لا يعتقدن أحد انني زعلان من الجهات الرسمية لأن الحالة الجوية لم تجيء كما توقعوا ..لأنها لو جاءت أكثر مما توقعوا لقومنا الدنيا عليهم ..و أطلقنا الآف النكت و سيولا لا تنتهي من التعليقات الساخرة.
ولكن سأتكلم عن الحالة النفسية التي عاشها الأردنيون بانتظار الأمطار الغزيرة والتي قيل أنها لا شبيه لها الا عام 2006 ..وجاءت الأمطار ..وكانت غزيرة في دقائق ..وجاءت الفيضانات فكانت مثل انسكاب كوب ماء على طاولة..
اعترف انني تجهزتُ لاستقبال شتاء مختلف ..شتاء يقودني لسنوات للخلف ..اتذكر فيه شعري عندما كان بلا شيب وكنت بلا سكري وضغط ..بل كنت بلا كرش أيضاً ..شتاء يعيدني إلى شوارع قريتي الكرامة ..فأجلس أراقب المطر الغزير و تغالبني دموعي فأنحب و أنحب ..و شدة البكاء و الذكرى تراني أغامر و أركب سيارتي وأطير طفلاً بريئاً إلى قريتي ..لألحق فيها بقايا المطر الدافئ ..وأقول لكل زاوية : يا زاوية كنتُ هنا ..ومررت من هنا ..وجلستُ هنا ..وبكيتُ هنا ..وضحكتُ هنا ..وتهاوشتُ هنا ..وتصالحتُ هنا ..وتألمتُ هنا ..وشعرتُ بالسعادة هنا ..و دخّنتُ هنا ..و كتبتُ قصيدتي هنا ..وصديقي هنا ..وروحي هنا ..
لكنّ شيئاً من هذا لم يحدث ..وبقيت خزائن ذكرياتي مقيدة بأقفالها إلا من العناوين و المانشيتات المكتوبة فوقها للتبويب و الفهرسة ..
أرجوكم ..اريد منخفضاً على مقاسي ..يستخرج الطاقة الكامنة فيّ ..منخفضاً يوقف الزمن ..بل يعيده إلى الوراء قليلا و كثيراً ..كي أشعر بجودة ذكرياتي ؛ ارجوكم أريد منخفضاً أكثر جودة ..