ديمقراطيون مع وقف التنفيذ

ديمقراطيون مع وقف التنفيذ
أخبار البلد -  
تعتبر الديمقراطية المتبلورة أمامنا بنموذجها الغربي ثمرة اكثر من ثلاثمائة سنة من عمر الحداثة والتنوير الفكري الاوروبي، بل انها ثمرة الفين وخمسمائة عام اذا ما عدنا الى عهد اليونان القديمة وانبثاق الفلسفة الديمقراطية في آن واحد، على يد سقراط وافلاطون وارسطو وسواهم. ولكنها كانت ديمقراطية ناقصة بالطبع، لأنها لا تشمل الا الرجال الاحرار، وتستثني النساء والعبيد والاجانب. اما الشورى التي نتبجح بها كثيرا في عالمنا العربي فهي على أهميتها نواة مصغرة للديمقراطية، لأنها كانت محصورة بعدد قليل من الصحابة الاجلاء، ولا تشمل جميع المسلمين، هذا فضلا عن أتباع الديانات الاخرى، وبقية (المواطنين)، اذا صح لنا أن نتحدث عن مواطنين في ذلك الزمان.
والديمقراطية بمفهومها الحديث لا تكون من دون حكومة مدنية، أي مساواة كاملة في الحقوق والواجبات بين مختلف السكان في المجتمع، اياً تكن أصولهم العرقية أو الدينية أو المذهبية. ففي النظام الديمقراطي الحديث لا يوجد ابن ست أو ابن جارية، او ابن فرقة ناجية، وابن فرقة مهرطقة كما تقوا كتب الملل والنحل القديمة، وكما لا يزال يعتقد جمهور المسلمين حتى هذه اللحظة.
في الانظمة الديمقراطية الحديثة يتساوى البروتستانتي ليونيل جوسبان مع ابن الاغلبية المذهبية جاك شيراك او ميتران او شارل ديغول. اما في فرنسا ما قبل عصر التنوير والثورة الفرنسية فكان من المستحيل على البروتستانتي أن يرفع رأسه في فرنسا. كان يعتبر مهرطقا زنديقا ناقص الحقوق، ومشبوها في كل حركاته. كان مجرد وجوده يعتبر ازعاجا ولا يحتمل الا على مضض من قبل أبناء الاغلبية المذهبية، اي الكاثوليكية في ما يخص فرنسا.
لهذا السبب لا معنى لطرح فكرة الديمقراطية في العالم العربي إن لم تحل اولا مشكلة الطائفية والمذهبية، وتحل الفلسفة السياسية الحديثة، محل الفقه الطائفي القديم الذي لا يزال يتحكم في رقابنا حتى هذه اللحظة. فكلمة الديمقراطية التي تلوكها السنتنا تصبح لغوا للاستهلاك المحلي أو للمتاجرة السياسية لا أكثر ولا أقل، انها عبارة عن اجراء صوري شكلي محض. انها مجرد وسيلة للقفز على السلطة، وسيلة يستخدمها الحاكم والمعارض على حد سواء، وهي من كليهما براء. حتى التنظيمات الاصولية المتعصبة اصبحت تقول انها ديمقراطية!.. الكل أصبح ديمقراطيا عندنا. لا يوجد شخص واحد غير ديمقراطي في العالم العربي الان!...
ولكن عندما تقول لهم ان الفلسفة التي ترتكز عليها الديمقراطية تتطلب منا اولا الاعتراف بالمساواة الكاملة بين المواطنين، وانه لا يوجد مواطن درجة أولى ومواطن درجة ثانية أو ثالثة، فانهم يتراجعون قليلا. ثم يقولون لك لطمأنتك لا تخف، سوف نحافظ على حقوق الاقليات!، ولكن يا سادة لا يوجد أقليات أو أكثريات في ظل الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة. إما انه توجد مواطنة أو لا توجد. إما أنه يوجد مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات أو أنه لا يوجد! فالأقلية والاكثرية عندئذ تصبحان على أساس سياسي وخيار ذاتي لا على أساس ديني أو عرقي أو طائفي، فلا احد يختار مكان ولادته. والتدين عندئذ يصبح مسالة شخصية تخص الضمير الحر للفرد ليس الا.
