الحكومات الأردنية شديدة الحساسية تجاه الفقر، وهي تعترف بأن مكافحة هذه الآفة تقع ولو جزئياً على عاتقها، وبما أنها لا تستطيع أن تفعل الكثير بشكل مباشر فإنها تلجاً لإعداد دراسة بعد أخرى لهذه الظاهرة السلبية، مع أن الدرسات تقدم الصورة ولا تقترح الحل.
في الأخبار أن وزارة التخطيط ستقوم بمسح جديد للفقر مرة كل ثلاثة أشهر، إلى جانب قيام دائرة الإحصاءات العامة بدراسة الفقر مرة كل سنتين. والغريب أن نسبة الفقر لا تتحرك صعوداً أوهبوطاً، فلا حاجة للمزيد من الدراسات والمسوح التي تعطي نفس النتيجة.
قد يكون من الظلم إلقاء كل اللوم على الحكومة، فهي تفعل الكثير. كل ما هناك أن ما تقوم به لم يخفض نسبة الفقر في المجتمع، ولكنه حافظ على النسبة وحال دون ارتفاعها.
تقدم الحكومة للفقراء صندوق المعونة الوطنية الذي يدفع رواتب شهرية للعائلات ذات الفقر المدقع التي يعود فقرها لأسباب وظروف خارجة عن إرادتها. كما تقدم الحكومة خدمات التعليم والصحة مجانأً، مما يشكل دخلاً غير مباشر للعائلات الفقيرة ومحدودة الدخل.
إذا كانت الحكومة لا تتحمل كل اللوم من حيث أن مواردها محدودة، وأنها تقوم بما تسمح به هذه الموارد، فإن جهة أخرى يجب ان تشارك في الملامة. ويرى كثيرون أن هذه الجهة هي الفقراء انفسهم أو بعضهم.
يقال في هذه الحالة أن الفقر ثقافة، وأن بعض الفقراء يتقبلون واقعهم، ولا يبذلون جهداً للخروج من دائرة الفقر عن طريق قبول أية أعمال متاحة طالما أنها تدر دخلاً. وإذا كانت البطالة في مقدمة أسباب الفقر فلماذا يجد أكثر من نصف مليون وافد عملاً في الأردن يحقق كسباً مع أن الأولوية للعامل الأردني.
من ناحية أخرى فإن بعض الفقراء يسهمون في تعميق فقرهم عن طريق التكاثر المبالغ فيه، ومن أهم أسباب الفقر ضخامة حجم العائلة الفقيرة حيث يتصرف رب العائلة بدون مسؤولية تجاه المزيد من إنجاب الأبناء الذين يعرف أنه لا يستطيع إعالتهم.
يقول علماء الاجتماع أن الوسيلة الفعالة لمكافحة الفقر ورفع مستوى الفقراء وفتح باب الفرص أمامهم هو التوعية والتعليم والتدريب والتأهيل، فالمتعلم والمهني والمدرب لن يظل فقيرا.