بيت الأردنيين: الديوان الملكي العامر ، هو الذراع الرئيسة التي بواسطتها تقوم مؤسسة العرش بتوجيه مؤسسات الدولة لتنفيذ التوجهات الملكية ، التي تترجم الى حد بعيد ، اهتمام وحرص جلالة الملك بشؤون الأردنيين جميعا ، والمهمة الملقاة على الموظف الذي يرأس الديوان الملكي ليست بالمهة العادية ، فدور الديوان الملكي الكبير في توضيب شؤون البيت الأردني ، يتطلب إمكانيات ومؤهلات يجب توافرها في الشخص الذي يرأس الديوان الملكي الهاشمي.
ولسنا نحتاج طويل حديث عن مدى كفاءة وأهلية رمز أردني كالدكتور خالد الكركي ، حيث تضمنت رسالة جلالة الملك ما يكفي من كلام وحقائق ، عن مدى أهلية الرجل ، وأذكر هنا حالات من السجال السياسي والإعلامي حول واجبات وإنجازات وأداء رؤساء الديوان الملكي ، كتبنا عنها في "الدستور" في وقتها ، ولو قمنا بعقد مقارنات بين الأشخاص ومدى أهليتهم وقدراتهم على إدارة شؤون بيت الأردنيين جميعا ، فلا يمكن أن ننجح بتوصيل صورة واضحة لأن لكل مرحلة سياسية ظروفها ، التي تستدعي بل تتطلب وجود شخص بمواصفات ما لرئاسة الديوان الملكي ، لكننا كمتابعين وصحفيين ، نستطيع القول إن اختيار خالد الكركي لهذا الموقع الآن ، هو قرار ذكي وموفق جدا ، وستكون نتائجه ملموسة على الساحة السياسية الأردنية ، في هذا الظرف الحافل بالتحديات السياسية ، والغارق بالتحركات الشعبية ، والزاخر بالملفات الإصلاحية ، حيث يبدو الحوار من أهم أدواته ، والكركي ليس مجرد رجل سياسة ، بل هو رقم وطني ومدرسة تنويرية في فنون الحوار الخلاق.
المساحات الشعبية التي تراجعت فيها درجة الإضاءة ، والمسافات التي تشكلت في ذهنيات بعضهم ، عندما برز قبل أكثر من عامين في الإعلام وفي الساحات النخبوية ، حديث عن اختطاف دور الحكومة كصاحبة ولاية دستورية ، أجرى جلالة الملك تغييرات كثيرة شملت رئاسة الديوان الملكي ، وبقيت هذه الفقرة من التغييرات على حالها ، والتزمت بمسافة ما من الحدث السياسي ، تطبيقا والتزاما بالدستور الأردني ، وتفويتا للفرصة على بعضهم أن (يبيعوا ويشتروا) في موضوع حق الحكومة وولايتها الدستورية ، ولعل هذا يفسر جموح الحديث السياسي الجديد حول مطالبات إصلاحية منفلتة تماما ، ولا تنسجم مع أعراف وتقاليد منظومة الأخلاق والأعراف والحقائق الاستراتيجية في السياسية الأردنية ، وهنا تظهر أهمية أن يكون رئيس الديوان الملكي يتمتع بالقدرة على التنوير والإقناع ، وتقريب الناس والمواقف والآراء ، ويحظى بمحبة الناس واحترامهم ، ويمتلك شهادات عالية في الخبرة السياسية المتدفقة عبر نبض وطني أردني طيب صافْ.
الدكتور الكركي ليس شخصية سياسية كلاسيكية ، ولا يمكن أن تستوعبه أجندة خاصة ، ولديه قناعات سياسية تمسك بها ودافع عنها ، رغما عن موج السياسة الهادر ، ولا يمكن أن ينخرط الرجل في عملية سياسية أو في وظيفة لا تستوعب قدراته وإمكانياته.
تكليف الدكتور الكركي برئاسة الديوان الملكي العامر ، هو تأكيد لما عرفناه عن الهاشميين وعن جلالة الملك عبدالله الثاني ، بأن الاهتمام بالمواطن الأردني وبشأنه يقع في عين الرعاية الهاشمية ، وهو الأولوية الأولى التي تدور حولها الجهود الملكية الطيبة..
الرؤية واضحة ، والإضاءة مناسبة ، ولا مسافة بين الناس وبين بيتهم ، بيت كل الأردنيين ، وحديث التشكيك باعث على الريبة ، ومعبر عن مقدار كبير من خيبة بمطلقيه وبقائليه ، والتزامنا المهني والوطني يحولان دون أن نعلق في "الدستور" على ناقليه.