وعندما تقول لهم ان فلسفة الديمقراطية تتطلب من الاعتراف الكامل بحرية الضمير والمعتقد: اي حرية أن تتدين أو لا تتدين، فانهم يتراجعون أكثر ويصبح عدد الديمقراطيين أقل بكثير. عندما تقول لهم أن فلسفة الديمقراطية تعني الفصل الكامل بين المواطن والمتدين باعتبار أن كل متدين مواطن بالضرورة، ولكن ليس كل مواطن متدينا بالضرورة، فان عدد الديمقراطيين ينقص ايضا مرة اخرى.
عندما تقول لهم أنه في النظام الديمقراطي الحقيقي السني قد يصبح رئيسا لايران اذا كان كفؤاً، والمسيحي رئيساً لسوريا، والامازيغي رئيساً للجزائر، والكردي رئيسا للعراق، فانهم يرتعدون رعباً ويقولون، لا لا نريد هذه الديمقراطية! هذا هراء.
انظر كيف يهاجم بعض القوميين الزعيم الكردي جلال الطالباني لأنه اصبح رئيسا للعراق! وهذا بحد ذاته دليل على مدى الانحطاط السياسي بل والاخلاقي في عالمنا العربي. ولكن الشعب الامريكي يقبل بأن يصبح باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة، في حين أن السود محتقرون تاريخيا، ويشكلون أقلية من عدد سكان البلاد. لماذا؟ لأنه مواطن بحسب الدستور مثله في ذلك مثل جورج بوش أو بيل كلينتون لا اكثر ولا اقل. واذا ما نجح في خدمة امريكا فانهم سيصفقون له، واذا ما فشل فانهم سيعزلونه. هنا تأخذ كلمة المواطنة معناها الحقيقي ووزنها، وليست مجرد حبر على ورق!
إن هناك ثرثرة كثيرة عن الديمقراطية في وطننا العربي، بل وتشدقا سطحياً رخيصاً مضاداً للمعنى الحقيقي للديمقراطية، ولكل الفلسفة السياسية الحديثة التي أبدعتها. وأخشى ما نخشاه أن تتحول الديمقراطية الى شعار فضفاض مائع يفقد جوهره ومحتواه، كما حصل لبقية الشعارات التي أفرغت من مضمونها الى درجة اصبحت تبدو مكرورة ومجترة لم تعد صالحة للاستخدام. اليس من المضحك المبكي أن الاصوليين اصبحوا الان من عشاق الديمقراطية ولا يحلفون الا باسمها؟ متى كان السلفيون يعتبرون الديمقراطية فريضة شرعية؟ بالأمس القريب كانت كفراً صريحاً كغيرها من الافكار الغربية. ولكن شهوة السلطة لا تقاوم، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يمنع الوصوليين والانتهازيين بل وحتى الطائفيين من السطو على أجمل المصطلحات وافضلها.
في ظل الفكر الاحادي الجانب، سواء اكان اصولية دينية ام احزاب شمولية، فلا مجال للديمقراطية أو التعددية أو النقاش الحر في المجتمع؛ لان الاصولية الدينية تزعم أنها تمتلك الحقيقة المطلقة المقدسة، وبالتالي لا مجال لمعارضتها او مناقشتها. والحوار الديمقراطي في مثل هذا الجو مستحيل، او حتى يعتبر كفرا وخروجا على شرع الله. وكذلك الامر في الايديولوجيات ذات الطابع الدنيوي، فهي ايضاً ترفض المناقشة، وتعتبرها خروجا على الحزب الاوحد. ولذلك فأول شيء يفعله هؤلاء عندما يصلون الى الحكم هو اغلاق البرلمان، وحل الاحزاب، والقضاء على حرية الصحافة.
