سوريا ، عاصمة الرفض العربي ، وعرين المقاومة ، ومفتاح الإقليم ، و”حجر رشيد” المشرق العربي لا يمكن أن تُحكم بسهولة ، ولا يمكن لمن يستمر بحكمها منذ العام 2000 حتى اليوم أن يكون رجلاً عاديّاً . لسوريا قدرة هائلة على مفاجئة الخصوم والأعداء بخيارات ومواقف تتخطى حدود الممكن والمعقول ، وهذه الميزة تعود لأسباب كثرة جداً كعبقرية المكان ، وثقل التاريخ ، والإرث الحضاري الهائل والحيّ في آن واحد ، والتنوع الغني والخلّاق ، والإنسان الفاعل والمغامر … ولذلك من الصعب جداً أن "تتقبّل” هذا الأرض حاكماً لها إلا إذا كان بمرتبة ” إله” أو بطل . ومن قرأ تاريخ هذه الأرض يُدرك كم هي خصبة ، وقادرة على توليد الألهة ، وصناعة الأبطال .
عندما أصبح الدكتور بشار حافظ الأسد في العام 2000 رئيساً للجمهورية العربيّة السوريّة وجد نفسه على نحو مفاجيء رئيساً لدولة أكبر من حجمها بكثير ، وإن عانت بعض أراضيها من إحتلال ، لها شبكة معقدة جداً من العلاقات والإتصالات تعطي الميزات كما تفرض الإلتزامات ، وفي بيئة قلقة جداً كُثر فيها الأعداء والخصوم وقليل فيها الأصدقاء والحلفاء ، وسؤال كبير جداً ومركب : إلى أين ؟ ومثل هذا السؤال يستلزم تقديم الإجابة على عدة أسئلة حيويّة وكبرى معاً ، مثل ، أي هوية سيتموضع فيها هذا الرجل ؟ وأي خيارات سيلتزم ؟ وما هي شبكة التحالفات التي يحتاجها للمضي بهذه الخيارات وهذه الهويّة ؟ من هم الأعداء ، ومن هم الخصوم ؟ … . حاول أعداء سوريا وخصومها الإنفتاح عليها "لمساعدة” الرئيس الشاب بشار الأسد على أخذ خياراته ، ورسم هوية سوريا الغد ، وبالوقت ذاته حاول حلفاء سوريا وأصدقائها القيام بذات الدور . أخطأ الطرفان – لا سيما الأعداء والخصوم – أحياناً في تقدير تأثير الأرض والتاريخ والموقع والدولة العميقة … وشخص الرئيس وإرثه الشخصي وثقافته وجيناته … فكان كما أراد وأرادت سوريا ، ولكنّ جوابه على السؤال : إلى أين ؟ ثبّت الحلفاء والأصدقاء ، وكذلك الخصوم والأعداء
مـن خـان الأسـد ... ؟