من حق أي نائب أن يتمنى استمرار البرلمان، وأن يسعى إلى منع حله بكل الطرق السياسية التي يملكها، فالنيابة في نسخها الأردنية الأخيرة، لم تكن إلا تعبيرا عن حالة وجاهة ومخترة يستميت البعض في الدفاع عنها ونيل كراماتها الشخصية.
لكنه في مقابل ذلك، ورغم الظروف التي غيّبت المؤسسة التشريعية عن السياسة والبرامج، لا يحق لأي كان من النواب الخائفين من الحل، أن يقوم باستغلال حصانته ليشتم الجمهور ويرميهم بأوصاف لا تليق ولا تصح.
ما اعتقده أن النائب محمد الكوز حين وصف المتظاهرين بـ(الحاقد والفاسد والنذل والحقير)، كان يريد استفزاز الحكومة وتأليبها كي توقف التظاهر والفعاليات.
وهو بظنه، وظنه صحيح، أن التظاهر والضغط الشعبي أنجز بعض المهام (تحويل قضايا فساد، رحيل الحكومة السابقة) وأنه سينجز مهام أخرى مفصلية هامة، يأتي على رأسها حل البرلمان وتغيير قواعد العودة للجلوس تحت القبة.
شتيمة النائب للمتظاهرين ودعوته إياهم مغادرة البلد والتوجه إلى جسر الشيخ حسين، يجب ألا تمر مرور التسامح، فهذه الثقافة التوتيرية الاقصائية المتهورة، يمكن تحملها على صفحات ردود المواقع الالكترونية لا على منصات دستورية مسموعة الأثر والتأثير.
ما لم يدركه نواب شتيمة المتظاهرين، أن مجلس النواب الحالي محكوم بحله منذ لحظة ولادته، وتمنيت عليهم أن يكونوا أكثر إصغاء لكلمة النائبة المحترمة الجيدة "تمام الرياطي"، حين قالت إن الناس إذا ما اختاروا الشارع للتعبير عن آرائهم فذلك دليل على قصور في عمل المؤسسات الدستورية المعنية.
لسنا مبهورين من ظهور خطاب دعاة ممانعة الإصلاح إلى سطح المشهد، لكننا آسفون على نوعية هذا الخطاب وأدواته عند البعض، فالشتم والبلطجة لن يثنيا عزائم الأحرار عن العمل، فصدورنا صلبة واسعة، حدودها الأردن وآفاقها المصلحة العامة.
ندرك سياسيا أن الإصلاح وإعادة ترتيب الملفات سيضر بالبعض، وأنهم –أي هذا البعض- سيقاوم من اجل إبقاء الوضع على حاله كما هو، بفساده ومحسوبيته وظلمه الاجتماعي.
وعلى ذلك، يستوجب الأمر من كافة القوى الوطنية الحية المنادية بالتغيير والإصلاح، أن لا يردها شتم شاتم ولا كيد بلطجي، فالوطن أغلى وأهم.
أما من شتمنا، فنقول له: "يا نائب لا تسبنا، لا تسب أبانا ولا أمنا"، فهما (أبونا وأمنا) قد ساهموا في الوطن أكثر مما تظن ويخيّل لأمثالك.