يا ابن بلدي من اين لك هذا

يا ابن بلدي من اين لك هذا
أخبار البلد -  
قد يكون من العجب ان تجتمع المتناقضات في بلد واحد أو في مجتمع واحد او حتى في اسرة صغيرة ولكن من العجب العجاب ان تجتمع تلك التناقضات في بلد يخشى من انّ ضياعه سيكون في تلك التناقضات ولكن في نفس الوقت يعتقد بعض اهله ان نموّه ورخاؤه في توفّر تلك المتناقضات .
لعلّ شحّ الماء والمال هما التحدِّيان الأكبر الذي يواجههما الوطن الأردني .
ولعلّ الهدر المائي والفساد المالي هما من اهم التحدّيات التي لم تستطع الحكومات المتعاقبة على إيجاد حلول جذريّة لهما بالرغم من الاستراتيجيات والخطط والوعود البرّاقة التي تضعها الحكومات من خلال الرد على خطاب العرش او كتب التكليف السامي .
الاردن الذي يعدُّ من افقر عشر دول في العالم مائيّا يعاني منذ عشرات السنين من تغوّل المتنفذين في هدر مياهه الشحيحة من خلال عدم دفع قيمة المياه المستهلكة او الاستخدام الجائر لمياه البرك او الحدائق او حفر الآبار الجوفيّة الخاصّة وغيرها من الاساليب غير الشرعيّة لهدر المياه وقد حاولت الدولة مرارا مكافحة تلك الجرائم بلا طائل لأن المجرمون اقوى من الدولة ذاتها او هم منها وتحاول الحكومة الحاليّة اتخاذ خطوات عمليّة بذلك الآن .
أمّا عن هدر المال فالعجب العجاب فحين ترى الكثير من المواطنين يستجْدون بقايا الطعام لندرة المال وترى الكثير الكثير من العاطلين عن العمل يستوطنون المقاهي الرخيصة للإكتفاء بإستكانة شاي يقضون فيها اوقاتهم بلعب الورق او الحديث عن الفقر واحواله او آخر الاحداث الامنية والعربية او طرح الحلول لإرجاع فلسطين كذلك ترى طبقة من الموظفين في القطاعين العام والخاص ممن رواتبهم تزداد ببطأ شديد وتتآكل بإضطراد مريب نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة المخيف .
وفي الجهة الاخرى ترى شبابا يرتادون المقاهي والملاهي على اختلاف احوال ذويهم الماليّة فمنهم ابن الفقير والغني والوزير سواسية يلبسون ثوب النفاق والتقليد وعدم المسؤوليّة وحب اللهووالفرفشة والتطنيش ,وكذلك ترى تجمّعات من الموظّفين الكبار في المنصب والمنتفخة جيوبهم بالرواتب والإمتيازات وكثرة السفر والمياومات تراهم في المقاهي الراقية يلعبون الورق والزهر وكل منهم يشكوا لرفاقه احقّيته في منصب وصل اليه فلان او مكرمة حصل عليه علاّن والكل ايضا يشكوا من قلّة المال ومشاكل العيال وغلاء الأسعار إضافة لحديثهم عن مزارعهم الخاصّة ومغامراتهم النسائيّة خلال رحلاتهم الرسميّة .
ومن الغريب انك لا تجد في الاردن فروقا في الآمال والآلام بين الغني والفقير او بين الوزير والغفير مع ان الفرق بين دخليهما شاسع وان الفرق بين ظروف عيشهما لا حدود له ولكن كلاهما يشكوا وكلاهما يحلم وكلاهما يحيا في نفس الوطن وكلاهما غير مرتاح وكلاهما لا يعرف سبب عدم راحته وسبب صداعه المزمن والمستمر .
نحن من يسرق مياه شربنا ويلوّثها في نفس الوقت الذي نلعن الزمن والعياذ بالله الذي جعلنا نشتري قوارير المياه ونحن الذين نسرق حقوق بعضنا ونقبل ان يأخذ الوزير اضعاف اضعاف ما يكفي عيشه الكريم على حساب الفقير والجائع والمريض واصحاب الحاجات الإنسانيّة ونحن من جعل الحكومات تستقوي علينا وجعل الفاسدون اسيادنا والغرباء يتولّون إرشادنا ومن لا يسمعوننا نوّابنا .
