يشهد الوسط الحزبي هذه الأيام بروز بعض القيادات الحزبية التي بات سلوكها يُشكل إهانة واضحة لأحزابنا السياسية وقياداتها، إن لم تكن شكلت بسلوكها وصمة عار سلبية على مستقبل التنمية الحزبية في الأردن، مع أن المنطق يفترض بنا أن نتحدث عن وضع حالي أفضل لكوننا تقدمنا خطوة زمنية للأمام؟!
بتنا نرى قيادات حزبية ذات أسبقيات جنائية متعددة تصافح الملك والملكة في المناسبات الرسمية؟! وبتنا نرى جفافاً فكرياً واضحاً تكاد لا تسمع منهم إلا بعض المصطلحات التي يتداولونها فيما بينهم "سعادتك، عطوفتك، معاليك"، وبتنا نسمع في الآونة الاخيرة وبكثرة عن خلافات داخلية واشقاقات نتيجة عدم وجود هيكل تنظيمي مؤسسي داخل الحزب.
ذلك هو الواقع الذي تشكو منه التنمية الحزبية، والذي أبتلي على ما يبدو بدخول بعض الإنتهازيين الغرباء تحت ذريعة ممارسة الحقوق السياسية والحق في تشكيل الأحزاب السياسية التي كفلها لهم الدستور، سلاحهم ترديد بعض الشعارات الوطنية الجوفاء التي تُمجد الأردن وقيادته للتحايل علينا جميعاً لتحقيق غاياتهم الرئيسية ومآربهم الشخصية.
أجهزتنا الحكومية المعنية وبكل أسف ونتيجة إطلاعنا على تفاصيل ومفاصل العمل الحزبي داخل الأردن؟ لم تمارس دورها التشريعي والرقابي على نحو جيد فيما يتعلق بتنظيم العمل الحزبي خصوصاً بُعيد الإشهار الرسمي.
فالخلل يبدأ من نقطة الصفر في تشكيل الأحزاب من تساهل واضح عند استقبال طلب تأسيس الحزب (من خمسة مواطنين يحملون أرقاما وطنية) مروراً بعدم وجود حد أدنى من الشروط التأهيلية الخاصة بالمؤسسين، والتساهل الواضح في عدم التدقيق وبشكل جدي على كشوفات الأعضاء لتعلم من أين جاء بهم المؤسسون. إنتهاءً بعدم وجود قيادات حزبية واعية ومدركة تمارس الإدارة المؤسسية وتحدد آليات عمل الهيكل التنظيمي داخل الحزب.
لقد حذرنا سابقاً وتكراراً من التداعيات السلبية التي سيسببها هذا التساهل البيروقراطي حينما سمح وسيسمح للإنتهازيين من اقتحام الساحة الحزبية وتشويه صورة وسمعة الأحزاب السياسية وتنميتها المنشودة.
ما نتمناه من حكومتنا؟ ان تتوقف عن تطبيق سياسة "الإباحة المطلقة" فلا نريد رؤية تداعيات اخرى تزيد من حجم الضرر، حتى لا يتحول ذلك التساهل المسبب لتلك الفوضى الى حق مكتسب لهؤلاء لمجرد ان الدور التشريعي والرقابي للحكومة قد قصّر في ذلك الإتجاه، وأقل ما يمكن طلبه من وزارتينا المسؤولتين عن ملف الأحزاب "الداخلية والشؤون السياسية" أن تعتمد ضوابط وإجراءات اكثر حزماً وتنظيماً لتصويب ومعالجة تلك الآثار السلبية، فتدخلها هنا محمود ومرغوب لكونه شأنا حزبيا عاما لا شأنا حزبيا خاصا، لتعيد من خلاله مسيرة التنمية إلى طريقها الصحيح وتمنع دخول الغرباء الفضوليين وتعيد لأحزابنا السياسية هيبتها ووقارها.
العديد من أمناء الأحزاب السياسية (المخضرمين والجدد المؤهلين) باتوا غير راضين تماماً عن تلك المهزلة الحزبية، بعضهم وصف لي تلك الفوضى بانها باتت جزءا من منظومة الفساد العام، البعض الآخر قال لي إنه بات يفتقد لرؤية ذلك المشهد الحزبي الأكثر رزانة وحصافة، وبعضهم الآخر قال لي إنه بات يشعر بالإهانة هو وحزبه من مجرد حضور أي اجتماع عام للأحزاب وشبه لي الحال بانه أشبه برياض اطفال.