يتطلّب الأمر متابعة نشرة أخبار واحدة، ليعرف المرء أن ما يسمّى بالربيع العربي أعاد العرب الى عصور الجاهلية، حيث الشعوب والقبائل لم تخلق لتتعارف، بل لتتعارك لأوهن الأسباب، ودون هدف سوى تكريس الهمجية، وتعميم القتل المجاني.
مدن سورية كاملة سوّيت بالأرض، والخراب يعمّ ليبيا، ولم يخرج العراق من الدمار إلا ليشهد كل يوم عشرات القتلى، وشوارع الخرطوم مهددة باشتباكات تُنذر بحرب أهلية، وليس هناك هدف يمني بعيداً عن متناول الفوضى والإرهاب، ولا تنتهي بؤرة توتر لبنانية حتى تظهر اخرى، وتعلن السعودية عن عشرات الخلايا الإرهابية.
ومصر تعيش انتخابات بطعم الاستفتاء وعلى وقع اغتيالات وقنابل وتفجيرات، وتونس تستقبل شبابها العائدين من سوريا وخوفها كبير من انهم يحملون معهم فكرة الجهاد في بلادهم، ويتطلب الامر ان نضع خريطة العالم العربي لنستطيع تذّكر مواقع الخراب الأخرى.
العربي إما قاتل أو مقتول أو مشروع قتيل أو مُهجّر أو مهاجر أو لاجئ، ومع هذا كله فالمزايدة الوطنية هي القاسم المشترك بين الجميع، وأغنية بلاد العرب اوطاني الاكثر انتشاراً، ولا نظنّ أن عصور الجاهلية كانت أسوأ من هذا الزمان الرديء.