اخبار البلد- الحاجة الملحة لمبادرات سياسية وإجتماعية في الأردن تقودها شخصيات عامة تحظى بالتقدير دفعت خلال اليومين الماضيين برئيس مجلس الأعيان طاهر المصري إلى واجهة الأحداث بسبب عدم وجود شخصية سياسية رفيعة ومحنكة وتستطيع التحدث مع الجميع في البلاد بنفس مواصفات الرجل الذي يمكن اعتباره مرحليا من أهم الطهاة في مطبخ القرار المركزي.
وجبهة المصري تنشطت على أكثر من صعيد مؤخرا، فهو اندفع لامتصاص الإحتقان الشعبي في العديد من المسارات ونجح ـ على الأغلب - في تمهيد الأرض لسلسلة مبادرات حوارية وطنية وجلسات تشاور على مستوى النخبة في البلاد وقبل ذلك تخصص المصري في زرع الأمل والتفاؤل بعدما عبرت أوساط الجميع عن خشيتها من الفيروس التونسي أو المصري.
وخلال الأيام العشرة الماضية ناور المصري وبادر في عدة اتجاهات فقال كلاما صريحا وناصحا ومهما للغاية في الغرف المغلقة واقترح حوارات وعلى الأرجح مثل الجهة التي هندست أول حوار مباشر يفترض ان يحصل خلال أيام بين القصر الملكي وقيادات الحركة الإسلامية التي لم تحظ بلقاءات خاصة منذ سنوات.
وكان رئيس اللجنة السياسية في حزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ زكي بني إرشيد قد أبلغ 'القدس العربي' سابقا بان المطلوب حتى تحتاط البلاد من عدوى الاضطرابات الإنتقال فورا لمستوى الحوار المباشر مع الحركة الإسلامية المعارضة ومن الواضح ان مطلب إرشيد يتم حاليا الإستجابة له بعد اقتراحات دعمها المصري حيث اعلن الاخوان المسلمون رسميا أمس ولأول مرة على لسان الناطق باسمهم جميل أبو بكر أنهم بانتظار تحديد موعد لقاء نادر سيجمعهم بالملك عبدالله الثاني على الأرجح في إطار المشاورات القيادية.
ومن الواضح ان الإشارات الخضراء التي صدرت للتناغم مع حراك ومبادرات المصري وحركته السياسية سببها عدم وجود لاعبين مؤثرين خلافا لمجلس الأعيان في الساحة السياسية، فرئيس الوزراء سمير الرفاعي مشغول تماما بالتصدي لإيقاع الشارع والبرلمان الذي يقترح على النظام الإطاحة بتجربته ورئيس مجلس النواب فيصل الفايز يحاول بصعوبة ضبط أداء النواب في الوقت الذي يهتف فيه الشارع أيضا ضد مؤسسة مجلس النواب، فيما تحظى مؤسسة مجلس الأعيان بالإحترام حتى الآن.
وفي إطار التعاطي مع المباغتة التي خلقها الإيقاع المصري بعد التونسي أمام الجميع تشهد الساحة السياسية المحلية الكثير من المستجدات يوميا فقد رفع الغطاء السياسي تماما عن حكومة الرفاعي وما يحول دون إقالتها مرحليا قد يكون مسوغات فنية يمكن تجاوزها إذا نضج قرار بتشكيل وزارة جديدة وهي مسوغات لها علاقة بثقة البرلمان ودروته العادية الأولى.
بنفس الوقت حقن القصر الملكي الخميس الماضي أعضاء مجلس النواب بجرعات معنوية مضاعفة بعد إصرار هتافات الشارع على التشكيك بالنواب ومواقفهم على أمل ان يساهم ذلك في إنقاذ هيبة مؤسسة النواب وتأطيرها لتفعيلها لاحقا في الوقت الذي سيحصل فيه الإسلاميون على الأرجح على 'تكريم' من طراز خاص او مكافأة سياسية ـ إذا جاز التعبير - نظير إيجابيتهم وتعاونهم في تأطير واحتواء وتنظيم مسيرات الحراك الإجتماعي الأخير.
ويحصل ذلك فيما رفعت الأحداث المصرية سقف المطالب السياسية الإصلاحية، حيث توجه النائب اليساري النشط جدا جميل النمري بمفاجأة جديدة خلال اجتماع مغلق لرؤساء لجان البرلمان قوامها اختصار الجدل حول إصلاحات سياسية بالعمل على ورقة لإصلاحات دستورية من بينها تحريم حل البرلمان وتنظيم مسألة الثقة وتشكيل وزارة منتخبة او تشكل بالتوافق مع النواب.
بالتوازي حصل مستجد ستنكشف أهميته في الأيام المقبلة فقد بدأ المعارض البارز ليث الشبيلات بالعودة تدريجيا للإشتباك مع قواعد اللعبة والشارع حيث أصدر أمس تصريحا صحافيا تحدث فيه عن رسالة مطولة جدا ومفصلية ومهمة أرسلها لرئيس الديوان الملكي ناصر اللوزي مطالبا علنا برد وتعليق على هذه الرسالة، مشيرا الى إن مضمون الرسالة سيصبح حقا للشعب الأردني بعد الإنتظار عدة أيام.
وألمح شبيلات الى انه كتب الرسالة اثر الحراك الإجتماعي الأخير في إطار النصيحة وبقي عدة أيام يعد الرسالة الطويلة وقال ان شرط بقاء الرسالة في الإطار المغلق وعدم كشف مضمونها هو تلقيه ردا عليها وعدم التعرض له بالإعتقال او الإعتداء او الإغتيال.