عندما صدر ديوان نزار قباني " الرسم بالكلمات " أعجبني العنوان خاصة وأنا أعلم أن نزاراً يقصد أنه يرسم المرأة التي يحبها بالكلمات ، ولم ألتفت يومها أن الغرب قد سبق القباني في الرسم بالخطوط الصامتة دون الكلمات الناطقة حين رسمتنا اتفاقيات سايكس بيكو ، بخط كالسكين ، وقطعوا لحم بلاد الشام واقتسموا جسد الضحية ، ووزعوا لحم فلسطين على عصابات الهاغانا ، واليوم أرى الغرب قد ترك السكين حين بدأ الرسم بالبنادق حتى دون اتفاقيات ، ودون موافقة أي طرف من الأطراف ، بل دون استشارة الأطراف المعنية ، يكفي قناعة الرسام بالرسم ليتم ذلك
. حين رسموا أوطاننا بالخطوط العريضة والرفيعة أصبحنا قبائل بعد أن كنا قبيلة واحدة ، ودفعنا الثمن بتشرذمنا المهين ، واليوم يرسمون الوطن العربي بالبنادق مع دفع الثمن ، فالوطن العربي جميعه شريك بالدفع ، هناك من دفع وما زال يدفع أرواحاً وحضارة عمرها آلاف السنين وأموالاً لا تحصرها الأصفار .
نحن اليوم أشبه بعائلة يتنازع أبناؤها على دونم أرض فكل فرد منا يريد أن يحدد منطقته ويرسم حدود الدونم ويختار اسماً جديداً لقطعته .. يا إلهي لم نتعلم من درس طالما حفظناه " أُكلتُ يومَ أُكلَ الثورُ الأبيض "