هذا في حين أن النظام الديمقراطي قائم اساساً على التعددية الحزبية والصحافية وحرية النقاش، بل وتقليب الامور على كافة جوانبها لكي تتضح المشاكل تماما، ويسهل اتخاذ القرارات الصائبة بشأنها. من هنا اعطاء البرلمان فرصة كبيرة لمناقشة مختلف القضايا، بل وحصول الحوار العنيف بين السلطة والمعارضة حول كل المسائل. من هنا أهمية التناوب على الحكم، فالسلطة اليوم قد تصبح المعارضة غدا والعكس صحيح. وعموما فان مصلحة البلاد العليا هي الشغل الشاغل لكلا الطرفين في نهاية المطاف.
ولكن ورغم كل ذلك نحن لا نستطيع ان ننتظر الاستنارة التي قد تستغرق عقودا طويلة لكي نمارس الديمقراطية، وحتى لو كانت هذه الديمقراطية ناقصة في البداية وهي كذلك، وتؤدي الى نجاح قوى لا علاقة لها بالديمقراطية، فلا باس .. فهذه القوى لا يمكن تجاوزها الا بعد المرور بها.. ينبغي أن نتيح للجدلية الاجتماعية التاريخية أن تفعل مفعولها وتمارس عملها بشكل طبيعي.. هناك ثمن باهظ ينبغي دفعه اثناء عملية الانتقال من المحافظة الى التجديد الاصيل، هناك نزف داخلي سوف يحصل. هناك عملية تكنيس هائلة لا مثيل لها تنتظرنا، قبل الولوج الى نهضة جديدة للامة.
شريط الأخبار صحفيون يفوزون بجائزة الحسين للإبداع الصحفي شركة غاز الأردن: وزارة الطاقة عينت مستشارا لوضع تسعيرة لغاز حقل الريشة وستراجع شهريا الجيش يحبط محاولة تهريب مخدرات عبر درون اتحاد عمال الأردن: رفع الحد الأدنى للأجور لـ300 دينار على الأقل "أصبح حقا وجوبيا" الحنيطي يشدد على أهمية استمرار التأهيل لضمان جاهزية القوات المسلحة العملياتية وزير الخارجية: وقف التصعيد يبدأ بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان جيش الاحتلال يُقرّ بمقتل 7 ضباط وجنود في معارك جنوب لبنان ما قصة صواريخ الكنافة التي أطلقها النائب الظهراوي في الزرقاء؟.. فيديو افتتاح أول مشروع لتوليد الكهربـاء باستخدام الغاز الأردنـي غدا الخميس حزب الله: فجرنا عبوة ناسفة في قوة للاحتلال وأوقعناها بين قتيل وجريح الشرق الأوسط للتأمين تقر بياناتها وتوزع أرباحاً نقدية على مساهميها بنسبة (7%) القدس للتأمين تعقد اجتماعها العمومي وتوزع أرباح بنسبة 10% على المساهمين ذياب: الضربة الإيرانية أصابت إسرائيل في مقتل وأعادت الاعتبار لمحور المقاومة وأخرجت الناس على الشوارع فرحًا النمري: الضربة الإيرانية على إسرائيل "مجرد رفع عتب" ولم تحقق أي أهداف حقيقية "الثأر لدماء الحبيب هنية".. ما كُتب على الصواريخ الإيرانية قبل انطلاقها نحو مدن الاحتلال - فيديو آفاق للطاقة تعيد تشكيل لجانها الداخلية .. اسماء العبادي: "إيران تصفع نتنياهو بـ 180 صفعة وترفع معنويات الناس" الجيش الإسرائيلي يعترف: قواعدنا العسكرية والجوية تضررت جراء الهجوم الإيراني إسرائيل تعلن الأمين العام للأمم المتحدة "شخصا غير مرغوب فيه" حزب الله: نخوض اشتباكات ضارية مع جنود متسللين لمارون الراس وأوقعنا بهم اصابات محققة