عمان- أجمع محللون على أن الدعم الأميركي المفاجئ للمعارضة السورية المعتدلة بنصف مليار دولار، "يؤشر الى مدى القلق الأميركي من تنامي تنظيم (داعش)، ومن قدراته الفنية والمالية أيضا، بعد الحدث العراقي الجلل المستمر".
واستغرب باحثون أن يكون تمويل المعارضة السورية المعتدلة جاء لغايات "محاربة داعش" بينما لم تدعم أميركا هذه المعارضة لـ"محاربة النظام السوري".
ورأوا أن هذا الدعم الذي وصفوه بـ"السخي"، والذي كانت ترجوه المعارضة المعتدلة منذ أعوام، يدلل مجيئه في هذا التوقيت، على رغبة أميركية بتحويل بوصلة الصراع إلى "صراع طائفي".
الباحث في شؤون الجماعات "الجهادية" حسن أبوهنية، يرى أن أميركا لا يوجد لديها تعريف لـ"الاعتدال"، مشيرا الى ان طلب أوباما من الكونغرس دعم المعارضة السورية المعتدلة، يوضح "مدى القلق الأميركي من تنامي تنظيم داعش".
ورأى أبو هنية أن هذا الإعلان يشكل دعما نوعيا لهذه الحركات، مبديا استغرابه من تمويل المعارضة المعتدلة لغايات محاربة "داعش" فيما تساءل: "لماذا لا يتم دعم هذه المعارضة لمحاربة النظام السوري الذي يقتل أضعافا مضاعفة من أبناء شعبه"، واصفا هذا الأمر بـ"أسخف شيء ممكن أن نسمعه".
كما رأى أن أميركا "تريد من المعارضة المعتدلة أن تطرد (داعش) من سورية، وأن تطاردها في العراق نيابة عنها" معتبرا في هذا الصدد، أن "مهمة ثوار سورية ليست مقاتلة (داعش) بل محاربة النظام السوري نفسه".
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أكد قبل أيام أن المعارضة السورية المعتدلة "يمكنها طرد مسلحي (داعش)"، وذلك خلال لقائه رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا في السعودية.
إلى هذا، وفيما تساءل الباحث في شؤون الحركات الإسلامية مروان شحادة، عن ماهية "الحركات المعتدلة في التصنيف الأميركي"، فإنه يبدي استغرابه من أن أميركا التي كانت تردد دائما أنها "لا تجد حتى الآن حركة معارضة سورية معتدلة"، سارعت حاليا، وبعد أن قويت شوكة (داعش) في العراق إلى إرسال الأموال لمعارضات سورية تصفها بـ"المعتدلة".
ويستمر شحادة في التساؤل: "هل هذه الأموال للتسليح أم للعمل الاغاثي، وإن كانت للتسليح فكيف ستدخل ولمن ستعطى؟".
ورأى أن أميركا اعتادت دائما على استخدام ذريعة أنها "لا تريد أن تصل المساعدات إلى حركات متشددة"، متهما إياها بأنها "كانت تحاول إدانة الحرب في سورية، بينما هي تعمل على تفكيك المجتمعات العربية، وبالتالي تحويل بوصلة الصراع في سورية إلى طائفي".
وحول توقيت إعلان هذا الدعم، اعتبر شحادة أن أميركا "صعقت من إنجازات (داعش) في العراق، وهي لا تريد ايضا خسارة المعارضة السورية، لذا فإنها تريد الآن دعم المعارضة المعتدلة التي تواجه (داعش)". ويضيف: "بعد ان كان موقفهم موقف المتفرج وليس الفاعل في سورية، فإن قدرات (داعش) الفنية والمالية، جعلت الأميركيين لا يريدون انتقالها إلى سورية".
بدوره، اعتبر محلل سياسي متخصص بالشأن السوري، أن (داعش) هو "تنظيم يزداد قوة بعد حصوله على أسلحة لدرجة أن بعض قيادات جبهة "النصرة" أصبحت منضمة تحت لوائه".
وأشار المحلل الذي فضل عدم ذكر اسمه إلى مخاطر اأخرى، منها ما سماه "التداخل في العراق بين العشائر السنية و(داعش)"، مدللا على ذلك بقوله إن الطيران السوري يقصف (داعش) في العراق ولا يقصف هذا التنظيم في سورية، فيما خلص إلى أنه "ليس من مصلحة المعارضة السورية التورط في المستنقع العراقي".
وكان أوباما طلب من الكونغرس الخميس الماضي، بعيد سيطرة مسلحي "داعش" على عدة مدن وبلدات في العراق، تخصيص مبلغ نصف مليار دولار لتدريب وتجهيز ما تسميه الولايات المتحدة "المعارضة السورية المعتدلة". وتعد هذه الخطوة الأميركية هي الأكبر من نوعها لدعم القوى التي تسعى للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الاسد، منذ أكثر من ثلاثة أعوام.