في الوقت الذي تعكف فيه فعاليات سياسية على تحضير اوراق لطاولة الحوار المرتقبة ، تستمر نشاطات شعبية وسياسية في الحوار التظاهري ان جاز التعبير وهو حوار في النهاية هدفه الوصول الى طاولة الحوار التي تصنع الاصلاح والتغيير المنشود وها نحن وصلنا فلماذا التظاهر ؟
سؤال ليس بديهيا او محبطا بل سؤال منهجي غايته وضع قاطرة الحوار على سكة الوصول الى نهايات توافقية يبدأ بعدها العمل الوطني لتنفيذ البرامج المتفق عليها على طاولة الحوار وتشكيل قوى ضاغطة تفرز تطبيقا عادلا ونزيها للاصلاحات المنشودة فالقوانين الجيدة اذا لم تطبق بجدية ونزاهة تخسر مبتغاها واهدافها .
ما يجري الان من حراك شعبي يدفعنا الى طرح اسئلة اشكالية مشروعة عن وجود اهداف مخفية في التظاهر على غرار مطالب حزبية او جماعية لافراد توافقوا على تنفيذ مصالح حركية وحزبية لا يستطيعون جمع توافق عليها فلجأوا الى الاستمرار في التظاهر لغايات اثبات الحضور والتواجد ، وايصال رسائل للحكومة ولمراكز ثقل في الدولة تذكرها بما طالبت فيه في الحوارات الثنائية والمغلقة .
التظاهر في النهاية له غرض مثل كل الحراكات الشعبية فما هو الغرض من التظاهر بعد ان استجابت الدولة لكل المطالب وبدأت فعلا في خطوات انتاج مفاعيل العمل القادمة وبدأت في التحضير الجاد لمرحلة الحوار المثمر والمبني على التوافقية السياسية وليس على الاشتراطات الحزبية او المجموعاتية تلك المجموعات التي تجد في التظاهرات الشعبية فرصة لرفع شعار ذاتي او مطلبي جزئي ولا يمكنها ان توصل رسالتها بغير المشاركة في التظاهر لايصال رسالتها ، مثل الفعاليات العمالية التي تشكو بوجع وضع اتحاد نقابتها العمالي الذي للان لم يتحرك لفتح النوافذ للعمال .
ثمة فئات اخرى لها مظلمة ذاتية وليس شخصانية بل ذاتية قطاعية ما زالت خارج سياق الحوار الشامل مثل الشباب والطلاب والمعلمين وهؤلاء يشاركون في التظاهرات لنفس الغاية وعلى الوزراء المعنيين فتح حوار جاد معهم وتحديد جدول زمني لهذا الحوار وقطف ثماره ، فالجموع الشعبية وهي صادقة تخشى من بطء الحكومات وادخال المطالب المشروعة والعادلة في ثلاجة الوقت وبيروقراطية اللجان .
ببساطة نحن ندفع ثمن التباطؤ واخراج القرار من اطره الدستورية ودائرة الولاية العامة وادخاله في غياهب (المعلوم) ولكن غير الخاضع للمحاسبة لاسباب كثيرة ، لذا فالحكومة ليست مطالبة بالصبر فقط بل وبالتدليل اكثر على جديتها وبسرعة فائقة فهي لا تتمتع برفاه الوقت وسط تسارع الاقليم واستثمار بعض الاحزاب والحركات لحالة القطاف الاقليمي المشروع منه والانتهازي ايضا .
الركض نحو الاصلاح السياسي مع ابقاء بؤر ساخنة بمعزل عن الحل والتحاور سيفضي الى تجميع مكونات متناقضة يجمعها عامل واحد هو فرصة الوصول الى المطالب في غمرة الحماس الشعبي واستثمار عامل القبول الرسمي ويجب ان تشكل لجان متعددة تبدأ بالعمل على كل المسارات وليس على مسار واحد فنحن في ظروف قاهرة تتطلب حراكا استثنائيا وعلى وزراء العمل والتنمية السياسية وتطوير القطاع العام والتعليم والتعليم العالي التحرك بسرعة لفتح حوارات جادة وسريعة مع الفئات التي لها مظلمة سياسية او قطاعية دون ابقاء الملفات كلها في رئاسة الوزراء .