السنا نحن من ترك دكّان الحارة ليتسوّق من المول السنا نحن من نسي ان يدّخر قرشه الابيض ليومه الاسود ظانّين ان القروض من البنوك هي الحل وان حمل بطاقة الإئئتمان اسهل من حمل حرِّ مالنا .
نسينا او تناسينا اننا نشارك الفاسدين في زيادة مديونيّة البلد إلى اكثر من واحد وعشرين مليار دولار واننا نفاقم هذه المديونيّة بإستمرار من خلال نفقات كماليّة وتقليد اعمى في طرق عيشنا مبررين لأنفسنا التطور التكنولوجي ورتم الحياة السريعة وتحسّن وسائل السفر والتنقّل فبتنا سيّاحا دون تجهيز وثقافة وتعوّدنا ان تنام في بيتنا خادمة تأتي من اقاصي الدنيا لتخدم أسرا لا تحتاج لذلك .
بات الموظّف يختار التقاعد المبكّر ليسرق وظيفة شاب في مقتبل عمره ليحصل على راتب آخر إضافة لراتبه التقاعدي ويحرم ذلك الشاب من تكوين نفسه مما يجعل الشباب يفكرون بالهجرة والإغتراب وراء لقمة العيش الكريم .
السنا نحن من نستمتع بالإصغاء لفلان وهو يشتم الحكومة وافرادها ويحدّثنا عن فساد الكبار وخباياهم وعن بطولاته في المعارضة والحراك الشعبي وفي نهاية الشهر يقبض المعلوم من المخابرات حتى ان الفرد اصبح في داخله يشك في اهل بيته انهم مخابرات او لهم اتصال مغ الدائرة .
وعندما يتناقش المواطنون في شأن وطنهم تكون حجج المتفائلين منهم :
اولا ان معظم الدول فيها فساد حتى الدول المتقدّمة والعظمى منها .
وثانيا ان وضعنا افضل بكثير من الدول العربيّة الاخرى خاصّة دول الجوار .
وثالثا ان بلدنا لم ينزلق كبقيّة دول ما يسمى بالربيع العربي ولم تُرق فيه الدماء .
ورابعا ان الدول الكبرى لا تريد ان تعم القلاقل في بلدنا لاهمّيته لاستقرار المنطقة والدور الذي يمكن ان يلعبه في عمليّة السلام في المنطقة .
وخامسا ان الدولة الاردنيّة باشرت خطوات إصلاحيّة تلقى قبولا شعبيّا .
وقد نسي هؤلاء المتفائلين ما نحن فيه من همِّ وطني يتمثّل في :
اوّلا ان الفساد استشرى واصبح يطال شريحة كبيرة من المجتمع بل واصبح ثقافة مقبولة ومبرّرة لدى الكثيرين وهذا تدمير لبنية المجتمع وقيمه .
ثانيا إنّ وضعنا بالتأكيد هو افضل حتّى الآن من كثير من الدول العربيّة إقتصاديّا وأمنيّا وتنمويّا ولكن تلك الدول كانت كذلك قبل اشهر او سنوات قليلة قبل ان يأتيها الطوفان على حين غرّة .
ثالثا إنّ اعاصير الربيع العربي وبحمد الله وحكمة القيادة لم تغزونا كما غزت بلدانا عربيّة اخرى واراقت الدماء وخرّبت الديار وكانت اثارها طفيفة بل إيجابيّة في معظم الاحوال حيث اوجدت الخوف لفترة لدى الموظّف والفاسد قبل ان ينتعشوا مجدّدا ولكن حتّى تلك الدول التي لُعنت بالربيع لم تكن ولم نتوقّع ان يكون الدمار فيها ماحقا كما كان بفضل التدخّل الأجنبي والطمع في الحكم من اهل الثورات انفسهم .
