بصبر المؤمنين انتظرنا التقرير الاول لمرصد مصداقية الاعلام الاردني « اكيد « حول اكثر ظاهرة اثارت غرائز وعقول الشارع الاردني واعني ما اصطلح على تسميته – ذهب عجلون – التي وقع الاعلام الاردني فيها ضحية الشعبوية وانعدام المهنية والركض نحو سرعة البث على حساب الصدقية قبل ان يحسم رئيس هيئة الاركان الرواية النهائية المعروفة للجميع .
التقرير قدم صورة أشعة ولم يقدم تحليلا لما نُشر وما قيل على لسان الحكومة , وعرض الروايات الاعلامية وما قدمه مجلس النواب من خلال لجنة النزاهة والشفافية التي بدورها وقعت اسيرة الشعبوية والرواية المنقوصة في حين مارس النائب مصطفى العماوي الوعي بأثر رجعي وهو يحاول تغطية سقطته المهنية بقوله انه حاول اسناد التكتيم ودعم اخفاء الرواية الحقيقية فقال ما قاله على موقع رم الالكتروني , وكالعادة القى باللائمة على المحرر حسب تقرير اكيد علما انه لم ينف اقواله قبل تصريحاته لمرصد اكيد .
تقرير المرصد يمكن وصفه بأنه مجرد صورة أشعة « x ray « وليس تحليل مضمون او تحليل اسباب السقطة الاعلامية جرّاء تضارب الرواية الحكومية واستعجال الاعلام الالكتروني لجذب قراء جدد او محاكاة رغائب الشارع الشعبي الذي يميل الى تصديق الاشاعة على حساب الحقيقة ويميل الى نفي رواية الجهة الرسمية نتيجة انعدام الثقة في الساسة واحاديثهم .
التقرير افتقد الى تماسك المنهج وذهب نحو الوعظ والارشاد في نهايته وهو يطرح الدروس المستفادة من الحدث , فبدأ بأسئلة منهجية لو اجاب عليها لوصلنا الى تقرير يمكن الاستئناس اليه والوثوق بمخرجاته , اما ان يطرح الاسئلة ويترك الاجابة عليها ويمضي في سردية الاحداث والروايات الرسمية المتناقضة دون الوقوف على تأثير تناقض الروايات على صدقية الاعلام فهذه مفارقة تؤكد ان المرصد ما زال يتهجى دروسه او لا يمتلك قراره , فهو اراد الوصول الى نتيجة بعينها تثبت تسرّع الاعلام وعدم توخيه الدقة وخاصة الاعلام الالكتروني .
المرصد ليس معنيا بإثبات الرواية او نفيها وليس معنيا بإصدار احكام ولكنه معني بالضرورة بكشف البيئة الحاضنة التي تعمل فيها وسائل الاعلام والوصول الى الاسباب وليس قراءة النتائج فجميعنا يدرك نتائج الاعلام غير الدقيق , خاصة وانه في بداية التقرير اكد المرصد ان مضمون تقريره مبني على المتابعة والتقييم فيما قدم التقرير المتابعة فقط وقدم ملخصا لما نشرته وسائل الاعلام واسئلة لو توفرت الاجابة عليها لكان التقرير مدماكا في مراقبة حق الجمهور في المعرفة والتزام وسائل الاعلام والحكومة بهذا الحق .
ما قدمه المرصد من دلائل على نشر المواقع لصور قديمة يستطيع اي هاوٍ ان يقدمها خاصة وان محرك البحث غوغل وفر هذه الخدمة لمتابعيه ومستخدميه وثمة برامج اخرى تستطيع تقديم هذه الخدمة فما استأنس المرصد برأي وزير اعلام اسبق ورئيس دائرة اثار اسبق لتفنيد روايات نشرها الاعلام وكان الاجدى ان يستأنس بتجارب سابقة واراء حول ادارة الملفات الشائكة طالما اختار الاستئناس بالاراء حتى يكون التقرير متوازنا وموضوعيا .
انتقاد المرصد للاعلام وقع فيه المرصد نفسه وهو ينصب نفسه حاكما وليس حكما , للرواية والحدث , فهو اصدر احكاما غير متوازنة رغم تأكيده في بداية تقريره انه ليس معنيا بإثبات رواية الحكومة او نفيها , لكنه مارس دور المحامي في نفي رواية الاعلام وبالتالي كان محاميا للرواية الرسمية رغم انتقاده الخجول لتضارب الروايات الرسمية .
المرصد ضرورة دون شك واداة فاعلة لتصويب الخلل الاعلامي لكنه بحاجة الى ادوات تحليل منهجي ليكون حكما نزيها يقدم التشخيص المرضي وليس صورة الاشعة فقط فهذا دور منقوص ولا يقدم الغاية من المرصد نفسه .