قبل أسبوع كان الملك عبدالله الثاني يلتقي نخبة من شباب وشابات الوطن ممن يمثلون قصص نجاح متميزة في الإنجاز وخاطبهم قائلا «أن المواطنة هي بمقدار ما يقدمه الإنسان لبلده وليس ما ينتظره منه»
أول من أمس عاد الملك ليخاطب الأسرة الأردنية كلها بذات المعاني، فالأردن يرد على الإنغلاق بالانجاز والمبادرة والانفتاح الذي يصنع من القليل الكثير « «أنتم مثال يقتدى به في المواطنة الصالحة والفاعلة، فكل واحد منكم يمثل قصة نجاح أردنية، وهي دليل على الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها الإنسان الأردني».
المواطنون تلقفوا خطاب الملك بعفوية وفهم لمعانيه فقد كان الأقرب لمشاعرهم وهواجسهم والأكثر تعبيرا عن تطلعاتهم وآمالاهم، هي كلمات تعبر عن إعتزاز زعيم بشعبه الذي رسم بعفوية بالغة لوحة تلاحم ووحدة عز نظيرها في إقليم يجنح الى التفتت والاقتتال، هي لوحة تمنح الأمة أملا يعيد اليها ألقها ووحدتها في مواجهة الجهل والتخلف.
والملك وهو يذكر مواقع في الداخل والخارج كان للأردنيين فيها بصمات وتأثير واضح، إنما يريد أن يكرس هذا النموذج الذي يعبر عن معدن وهوية الأردني الحقيقي الذي يجب أن يترك لإنجازاته على الأرض مهمة تقديمه للعالم، وهي ذاتها صورة العربي المسلم الحقيقية، لا لبس فيها ولا إنحراف ولا تشويه.
والملك في خطابه ميز المواطن العادي البسيط عفوي الوطنية من غير أيدلوجيات، وقصده تحديدا وهو المواطن الذي أنجز وسلم الراية لمن لا يزال في ميدان العمل وهو الذي بدوره سيسلمها لمن بعده من الأجيال القادمة فالتفاخر هو بالعمل وليس بالقول، وهو إنجازٌ وعملٌ جماعي. كما أن بناء مجتمعٍ متميز يقتضي الإيمان بقدراتنا، فالإنجازات الإنسانية جميعها بدأت بأحلام، وتحققت بطموح وعزم أصحابها، وإيمانهم بأفكارهم وإخلاصهم ومثابرتهم. فالنجاح يُبنى برعاية المواهب والقدرات، وتَبنِّـي الأفكار الواعدة، ودعم المشاريع الريادية، واحترام المثابرة، وتخطي الفشل. على قاعدة تعميق المواطنة الفاعلة على أساس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص. فهذه هي المبادئ الراسخة في الضمير الأردنـي.
قدر للأردن أن يمضي في حقل ألغام، غير أن مثل هذه الحالة لم تثنه عن السعي باستمرار لاختراق حاجز النار بالمبادرة والاتزان ما جعله مميزا لكن وراء كل ميزة ثمن باهظ وقد سدده الأردن وما يزال وكان في كل مرة يخرج من عنق الزجاجة بعنفوان ورصيد هائل من الحكمة والاقتدار.
هذا خطاب لملك يعتز بشعبه ويثق بقدراته وبصواب إتجاهاته، خطاب إنتقى كلماته بعناية لتعبر عن نشوة وفرح بشعب عبر دون مواربة ولا نفاق عن موقفه الى جانب الوطن والقيادة في معركة التنوير.