رابعا أنّه لا يؤمن جانب الدول الكبرى في محبّته لبلدنا وقيادته حيث أنّ مصالحه تغلب على كل حبِّ وصداقة وهو مستعد لقلب اي معادلة من اجل ذلك أمّا إعتقاده بدور الأردن الإيجابي في اي عمليّة سلام قادمة فهو يعتقد ان بإستطاعته شراء ذلك بالفتات من المال في ظلّ التفكك العربي والحقارة الصهيونية خاصّة في ظل اوهامها بالوطن البديل ورفع الوصاية الهاشميّة عن القدس ومقدّساتها إضافة لحالات المماحكة المتكرّرة ضد الاردن .
خامسا وبالرغم من الرغبة الملكيّة الأكيدة بإستمرارية عملية الإصلاح والتي بدأت بالدستور نفسه والانتخابات النيابية والبلدية وتأكيد النزاهة والشفافيّة وغيرها إلاّ أنّ الحكومات ميّعت تلك الإرادة بل وجعلتها وكأنّها عبأ على المواطنين من خلال إستمرار الفجوة الكبرى في المداخيل والشلليّة في التعيينات خاصّة العليا منها واستمرار رفع الاسعار وتمييع قرارات مجلس النوّاب والإخفاقات الأمنيّة العديدة والمشاجرات العشائرية والاجتماعية والطلاّبية المتكرّرة وغيرها بحيث ازاغت الحكومات انظار الناس واهتماماتهم الى لقمة الخبز ومتابعة مسلسلات الشجار إضافة للمسلسلات التركيّة ودراما الربيع العربي .
لذلك قبل ان نضع اللوم كلّه على الحكومة والفاسدين ونطالبهم بتوضيح من اين لك هذا يجب ان نسأل انفسنا من اين لنا هذا من مال وهمي نبذخه هنا وهناك وهل كل مداخيلنا حلالا وإذا كانت كذلك فأين جرأتنا في كشف الحقائق وعدم التلبّس على انفسنا واقاربنا ومعارفنا من الفاسدين وممّن يصلون للحكم بغير ذي وجه حقْ .
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة وهيّأ له المخلصين من اهله للرشاد وتحقيق امانيه .
احمد محمود سعيد
13 / 5 /2014
شريط الأخبار صرافون: 5% خسارة الشيكل من سعر صرفه أمس وفيات الاردن اليوم الخميس 3/10/2024 أول هجومين الخميس.. حزب الله يعلن استهداف تجمعين لقوات الاحتلال بلبلة كبيرة في إحدى المستشفيات.. جراح يجري عملية بسكين طعامه لماذا الحوار حول رفع الحد الأدنى للأجور يا وزير العمل.؟ فتى "المنسف" و"القهوة" يعتلي قمة قارة آسيا أجواء معتدلة في أغلب المناطق اتحاد عمال الأردن: رفع الحد الأدنى للأجور لـ300 دينار على الأقل "أصبح حقا وجوبيا" وزير الخارجية: وقف التصعيد يبدأ بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان ما قصة صواريخ الكنافة التي أطلقها النائب الظهراوي في الزرقاء؟.. فيديو افتتاح أول مشروع لتوليد الكهربـاء باستخدام الغاز الأردنـي غدا الخميس حزب الله: فجرنا عبوة ناسفة في قوة للاحتلال وأوقعناها بين قتيل وجريح الشرق الأوسط للتأمين تقر بياناتها وتوزع أرباحاً نقدية على مساهميها بنسبة (7%) القدس للتأمين تعقد اجتماعها العمومي وتوزع أرباح بنسبة 10% على المساهمين ذياب: الضربة الإيرانية أصابت إسرائيل في مقتل وأعادت الاعتبار لمحور المقاومة وأخرجت الناس على الشوارع فرحًا النمري: الضربة الإيرانية على إسرائيل "مجرد رفع عتب" ولم تحقق أي أهداف حقيقية "الثأر لدماء الحبيب هنية".. ما كُتب على الصواريخ الإيرانية قبل انطلاقها نحو مدن الاحتلال - فيديو آفاق للطاقة تعيد تشكيل لجانها الداخلية .. اسماء العبادي: "إيران تصفع نتنياهو بـ 180 صفعة وترفع معنويات الناس" الجيش الإسرائيلي يعترف: قواعدنا العسكرية والجوية تضررت جراء الهجوم الإيراني