اخبار البلد
«رباط الدم» يجمع بين نظام الرئيس السوري بشار الاسد وحزب الله. العلاقة بين الحليفين، المبنية سابقاً على المصالح المشتركة، تحولت إلى علاقة من نوع آخر: علاقة المعركة الواحدة والمصير المشترك. وإذا قررت تل ابيب شن حرب جديدة ضد حزب الله، فلن يتوانى الأسد عن التدخل. الكلام لضابط اسرائيلي رفيع المستوى، ورد في استعراض و«تقدير وضع»، ـمام كبار المراسلين العسكريين الاسرائيليين، حول التطورات الاخيرة على الجبهة الشمالية وسلسلة العمليات على الحدود مع لبنان وسوريا.
وإذا كانت إسرائيل قد سعت اخيرا إلى تغيير «قواعد المواجهة» مع حزب الله، واختبار إن كانت قادرة على توجيه ضربات في الساحة اللبنانية من دون ردود، فإنها الآن باتت في مكان آخر: توظف كل إمكاناتها لوقف العمليات ضد جيشها على الحدود، أي في اتجاه منع تبلور معادلة أخرى يفرضها الطرف الثاني: تنفيذ عمليات ضد الجيش والعودة إلى مرحلة «استباحة» وحداته.
«الضابط الإسرائيلي الرفيع المستوى» عبارة درج الاعلام العبري على استخدامها للإشارة إلى ضابط برتبة لواء في الأركان العامة، بما يشمل نائب رئيس الاركان. ونقل موقع «تايمز أوف اسرائيل» الاخباري، عن الضابط قوله، أن «تضحية الحزب في سوريا أوجدت ما يمكن تسميته رباط دم بين الاسد وحزب الله، وبات الرئيس السوري مستعداً للمخاطرة في سبيل المحافظة عليها». وأضاف أن «نقل السلاح المتطور التي ترى اسرائيل انه تجاوز للخطوط الحمراء، وأيضاً استعداد الاسد للدخول في الحرب إلى جانب حزب الله اذا اضطرت اسرائيل إلى شن حرب ضد التنظيم اللبناني، هما من ضمن رؤية الاسد لهذه العلاقة».
وأشار إلى تقديرات سائدة لدى الجيش لواقع الحرب المقبلة وتعقيداتها من الناحية السورية، وقال ان «سوريا ستعمل كل ما يمكن عمله، لمساعدة حزب الله في الحرب المقبلة». وأضاف أن «فرضية العمل لدى الجيش ترى أن الحرب مع حزب الله ستتسبب برد سوري يتمثل في اتجاهين: اطلاق صواريخ على اسرائيل، يزن كل واحد منها طنا تسقط على تل ابيب، وتفعيل العمليات الارهابية على طول الحدود في الجولان».
ورداً على سؤال عن شكل الحرب المقبلة مع حزب الله، أشار إلى أن «حزب الله يملك ثامن أكبر ترسانة من الصواريخ في العالم، وقد أجرى العديد من التغييرات على العقيدة القتالية الموجودة لديه، الامر الذي سيجعل الحرب أكثر بشاعة». وأضاف أن «التقديرات الاستخبارية تشير إلى امتلاك حزب الله لاكثر من 100 الف صاروخ، مع دقة اصابة وقدرة تدميرية عالية، هذا يعني أننا سنواجه مع حزب الله سقوط 3000 صاروخ في كل يوم».
وإضافةً الى ذلك، اشار الضابط الى ان مقاتلي حزب الله اكتسبوا خبرة قتالية لا يستهان بها خلال قتالهم في الساحة السورية ضد «المتمردين»، «هي خبرة لا تقدر بثمن». وقال: «هذه المسألة تثير لدينا قلقا ومخاوف كثيرة» بما يرتبط بالحرب البرية مع حزب الله.
وبالعودة إلى عمليات الحدود في الجولان وفي مزارع شبعا، نعى الضابط، ما ورد في تقارير صدرت قبل اسبوعين عن الجيش الاسرائيلي، حول انهاء «الجدار الأمني» على طول الحدود مع سوريا، الذي قيل انه بات قادرا على منع الخروق أو تسلل مجموعات معادية. وبحسب الضابط: «هناك مليون عبرة ودرس من عبوة الجولان، وهي عِبر ليست جيدة». مع ذلك اكد، أن «الاستنتاجات ودراسة العبوتين في 14 و 18 اذار الحالي، في الجولان ومزارع شبعا، لم تنته بعد».
لكن ما أسباب فشل الجنود على الحدود؟ يفسر الضابط للمراسلين جملة منها، وفي مقدمتها أنه «ليس لديهم خبرة، ولم يخدموا في جنوب لبنان، ولم يحاربوا في المنطقة الأمنية، ولم يصادفوا عبوة جانبية في كل حياتهم المهنية، وبالتالي يصعب فهم ما يجب فعله وكيف يجري تفسير التهديدات، والطريقة الواجب اتباعها لمواجهتها».
وواصلت وسائل الاعلام العبرية امس، نقل تقديرات الجيش الاسرائيلي حول «العمليات الاخيرة على الحدود الشمالية». واشارت صحيفة «هآرتس» إلى ان ضباط الجيش توصلوا إلى استنتاج بأن هذه العمليات «نفذها مهنيون»، مشيرة إلى أن «جودة العبوات، وكون المنطقة مسيطرا عليها من قبل الأسد وحزب الله، عززا استنتاجات الاستخبارات، بأن هذه العمليات خطوة منسقة من قبل نظام الاسد، وبمساعدة من حزب الله».
واشارت الصحيفة إلى أن مشكلة الشمال (مع سوريا ولبنان)، ان الامور يمكن ان تخرج عن نطاق السيطرة، و«تكفي سلسلة ضربات غير محسوبة كي تجر الحدود الى الغليان». وبحسب الصحيفة، فان سوريا وحزب الله قلقان من الغارات الجوية «المنسوبة لاسرائيل» ضد قوافل السلاح على الحدود، «الامر الذي تسبب بتهديد من قبل (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله بالرد. وبالفعل سجلت ثلاث هجمات من الحدود السورية، وواحدة من الحدود اللبنانية، وهي محاولة لدفع اسرائيل إلى التردد قبل ان تقرر شن غارة جديدة».
الوجه الآخر من العملية، من ناحية اسرائيل، وبحسب «هآرتس»، هو سعي تل ابيب إلى منع معادلة جديدة يفرضها اعداؤها ولا تتوافق ومصلحتها، وذلك في سياق سعي الاعداء، حزب الله وسوريا، لاحباط سعي اسرائيل إلى فرض معادلة منع «تهريب السلاح»، اذ «توجد لدى اسرائيل خشية من بدء حرب استنزاف على الحدود، مثلما كان الامر في زمن الحزام الأمني في لبنان، أي إن هذه المرحلة هي مرحلة ردع الخصم من مغبة استمرار العمليات، واسرائيل تجد صعوبة في تثبيت توازن ردع على الحدود الشمالية».