الخطر هو في سقوط الرابطة القومية

الخطر هو في سقوط الرابطة القومية
أخبار البلد -  

مَن كان يتصوّر أن احتمال سقوط اتفاق سايكس بيكو يمكن أن ينشر الهلع في المنطقة. فقد وُصف هذا الاتفاق ، على مدى قرن من الزمن ، بأنه مؤامرة خطيرة رمت إلى تقاسم النفوذ الاستعماري في بلادنا وتحطيم أمل العرب بالوحدة. ولكن الهلع مبرّر والمخاوف مشروعة ، لأن إرهاصات المستقبل في المشرق العربي تهدّد بما هو أدهى وأشد هولاً من التقسيم الاستعماري للبلاد العربية ، الذي تمّ على أساس اتفاقية سايكس بيكو. بل إن المنطقة قد تتعرّض للتفتيت من دون المساس بحدود الدول التي نشأت في ظل الانتدابين الفرنسي والبريطاني. ولا بدّ من تصويب تاريخي لتصحيح خطأ شائع : إن الدول التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى لم تولد بموجب "الاتفاق المشؤوم". اتفاق سايكس بيكو رسم خطاً جغرافياً يفصل منطقة النفوذ البريطاني عن منطقة النفوذ الفرنسي، وترك لكل من الدولتين أن تتلاعب بالجغرافيا في المنطقة التي خرجت بنصيبها. وقد رجعت الدولتان المحتلتان إلى عصبة الأمم، بعد أربع سنوات من "الاتفاق المؤامرة"، كما كان يُسمّى في عصر الرومانسية القومية ، لكي تصادق على إنشاء الدول الجديدة ، في الجانبين البريطاني والفرنسي. واحتفظت بريطانيا وفرنسا بحرية التلاعب بحدود الدول المستحدثة. فرنسا وحّدت سوريا ثم قسّمتها إلى دويلات ثم أعادت توحيدها ، وتنازلت عن قسم من أراضيها لتركيا ، كما أنشأت لبنان ، ثم ارتأت تصغير حدوده للحفاظ على الأرجحية الديمغرافية للمسيحيين فيه ، ولكن محاولات سلطات الانتداب اصطدمت بإرادة موارنة لبنان وبطريركهم ، الرافضين "للتصغير". سقوط سايكس بيكو لا يعني إذاً سقوط الدول العربية التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى ، وتكرّست حدودها في مؤتمر سان ريمو سنة 1920، ومن باب أولى ، فإن زوال حدود هذه الدول أو تعديلها لا يمس جوهر سايكس بيكو. وعلى كل حال، فإن اتفاق سايكس بيكو، بما هو تحديد الخط الفاصل بين النفوذين الفرنسي والبريطاني، سقط أصلاً بزوال نفوذ هاتين الدولتين في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ، واستبداله بنفوذ الولايات المتحدة ، وبدرجة أقل ، الاتحاد السوفياتي. حتى إشعار آخر ، وبرغم فظاعة الأحداث الجارية في سوريا والعراق ، لا خوف على حدود الدول التي نشأت سنة 1920. إن خريطة المنطقة لا زالت دون تغيير منذ ذلك الوقت ، رغم قيام الاردن و دولة الصهاينة فوق أرض فلسطين واحتلالها الأراضي العربية سنة 1967، وبرغم قيام كيان في كردستان وحرب لبنان وأحداث سوريا ونزيف العراق. لم تعترف أية دولة من دول العالم ، في أي وقت ، بنشوء كيانات مستقلة أو بأي تغيير في الحدود. لكن الخوف لا يأتي فقط من تغيير الحدود. فمضامين هذه الكيانات "الثابتة" تتغيّر ، وكذلك أنظمتها ، والعلاقات بين مكوّناتها الإثنية والدينية ، وهنا مكمن الخطر. عرفت دول المشرق العربي ربيعاً صافياً ورائعاً في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي ، تمثل بحركات النضال لأجل الاستقلال في أجواء الوحدة الوطنية التي صهرت كل الأديان والمذاهب ضد الاستعمار. ثم جاءت العسكرة ، وخضوع دول المنطقة ، إلى أنظمة ديكتاتورية بالغة القسوة والدموية ، تعتمد على الظلم والقمع وعلى الهيمنة الطائفية لتثبيت قواعدها. والمشرق يدفع اليوم ثمن تلك المرحلة. المظلوم يثور ضد مَن ظلمه ، ولكنه ، لكي يثأر ، يحمل بيده أحياناً سلاح الظلم والهيمنة. والظالم يحمي نفسه بمزيد من القوة لكي يضمن استمرار هيمنته ، وحتى لا يعود إلى مواقع التهميش والحرمان. الخطر إذاً ليس في سقوط اتفاق سايكس بيكو، الساقط أصلاً ، ولا في تكريس التقسيم القانوني لمصلحة الفئات التي تنسلخ عن الدولة المركزية، لأن أياً منها لن يحظى باعتراف دولي يغيّر الخرائط والحدود. الخطر أبعد من ذلك وأدهى ، إنه في تحوّل الدول ـ الكيانات القائمة إلى أوعية لصراع مذهبي ، يمتدّ أكثر فأكثر في المدى الجغرافي والزمني ، ولا ينتهي. الخطر الداهم هو في سقوط الدولة الوطنية ، التي توحّد أبناءها على اختلاف معتقداتهم. الخطر هو في سقوط الرابطة القومية ، وهي على شفير السقوط. والحل والربط لم يعد بأيدي المكوّنات المحلية بل هو يتطلّب وعياً وقراراً إسلامياً إقليمياً ، يستشرف المصير القاتم ويحاول تلافيه. الحل هو بمبادرة تاريخية على هذا المستوى ، تعيد صياغة الأنظمة على أساس العدالة والمشاركة وتقاسم المنافع وتوزيع السلطات ، وتنهي المظالم ، القديمة والمستحدثة. أما إذا استمرت الدول المؤثرة ملتزمة بالرؤيا الضيقة والرغبة باستعمال الصراع لمصالحها الخاصة ، فعلى الشرق السلام.
بقلم جمال ايوب
شريط الأخبار تسليم 10 مساكن للأسر عفيفة في البادية الشمالية الشرقية رقم قياسي.. 55,410 طلاب وافدين يدرسون في الأردن وزير الزراعة: توفر زيت الزيتون المستورد في الأسواق خلال مدة أقصاها 10 أيام ​ هيئة الإعلام تمنع التصوير أثناء امتحانات التوجيهي من دون تصريح قرار ينتظره ابناء الزرقاء... الخشمان يحل الأزمة من 15 سنة قرار مهم للطلبة المستلفين القروض والمنح - تفاصيل مستشفى الملك المؤسس يجري أول عمليات "كي كهربائي" لتسارع دقات القلب مبنى حكومي بتكلفة ربع مليون ولا طريق له ديوان المحاسبة: مخالفات مالية في 29 حزبا سياسيا المقايضة للنقل تخسر قضيتها الحقوقية امام شركة مجموعة الخليج للتأمين اجتماع غير عادي للصناعات البتروكيماوية بهدف إقالة مجلس الإدارة الحمادين: ديوان المحاسبة حقق وفرًا ماليًا 22.3 مليون دينار خلال 2024 الحكومة: رفع تصاريح الدفن من البلديات على منصة قريبًا شركة لافارج.. استقالة سمعان سمعان وتعيين الوزير الاسبق يوسف الشمالي عضواً في مجلس الادارة المقايضه للنقل تخسر قضيتها مع مجموعة المتوسط والخليج للتأمين "لا معيل لهن الا الله" نداء الى اهل الخير 3 طالبات يدرسن الطب صندوق النقد: قدرة الأردن على سداد الدين كافية ومسار الدين العام يتجه للانخفاض زياد المناصير يستضيف رؤساء الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة.. لهذا السبب سوليدرتي الأولى للتأمين تقيم حفل خاص لموظفيها احتفاء بحصولهم على شهادات مهنية معتمدة خبراء يحذرون من فيروس شديد العدوى حول العالم.. ما تريد معرفته