لست أكره تعبيرا بقدر ما أكره تعبير " رأس المال جبان " مع أنه تعبير عالمي، ذلك أنه يحمل تبريرا للجبن، ويصم رأس المال بدل أن يصم أصحاب رؤوس الأموال، وفي الحقيقة نحن اليوم بحاجة إلى رأس مال يتمتع بالشجاعة وليس الحماقة، أي أنه مخطط على نحو استراتيجي مبادر دون حساب الربح والخسارة بمعناه التقليدي!
على الصعيد الوطني لا يجوز أن يقف القطاع الخاص متفرجا على تردي الأحوال المعيشية وتزايد مؤشرات الفقر والبطالة وهو يعرف أنها ليست مسؤولية الحكومة وحدها، وأنها إذا بقيت على هذا الحال فإن نتائجها ستكون خطرا على مكاسبه الحالية، ولذلك فإن الاستثمار من أجل التخفيف من وطأة هذا الوضع هو ربح غير منظور، وحتى لو ترتب على ذلك قدر من الخسارة الآنية، فإنها تتحول فيما بعد إلى ربح يلمس أثره المجتمع كله، إنه نوع من التحرك يضمن سلامة ما هو موجود، ويؤسس لمنهج استثنائي في وضع غير عادي، وعكس ذلك يعني الانسحاب إلى الخلف.
أما على الصعيد الإقليمي، فإن أخبار الحرب التي تسيطر على الأجواء لا تعني أن التجارة متوقفة، إنها على العكس من ذلك مزدهرة جدا، ولكن هناك من يعرف كيف يتاجر أثناء الحرب، وهناك من لا يعرف، وليس من لا يريد، لأن التجارة في تلك الظروف تشمل كل القطاعات وليست الأسلحة وحدها كما يظن كثيرون، فهناك الأدوية والمستلزمات الطبية والمستشفيات، ونحن من أفضل الدول العربية في هذا الشأن، وهناك المواد الغذائية والمنتجات الصناعية والزراعية وغيرها من الخدمات التي يمكن أن نستفيد منها بحكم الجوار، وبما نتمتع به كمنطقة آمنة بكل المعايير، ألم يحن الوقت لكي نفكر ونعمل بعقلية " كسب المعركة " حيث لا يأتي النصر بدون تضحيات!
yacoub@meuco.jo