المتابع للأحداث السياسية المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط عليه أن يكون صامتاً أمام كل تحوّل فالمتغيرات آنية ومفاجئة بمعنى أن لكل لحظة حساباتها الخاصة ، ولكل قراءة مخرجاتها الدالة عليها ، من هنا يصعب على المتابع إصدار حكم مهما تحصّن بالوعي ، وتذهلنا الأحكام المتسرعة في شأن الأردن هذا الوطن الذي نعشق ، وتؤلمنا أراء الأصدقاء والأهل معاً ، ولا نتوقف كثيراً أمام أحكام المغرضين والمتساقطين لإننا نعلم أنهم ذوو مصالح خاصة غير وطنية .
أقلام وطنية كثيرة تكتب في مصلحة الأردن ، وأقلام قومية وصديقة تخاف على الأردن فتكتب ما يتناسب وهذا الخوف الصادق ، وأصبح الجميع يرصد التحركات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لهذا البلد ، وكل قلم له مبرره في الكتابة ، وقد أثارت زيارة وزير الخارجية الأردني لإيران الكثير من السياسيين والمفكرين والمحللين والصحفيين ، والذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع مقالي الدكتور محمد المسفر القطري ، والصحفي الذي نحترم ماهر أبو طير في الرد عليه وقد جاء في الرد ما يجب التوقف عنده بكل جدية فالأمر الذي نحن وصلنا إليه أكثر مسؤولية في الوقوف عنده .
يقول أبو طير " إن كل العوامل الإقليمية والدولية تدفع الأردن باتجاه التحالف سياسياً واقتصادياً مع إسرائيل لغايات البقاء في المنطقة وسط عالم متقلب " فهل وصل الأردن إلى هذه المرحلة من فقدان مقومات الوجود وبالتالي البحث عن غايات البقاء في المنطقة بالتعاون ما إسرائيل ؟ وهل الأردن حقيقة مخيّر كما يقول أبو طير بين معسكرين إسرائيل وإيران وعليه أن يختار وهما أمران أحلاهما مرّ كما يقول أبو فراس الحمداني ، وهل الأردن مكبل إلى هذه الصورة القاتمة وبدأ يغرق ولا نجاة له إلا أحد القاربين الاسرائيلي أو الايراني ، وكلاهما وصدقوني بغير ارادتنا وحياتنا فانهما لن يحملا جسدا ميتأ مستغربا لماذا نسمع فجأة مثل هذه المعلومة مع أن السياسيين وأصحاب القرار في هذا الوطن الغالي يؤكدون في كل جلساتهم وبياناتهم وتصريحاتهم غير ذلك ، بل ويقولون إننا في وضع سياسي ممتاز ، وقوة وجود مضمونة ، فهل المسؤلون يحاولون إخفاء الأمر ولماذا ؟ وهل هناك رغبة في تمرير وتسريب المعلومة من خلال مقال صحفي ، بل لماذا الاصرار على أننا نعيش في بلد آمن رغم وجود العالم المتقلب حولنا ، وهل الأمان والاستقرار أن نكون مخيرين بين اسرائيل وإيران ، أي خيار هذا ؟
على الجميع من مفكرين وأحزاب وسياسيين ونواب أن يكونوا على قدر المسؤولية فالشعب لن يرحم أي متخاذل مهما كانت وظيفته واعتباره السياسي ، فعلينا بالمصارحة والمكاشفة فالصراحة بخشونتها افضل من التضليل بالدهاء وانكار الحقيقة فالاردن لن يحميه التحالف الا مع الشعب فهو ركن الامان بوعيه وثقافته وفكره وهو سر بقاءه الاسمى بالشهادة والذود عن حماه فمن رُفاتنا يتشكل الوطن ومن اجسادنا نصنع قارب النجاة حتى لا يغرق الوطن.