تسلقنا سوركِ العالي.. وانتصرنا!

تسلقنا سوركِ العالي.. وانتصرنا!
أخبار البلد -  

 

متسمّرة أمام شاشة التلفاز، أراقب الجدران الشاهقة كيف تتمزق..

أرى الرصاص الحي يخترق صدور الفتية الأحرار.. حينها اخترقتني رصاصة الذكرى..

عدتُ إلى المرحلة الابتدائية، يوم طلبت معلمة التربية المهنية من طالبات الصف جلب "جرار" فخارية للرسم عليها وتلوينها لتصبح في النهاية تحفة يتم عرضها في أروقة المدرسة..

وقفت في ذلك اليوم واقترحت على المعلمة أن أجلب قطعا مختلفة من الأحجار لأصنع منها تحفة أخرى تختلف عن تلك التي طلبتها، لأنني أحسست وقتها بحبي لعمل شيء مغاير ومميز، وكنت متأكدة من أنه سيعجب المعلمة وزميلاتي..

لم أنس آنذاك جواب المعلمة: "اقعدي مكانك وما تعطي رأيك واحتفظي باقتراحاتك إلك، كل اللي في الصف بدهم يشتغلوا على نفس شكل الجرّة اللي أنا طلبتها، وما تطلعولي بابتكارات وأفكار تانية، وما بدي حدا يكون غير عن التاني، وكلكم بدكم تسمعوا الكلام. فاهمين أو بخسفكم بالعلامات!".

جواب معلمتي جرحني، وفي الوقت نفسه، قالت لي زميلة لي في المدرسة إنها أيضا لا تحب الرسم على الجرار، وإن بحوزتها فكرة أخرى مميزة، لكنها اضطرت للاحتفاظ برأيها لنفسها خوفا من غضب المعلمة!

ولأنني مجبرة، فعلت ما طُلب مني تماما.. رسمت على الجرة بطريقة جميلة ومميزة، لكنني لم أستطع أن أحب هذه الجرة أبدا، لأنني لم أنجزها بشغف، وقمت بصناعة التحفة الأخرى التي اخترتها أنا في المنزل، وما أزال محتفظة بها حتى الآن..

تلك قصة بسيطة حدثت معي، ولكن حتى الآن لم أستطع نسيانها بل بقيت راسخة في ذاكرتي، فبداية حرية الاختيار ربما تكون بأمر بسيط هو قرارنا الذي نريد، ويرافقنا حتى نختار طريقة حياتنا بالاتجاهات التي نبتغيها، وإلا سيكون الإنسان عاجزا حتى عن اختيار بيته الذي يرغب بالعيش فيه..

المشكلة أننا لم نعتد حرية الاختيار منذ نعومة أظفارنا، فكل شيء كان يفرض علينا.. بدءا من أبسط الأمور وصولا إلى أعظمها، وهي أشياء لم نستطع أن نعبر تجاهها عن آرائنا التي بقيت مكبوتة في دواخلنا، لأننا نخاف أن نفصح عنها، إلى حين بتنا على يقين أن قرارات الآخرين بالنيابة عنا، هي حريتنا واختياراتنا.. يا للكارثة!!

سمحنا للآخرين بانتهاك حريتنا والتدخل في حياتنا.. وعانينا من كبت ومنع وفرض والتزام من قبل المؤسسات التربوية كافة؛ في البيت هناك أوامر يصدرها الكبار وعلى الجميع تطبيقها من دون سماع وجهة النظر الأخرى؛ في المدرسة على الطلبة استيعاب كل ما يقوله المعلم من دون أن يعطي رأيه، وإلا اعتبر خارجا على (القاعدة)!

ولكن، نحن الآن أمام جيل جديد يكبر بطريقة مختلفة، ويتحدى كل العواقب التي كانت في طريقه.. جيل لديه تفكير خاص يوجهه لاتخاذ القرارات التي تناسبه في حرية الاختيار في مجالات الحياة كافة..

الإنسان حينما يتمرد على القيود التي تكبل رأيه وفكره يصبح حرا، وحينها يكون عقله مقاوما لخوفه.

الحرية التي تأتي بوحي من الإرادة والالتزام بالمسؤولية ودونما أي ضغوط، تكون بالتأكيد ضمانة للإبداع والحياة الكريمة المغلفة بالشجاعة..

أتذكر "جرّة" الخزف التي أجبرتُ على صنعها، وتلك التي ابتكرتها يداي الحرتان وخيالي الطليق. الجرة الأولى، أقصد جرة المعلمة المتجبرة صنعت تمثالا سرعان ما ذوّبه النسيان. أما الجرة التي وهبتها أنفاسي فظلت تنطق بالجمال والألق.

في مصر، صنع الشباب خزفهم الخاص، وفي تونس حطموا أصنامهم.. وها هم أولاء في ليبيا يلهمون الشعوب أن النصر صبر ساعة، وأن جدارية الآلام لا بد أن تتعمد بالدحنون.

أيتها الحرية..

يا سيدتي النبيلة..

شكرا لأنك حررت أرواحنا من القيود

شكرا لأننا تسلقنا سورك العالي.. وانتصرنا!

 

شريط الأخبار الاتحاد الأردني لشركات التأمين يختتم أعمال البرنامج التدريبي الأخير ضمن خطته التدريبية لعام 2025 "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025 استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد مراسم الاستقبال الرسمي لبوتين أمام القصر الرئاسي في نيودلهي (فيديو) حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غداً وفيات الأردن اليوم الجمعة 5/12/2025 "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026! وزير العمل: شبهات اتجار بالبشر واستغلال منظم للعمالة المنزلية الهاربة اتفاق أردني سوري لإنعاش الأحواض الشمالية قريبا هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد حماس: نتوقع حدوث محاولة اغتيال في دولة غير عربية انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما دون 76 روبلا للمرة الأولى منذ 12 مايو 2023 آخر موعد للتقديم على المنح والقروض من "التعليم العالي" وزارة اردنية الافضل عربيا من هي ؟