ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﻤﺨﺎوف ﻣﻦ اﻧﺰﻻق ﻣﺼﺮ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻮﺿﻰ ﺷﺒﯿﮫﺔ ﺑﺴﻮرﻳﺔ، وﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻣﻦ ﻗﺒﻞ،
اﻧﺘﺸﺮت ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﺒﺎرة ﺗﻨﺎﻗﻠﮫﺎ "اﻟﻔﯿﺴﺒﻮﻛﯿﻮن" وأﺻﺤﺎب ﺣﺴﺎﺑﺎت "ﺗﻮﻳﺘﺮ"، ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق
واﺳﻊ، ﺗﻘﻮل: "اﻟﻠﮫﻢ اﺣﻔﻆ ﻣﺼﺮ آﻣﻨﺔ وﻣﺴﺘﻘﺮة، ﻓﺎﻷردن ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺤﺘﻤﻞ". دﻻﻟﺔ اﻟﻌﺒﺎرة اﻷوﻟﯿﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ؛ﻓﺎﻷردن اﺳﺘﻘﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﯿﻮن ﻻﺟﺊ ﺳﻮري ﻣﻨﺬ اﻧﺪﻻع اﻷزﻣﺔ ھﻨﺎك، وﻛﺎن ﻗﺪ اﺣﺘﻀﻦ ﺿﻌﻒ ھﺬا اﻟﻌﺪد
ﻣﻦ اﻷﺷﻘﺎء اﻟﻌﺮاﻗﯿﯿﻦ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮات. وﻓﻲ اﻟﺬاﻛﺮة أﻳﻀﺎ ﻣﻮﺟﺎت ﻻ ﺗﻨﺘﮫﻲ ﻣﻦ اﻟﻼﺟﺌﯿﻦ ﺟﺮاء اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة
ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ. ﺗﺨﯿﻠﻮا اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﻮ أن ﺑﻠﺪا ﺑﺤﺠﻢ ﻣﺼﺮ أرﺳﻞ ﻟﻨﺎ ﻻﺟﺌﯿﻦ!
ﻟﻜﻦ اﻟﻌﺒﺎرة ﺗﺸﻲ ﺑﺈﺣﺴﺎس ﻗﻄﺎﻋﺎت واﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻷردﻧﯿﯿﻦ ﺑﺄھﻤﯿﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﻘﺮار "اﻟﻨﺴﺒﻲ" ﻓﻲ اﻟﺒﻼد، واﻟﺘﻲ
ﺗﻜﺘﺴﺐ ﻗﺪرا أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻷھﻤﯿﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ اﻷردن ﻣﻊ ﺑﻠﺪان اﻟﺠﻮار اﻟﻌﺮﺑﻲ.
ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺤﺎق ﻣﺼﺮ ﺑﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺪول اﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ، ﺑﺎت اﻷردن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮﺣﯿﺪة اﻟﻤﺴﺘﻘﺮة. ﺑﻤﻔﮫﻮم اﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ، ھﺬا
ﻟﯿﺲ وﺿﻌﺎ ﺟﯿﺪا ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ؛ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ ﻣﺤﯿﻄﻨﺎ ﺗﻀﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮫﺔ ﺗﺤﺪﻳﺎت ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ وأﻣﻨﯿﺔ ﻛﺒﯿﺮة،
وﺗﺆﺛﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻊ دول اﻟﺠﻮار، وﺗُﻈﮫﺮ أرﻗﺎم اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻦاﻟﺨﺴﺎﺋﺮ اﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ.
أﻣﻨﯿﺎً، ﺻﺎر ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻣﺎ ﺗﻤﺜﻠﻪ اﻟﺠﺒﮫﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﺪ ﺟﺮاء وﺟﻮد "ﻛﺘﺎﺋﺐ" ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺗﻠﻲ ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﺑﻤﺤﺎذاةﺣﺪودﻧﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ، وﻧﺸﻮء ﺷﺒﻜﺔ وﺛﯿﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻼت ﻣﻊ أﻧﺼﺎر ھﺬا اﻟﺘﯿﺎر ﻓﻲ اﻷردن، واﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮﻟﻮن ﻣﻨﺬ أﺷﮫﺮ ﻣﺪاﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل واﻟﻤﺎل.
ﺟﺒﮫﺔ ﺳﯿﻨﺎء ﻟﯿﺴﺖ ﺑﺒﻌﯿﺪة ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻟﