في سابقة غريبة تعيشها البلاد ، وفي إشارة واضحة لمحاولة تصعيد الأزمة وتعميق " عدم الثقة " بين الأجهزة وابناء حي الطفايلة وبسبب إصرار أجهزة الأمن على اطلاق سراح كافة المعتقلين ممن يشتبه أنهم شاركوا في المواجهات مع قوات الدرك على خلفية قضية بسطات العبدلي منذ اكثر من شهر ، تصر الأجهزة على الأحتفاظ بثلاثة من أبناء الحي من الشبان الصغار ممن جرى اعتقالهم ليس في موقع الحادث ، بل في مستشفى البشير ، و من بينهم من كان يعالج في المستشفى قبل الأحداث باسبوع .
كل محاولات الوجهاء والنخب في حي الطفايلة لم تفلح في اطلاق سراح الشبان الصغار لاكثر من شهر ، وافشلت الأجهزة محاولاتهم تطويق الأزمة وحلها وطي الصفحة كاملة مع حق الدولة متابعة القضية دون تعسف أو اعتقالات عشوائية كما جرى .
إفشال كل محاولات إطلاق سراح الشبان الصغار التي قادها الوجهاء لمدة تزيد عن شهر ، ومن ثم يجري اطلاق سراح البقية بعد الأحداث بيوم أو يومين بعد تدخل البعض يشير الى وجود مخطط لدى الأجهزة لا يتعلق أصلا بملاحقة المشاركين في الصدام مع الدرك ، فهي تدرك أن لا علاقة للشبان الصغار بتلك المصادمات ، كما انهم لم يكونوا أصلا من أصحاب البسطات ، لكنها سياسة إثارة الفتن بين أبناء الحي بعضهم ببعض وهذا ما لن تنجح به أبدا ، بحيث تقبل واسطة أناس منهم وترفض واسطة أخرين بالرغم من تاريخهم الوطني والأمني الرائد والحساس .
لا عجب في ظل سياسة التهميش التي تمارسها الدولة بحق أبنائها المميزين المنتمين لوطنهم من الشخصيات الكريمة والتي تبوأت مناصب رفيعة في الدولة ان تقبل الأجهزة تدخلات البعض وترفض قبول البعض الأخر !ولا أدري كيف لأجهزة الأمن أن تمارس تلك السياسة وهي التي تواصل طلب دعم أبناء الحي والوجهاء التدخل دوما لتطويق الأزمات التي تجري في الحي أو خارجه أو المساعدة بتسليم مطلوبين وغيرهم والتي ساهم بها الوجهاء الذين ترفض الأجهزة بكل أسف الأستماع اليهم أو احترام مطالبهم ، مما سيدفعهم غدا للتراجع والتزام الصمت وترك الأزمات تتفاعل دون تطويق أو تدخل ، كي تتحمل الأجهزة وحدها مسؤولية الحل بمعزل عن المجتمع المحلي وتتحمل نتائج ما قد يجري .
إن استمرار اعتقال البقية ممن لا علاقة لهم بالمصادمات والتي تهدف الأجهزة من خلاله للضغط على أبناء الحي كي يستمروا في محاولاتهم بغية " إذلالهم وتركيعهم " لن يجدي نفعا ، فأبناء الحي قانعين ببراءة من تبقى في المعتقل ، وإلا ما خرجوا للمطالبة باطلاق سراحهم ومواصلة العمل مع الأجهزة لطي صفحة الحادث .
لن يتوقف أبناء الحي عن المطالبة بإطلاق سراح إخوتهم " المظلومين " والمعتقلين ظلما وجورا " وسيستمر تحركهم سلميا بالرغم من محاولات دفعهم للتصعيد ، كما أنهم لن ينحنوا أمام ما يواجهونه من محاولات تركيعهم ، ولكن يبقى السؤال الى متى سيلتزم أبناء الحي بمسيراتهم السلمية للمطالبة بالافراج عن بقية المعتقلين !