أخطر ما في الاعلام، ليس إن كان موجها، ام يحمل أجندة خاصة، ام ايدولوجيا، ام ناطقا بلسان دولة ما، ام حزبا، ام تجارة.
أخطر ما في الاعلام اذا هبطت لغته، وبدأ استخدام لغة سوقية، اتهامية، فضائحية، تثير الغرائز، وتغتال الشخصيات.
على شاشات بعض الفضائيات تم تدمير مفهوم الحوار، واخذ بعض المحاورين ضيوفهم الى مساحات اخرى ليس لها علاقة في اختلاف وجهات النظر، او التمترس وراء رأي معين، الى لغة الاتهام والتخوين، للوصول الى المشاجرات بين الضيفين على الهواء مباشرة.
في الفترة الاخيرة شاهدنا ضيوفا على شاشات فضائيات عربية ومحلية، يتشاجرون بالكلمات النابية، الى أن تصل الحال الى الضرب بالايدي، وقلب الطاولات.
كل ما يجري في وسائل الاعلام يحتاج الى تحكيم منظومة الاخلاق اكثر قليلا، والى تفعيل ميثاق الشرف الصحافي والاعلامي على الاقل لحماية المستمعين من لغة هابطة، فضائحية، سوقية بدأت تغزو بعض الفضائيات.
يختلف الناس كثيرا مع فضائية «الجزيرة»، ومع اجندتها الخاصة في عدة مواضيع، في تعاطيها الاعلامي مع القضية السورية، وفي وقوفها مع جماعة الاخوان المسلمين، وفي معالجاتها لبعض المواضيع الخليجية، وفي تسخينها لبعض الملفات العربية على حساب ملفات اخرى.
كل هذا وغيره يحتمل وجهات النظر، وادارة «الجزيرة» تعرف ماذا تريد، وتقرر وحدها الخط المهني والسياسي، لكن أن تهبط اللغة في فضائية كبيرة بحجم «الجزيرة» الى لغة ونكات ساقطة فهذا لا يحتمل وجهات النظر، ولا اعتقد ان الادارة القائمة على هذه الفضائية الكبيرة تقبل بذلك.
أحمد منصور، الاعلامي واسع الانتشار، والمحاور الصعب في فضائية «الجزيرة»، والاخواني المتحيز لحكم الاخوان في مصر، صاحب اشهر برامج الحوارات الطويلة والقيّمة، «بلا حدود»، انزلق في عدائه للرئيس المصري المنتخب عبدالفتاح السيسي الى حوارات بلغة هابطة مع ضيوف من مصر، وصلت به الحال الى استضافة الاعلامي المصري الجديد على الفضائيات المصرية، الذي كان مختصا بمتابعة اخبار الفن والفنانين، سامي كمال الدين، في حوار، اعتقد منصور انه خفيف الظل، ويضرب في عمق السيسي.
كمال الدين، نقل نكتة بلغة هابطة ألبسها للمشير، تقول النكتة على لسان سامي وعلى شاشة فضائية «الجزيرة» مباشرة، ان المشير السيسي «حلم ذات يوم انه يضع يده على فخذ المطربة هيفاء وهبي، فجاء بشيخ الازهر علي جمعة في اليوم التالي، وروى له الحلم وما حصل معه، فقال له الشيخ: سيادة الرئيس اي يد لمست فخذ هيفاء الشمال ام اليمين، فقال له السيسي: وبماذا تختلف الحال؟ فقال له جمعة: علشان عايز انا ابوسها كمان….».
هذا جزء بسيط من حوار طويل لم يتمالك منصور نفسه والضيف الآخر باكوس من الضحك كثيرا وبشكل هستيري، بفضل نكات كمال الدين، لكن هل هذه هي «الجزيرة»، وهل هذا هو خط الاخوان الاعلامي الجديد.؟!