- اخبار البلد
كل جوار فلسطين، تم تدميره تدريجيا، وعلينا ان نلاحظ ان كل هذا الجوار تم تخريبه وتحطيمه بحروب مذهبية وطائفية وصراعات على السلطة، فوق المواجهات بين الانظمة والثورات، اضافة الى تدمير البنى الاقتصادية والاخلاقية والسياسية.
تأملوا كل جوار فلسطين، واحدا واحدا، وتأملوا حال الشعوب، شعبا شعبا، وابحروا ايضا في هذه الصراعات، وفي بئر من يصب كل هذا الدم؟!.
هذه حالة، لم تأت من فراغ، بل توطئة لاتمام المشروع الاسرائيلي، بهدوء، بشأن القدس والمسجد الاقصى، لان تحطيم البنية التاريخية، يراد عبره الاستفراد بالفلسطيني المنهك ايضا، وعلينا ان نلاحظ اليوم، ان لااحد لديه الوقت للتلفت الى الاقصى، فالكل مشغول بداعش، وبنظام الاسد، وبالصراع على السلطة، وغير ذلك من قصص.
حتى الجيوش العربية، مستغرقة في مهمة اخرى، مواجهة الشعوب، والدخول في حروب داخلية، وتدمير بنى الجيوش، من اجل انهاء اي مؤسسة عسكرية، قد يرثها حكم جديد، يحاول ان يوظفها لعنوان لاتريده اسرائيل.
وسط هذه المناخات، اشتدت مساعي اسرائيل، لتهويد الحرم القدسي، وسرقة الاقصى، فمن سيمنعها اساسا، والكل غارق في الدم، فوق ان الكل رسميا، يريد ان تنهي اسرائيل مخططها بسرعة، وان تريح الرسميين العرب من صداع الاقصى المزمن، ولربما يتمنى بعض الرسميين العرب، ان يستيقظوا وقد تم هدم الاقصى، ليصير الامر واقعا، وينتهي الجميع من هذه المواجهات والازعاج في شقيه الليلي والنهاري.
لكن اسرائيل حالمة، والموت السريري في العالم العربي، ليس دليلا ساطعا على ان المخطط يمكن انفاذه حتى النهاية، وسلامة الاحتلال، مؤقتة، ولايمكن الا ان تأتيهم فاتورة افعالهم، يوم ، سنة، الف سنة، وكل عام يمر، تزداد فاتورتهم ثقلا.
اللافت للانتباه هو هذا الصمت الرسمي في العالمين العربي والاسلامي، فلا نسمع الا التنديد الخجول، ولعل المرء يسأل اذا ماكان اليهود قد اخترقوا اغلب الانظمة العربية والاسلامية الى هذه الدرجة وقامت بتحنيط افئدتهم، وتحويلهم الى اصنام صامتة امام مايتعرض له الاقصى، فالصهينة السياسية، اخطر بكثير من تلك الصهينة العقائدية؟!.
اغلاق الاقصى واعادة فتحه، مجرد بروفة، لاغلاقات اخرى، ومجرد بروفة، تقول للناس انه قد يأتي يوم لايدخلون فيه الاقصى، مقابل دخول غيرهم، واسرائيل تنفذ مخططها عبر الاخضاع التدريجي، لقبول الواقع المقبل، ورهانها في ذلك على عالم عربي مدمر، وواقع فلسطيني مشظى، وتوافق رسمي عربي مع الاحتلال، على حسم كل هذه القصة.
لكن على اسرائيل ان تتأكد تماما، اذا ماكانت مقامرتها الحالية، ولعبتها بشأن الاقصى ستكون مقامرة رابحة، فقد تأتيها من حيث لاتحتسب، العوامل والاسباب، التي تنسف كل مخطط تقسيم الحرم القدسي، او هدم الاقصى.
هي في عز اتكائها على الدعم المادي والروحاني، لمشروعها، من قوى كثيرة، يهودية وغير يهودية، لاتضمن ابدا، ان تتنزل الزلزلة لهذا المشروع، والثقة المطلقة بأن الارض والسماء، معهم، ثقة لاتعبر الا عن غياب البصيرة، لان لله ارادة وميقاتا.
الاقصى بات ملفا يؤرق الانظمة في العالمين العربي والاسلامي، لانه يكشف عورات الجميع، ولربما لسان حال اغلب الانظمة يقول سرا: ليت اسرائيل تهدم الاقصى فتريحنا وترتاح، من كل هذه المواجهات، والكلف والاحراجات، وهي امنية نرى ظلالها في هذا الصمت الذي لايعبر عن ضعف وحسب، بل عن قبول لكل مخططات الاحتلال.
ثم يقولون لنا، اننا امة محمد، واننا لم نخن السماء والارض، واننا لم نخن النبي ولا القرآن، واذا كان كل هذا لايعني الخيانة الكبرى، فما هو معنى الخيانة اذن...؟!.
ما أقذرَ الخيانة في عز ادعاء صاحبها البطولة أو الإيمان!!.