعيد حقاً ، ولا يرغم عدواً ، ولا يجبره على كف العدوان ، ووقف الاعتداء ، والامتناع عن الظلم والقتل والإيذاء. إن المقاومة خيار أوحد في الظروف العربية الحالية التي لم يبقَ فيها للواقعين تحت الاحتلال أمل .....
بقلم جمال ايوب