تصادف اليوم الأحد ذكرى مرور أربعين يوما على رحيل واحد من رجالات الوطن الذين تفانوا في خدمة، وساهم منذ البدايات في بناء القوات المسلحة الأردنية، والأمن العام، وكان من الذين يشار اليهم بالبنان، مخلفا وراءه إثرا كبيرا من المواقف الصلبة. والذكريات، والنجاحات في كل موقع عمل به أو منصب تقلده.
أربعون يوما على رحيل اللواء حكمت مهيار، وهو صاحب السجل الناصع تحكي سنوات عمره المائه قصة بناء الأردن منذ التأسيس ويسجل من خلال مسيرته كل الإنجازات، والحروب والمواقف والتحديات التي واجهت بلدنا العزيز.
أبو المطيع من القلائل الذين بدأوا حياتهم متدرجا في السلك العسكري والشرطي من أول درجة حتى وصل الى منصب مدير الأمن العام، وكان محط وتقدير كل الزعماء السياسيين، رغم إختلافاتهم، وكان يؤدي واجبه كرجل أمن بكل مهنية وإقتدار، حتى أنه كان يعرف كل صاحب محل تجاري في عمان ويعرف كل المسؤولين والأطباء والصناعين ويؤدي واجباته الإجتماعية تجاههم لأنه كان من أول المؤمنين بالتواصل بين رجل الشرطة والمواطن، وهو ما يطلق عليه الآن بالشرطه المجتمعية.
ناضل في فلسطين لأن جهاز الشرطة كان تابعا للجيش العربي وأصبح قائدا للسرية الثانية عشرة في وادي الصرار بفلسطين، غزه – يافا- القدس وذلك في عام 1947 ثم قائدا لقطاع الخليل، حيث تم تحرير جبل الخليل، وقاد حينها قوة من الجيش الأردني وشن هجوما على مستعمرة كفار عصيون والمستعمرات المجاورة لها، إذ تمكن الجيش العربي الأردني بقيادة الرئيس أبو المطيع أن يأسر (300) من العصابات الصهيونية والجنود، وكانوا جمعيا من المسلحين عدا من لاذ بالفرار.
كان «الباشا» أبو المطيع، يعرف أساليب مشاهير اللصوص الذين كانوا يسطون على المنازل، وعلى المحلات التجارية، حتى أن سرقة حصلت في جبل اللويبدة بعد أن صعد اللص على أنابيب المجاري في أحد المنازل فأكد على الفور بأن الفاعل هو فلان الفلاني، فقيل له، لكنه كان في النظارة في تلك الليله لتحويله الى المحكمه في اليوم الثاني وأمام هذا الإصرار، تبين أن مدير المركز قد أطلق سراحه لساعات بحجة أن والدته في وضع صحي خطير، وأنه يرغب بمشاهدتها، فقام وقتها بتنفيذ هذه السرقة، وعاد الى النظارة قبل الفجر.
حدثني عن الأحتفال الكبير الذي أقيم بمناسبتة عيد الإستقلال في الخامس والعشرين من شهر حزيران عام 1946، وكيف أن المرحوم صبحي جبري قام بإعداد أكثر من ثلاثمائة «منسف» بعد أن استعمل البراميل التي تحمل الزيوت والسمن للأردن، وكان يوما مشهودا لأنه قام بالطبخ على الحطب، وعلى بريموس الكاز.
في جنازته التي خرج فيها اعداد كبيرة من أبناء البلد، ومن كل الأطياف، وفي أيام العزاء، كان ديوان آل مهيار محجا للآلاف المؤلفه من المسؤولين السابقين والحالين والقادرين من المدن والقرى والأرياف والمخيمات لأن من لم يعرفه عن قرب سمع عنه من الآخرين، فكان هذا المشهد المؤثر، وكان هذا التقدير من المواطن وأبنائه لواحد من أعمدته ورجالاته الأوفياء.