الجهود التي يبذلها وزير العدل الليبي المستقيل وعدد من المسؤولين السابقين الذين انضموا للثورة بتشكيل حكومة مؤقتة في بنغازي تكتسب أهمية متزايدة في هذه المرحلة التي تشرف فيها البلاد على حرب أهلية لا تبقي ولا تذر ... سيمان وان الزعيم المتشبث بالسلطة رغم بقائه ٤٢ عاما في سدتها يستخدم المرتزقة الأفارقة للقضاء على ابناء شعبه ويوزع السلاح على ابناء العشائر لتتحول ليبيا الى نيران ملتهبة ...
مشكلة الثورة الليبية كسابقتيها ثورتي تونس ومصر انها بلا قيادة ... فهي حركة عفوية وانتفاضة شعبية عارمة ضد نظام التسلط والاستبداد قام بها الشباب على اختلاف ميولهم وتوجهاتهم السياسية ... ونظرا لانعدام القيادة لهذه الثورات فقد اضحى مصير ثورة تونس بيد الحكومة المؤقتة التي يترأسها الغنوشي ... فيما اضحى مصير الثورة المصرية بيد حكومة شفيق ... علما بأن شفيق والغنوشي ينتميان للعهدين البائدين في مصر وتونس ..
الثورة الليبية التي انطلقت في الشرق والغرب كانت كسابقتيها في تونس ومصر شعبية عفوية اشبه بالانتفاضة الا انه خلافا لثورتي تونس ومصر اللتين بدأهما الشباب فقد شارك الشعب الليبي بكل اطيافه وقطاعاته في الثورة من شباب ونساء واطفال ووزراء ومسؤولين وقادة عسكريين استقالوا من مناصبهم وانضموا للثورة !!!
على ان ابرز يما يميز الثورة الليبية ... سفراء ليبيا ودبلوماسيوها في الخارج الذين انشقوا عن سلطة القذافي وقدموا استقالاتهم او اعتبروا انفسهم ممثلين للشعب الليبي وذلك لأول مرة في تاريخ الثورات العربية ومن ابرز الذين استقالوا مندوب ليبيا بالأمم المتحدة وزير الخارجية الأسبق عبد الرحمن شلقم الذي عرف بدفاعه عن القضايا العربية العادلة وخاصة القضية الفلسطينية وبقية اعضاء البعثة وسفراء ليبيا في الهند والاردن وبريتوريا وغالبية دول العالم...
الجهود المبذولة حاليا لتشكيل حكومة مؤقتة خطوة متقدمة على طريق استتباب الأمن في ليبيا وتوحيد البلاد وابعاد شبح التقسيم الذي لوح به القذافي وتوحيد طاقات الثورة وامكاناتها المتاحة لمواجهة عمليات الكر والفر التي نقوم بها كتائب الأمن التابعة لملك ملوك افريقيا واعتداءاتها على مختلف المدن الليبية مثل صبراته والزاوية ومصراته وتحريرها من اتباع القذافي من كتائب الأمن والمرتزقة ...
فشبح التقسيم ما يزال ماثلا للعيان .. لا سيما وان بعض المناطق الليبية لم تحسم موقفها حتى الآن ما اذا كانت موالية للثورة ام للزعيم .. ومن هذه المناطق سرت التي ينتمي اليها القذافي وتتواجد اعداد كبيرة من قبيلته فيها وسبها في الجنوب التي يعيش فيها بعض افراد القبيلة ... علاوة على عدم استقرار الوضع في طرابلس والمناطق المحيطة بها ..
فاقامة حكومة مؤقتة او مجلس وطني يضم ممثلين عن كافة المناطق الجغرافية في ليبيا من شأنها توحيد جهود الثوار تحت قيادة واحدة لتحرير بقية الاراضي الليبية ونشر الأمن والاستقرار في ربوعها والقضاء على جيوب العبث والفساد التي يقوم بها المرتزقة من كتائب القذافي ... علاوة على تسهيل وصول المساعدات الانسانية الى ليبيا من ادوية واطباء وتجهيزات يعتبر الشعب الليبي بأمس الحاجة اليها في ضوء تزايد اعداد الجرحى والمصابين وعدم استيعاب المستشفيات لهذا العدد الهائل الذي يتزايد يوما بعد يوم جراء المجازر التي يقترفها القذافي وكتائبه ومرتزقته ضد ابناء ليبيا الاحرار !!!