أخبار البلد - عندما نسترجع شريط الفيديو الى أيام كانت للدولة الأردنية مؤسسات يعتد بها، مؤسسات تناطح أفضل مؤسسات الدول العربية والخليجية، فقد كان ميناء العقبة مثلاً؛ أفضل من موانىء عربية وشرق أوسطية، وكان قد استقبل ملايين السياح من مختلف دول العالم، والميناء لأهميته استخدمته الأمم المتحدة لتنفيذ برنامج النفط مقابل الغذاء، واستخدمته دول عظمى للصيانة، والتزويد، والتفريغ، والتجارة بشكل عام. كان ميناء العقبة شعلة نشاط تحسدنا عليه دول اقتصادية متقدمة علينا بأضعاف مضاعفة. حتى جاء عام 2008 عام البيع والخصخصة، فأصبح الميناء ليس أردنياً..
هذا فيما يتعلق بالميناء البحري؛ أما الميناء الجوي فلم يكن بأفضل حال إذ قامت الحكومات ببيعه، وبيع لون الطائرات. تخيلوا حتى لون الطائرات كان مميزاً، وطمعت به كثير من الدول حتى تم الشراء والبيع، وكنا في نيرون أوبزرفر فتحنا ملفات الملكية الأردنية على مدار 25 حلقة استطعنا من خلالها أن نحدث تغييرات على مستوى الرئاسة، وكبار الموظفين، والفساد المالي والإداري، ويشهد لنا عدد غير محدود من الموظفين والموظفات الذين كانوا يزودوننا بالمعلومات والوثائق المهمة لمواصلة عملية النشر.
لم يكتفي باعة الوطن من ميناء العقبة والملكية؛ إنما راحوا ينهشونه ويمزقونه قطعة قطعة بإسم الخصخصة، وكان عراب الصفقات دون منازع؛ شخص لا يمت للوطن ولا لشعب الأردن بصلة. بل هبط علينا من أمريكا لينفذ مخطط تقسيم البلد، وتفكيكه، وبيعه بحجة ترشيق الدولة، وكان ما كان؛ وبيعت المؤسسات وشعبنا يشاهد وكأنه يتابع مسلسلاً طويلاً حلقاته لا تنتهي مثل داينستي أو دلاس أو بيتون بليس.
نحن نستغرب بشدة لماذا سكت الشعب الأردني على عمليات البيع التي كانت تتم بأوامر من باسم عوض الله، ووليد الكردي، ونادر ومحمد الذهبي، وقائمة من الأسماء كان يعرفهم المواطن ويشاهدهم في محطات التلفزة وعبر المواقع الإلكترونية والصحف اليومية. ما الذي جعل المواطن يدفن نفسه بالحياة وشلة من الغرباء وشذاذ الآفاق يبيعون ويشترون فيه وبمؤسساته وفيما بعد يخرج في مظاهرة على استحياء للمطالبة بمحاسبة الفاسدين. والله لو خرج الشعب برمته في الليل والنهار مطالباً، ومناشداً الحكومات حتى تفتح ملفات الفساد ما اكترث فيه أحد، ولا سألت عنه أتفه حكومة أردنية مرت في تاريخ الحكومات. كان يجب أن تتحرك قيادات الشعب من نواب وأعيان ووزراء ووجهاء وشيوخ عشائر عند بيع وخصخصة الإتصالات، وعند استعمال أموال الضمان لشراء أراض في عمان الغربية وبيعها لتجار وسماسرة ولصوص بأسعار رمزية؟ كان على قيادات الشعب أن تتحرك عند بيع الملكية، وعند بيع الميناء، وعند بيع الفوسفات.. وهكذا..
كان يمكن للحكومة (أي حكومة) أن تفتح باب الإستثمار أمام العربي والأجنبي ليستثمروا في مجالات تتعلق بإنشاء مدن الملاهي على غرار ديزني لاند؛ على سبيل المثال: لماذا لا تكون هناك العقبة لاند ففيها أراضي وجبال ومناظر بحرية جميلة، ويمكن استغلال الجبال المهيأة تضاريسها لمدن الملاهي ولن تكلف المستثمرين أموالاً طائلة بل على العكس ستجلب مئات الملايين سنوياً للمستثمر ولخزينة الدولة. وعندها يبقى الميناء أردنياً خالصاً لا نبيعه بملك الدنيا لأنه رئة الدولة الأردنية، ويمكن صيانته بأقل من 15 مليون دينار سنوياً..
كان يمكن بدل البيع استثمار المقاهي الأردنية المتناثرة هنا وهناك هدفها تقديم الأرجيلة، والمشروبات الساخنة والباردة، بوضع ألعاب البلاي ستيشن الضخمة، والبيبي فوت، وغيرها من الألعاب.
في أوروبا كانت محلات الألعاب تستقطب المئات يومياً، وكان الدخل اليومي يتجاوز عشرة آلاف دولار، فالشباب الراغبين كانوا يعدون بالمئات، ناهيك عن أن هذه المحلات تقدم الوجبات السريعة والمشروبات على اختلاف أنواعها، ما عدا المشروبات الروحية لأنها غير مناسبة لطلاب المدارس والكليات والجامعات، وكان الدخول على الهوية للتأكد من السن المناسب للدخول. كان هناك ضبط وربط ومراقبة ومتابعة من الأجهزة المعنية.
لماذا لم تقم وزارة الرياضة والشباب، والإتحاد الأردني لكرة القدم، والسلة.. باستقدام عروض لشراء، أو لإدخال شركاء استراتيجيين في الأندية الرياضية، كما يحدث الآن في أندية أوروبا. كل يوم نقرأ خبر عن قيام أمير خليجي بشراء نصف نادي الإنجليزي، أو المشاركة في نادي إيطالي، وشراء نادي أوروبي أو عربي بكامله، والأمثلة كثيرة ومهمة. إنه استثمار يرفع من شأن اللعبة أيا كانت. ويدر دخلاً قومياً، ويصبح الإحتراف أمراً سهلاً وسريعا، تستفيد منه الأندية، واللاعبين، وكل ما يتعلق بالرياضة الأردنية بدلاً من انتظار دعم الشركات، ولعبة لم تحقق أي إنجاز مهم لدولتنا الأردنية مقارنة مع غيرها من الدول..؟
الوطن فيه استثمارات لا تعد ولا تحصى لكن؛ كان هناك مؤامرة لتصفية البلد، وبيعه بأقل الأسعار حتى نفقد نحن الأردنيين أسباب البقاء، وأسباب التعلق بوطن أصبح من ممتلكات الغير..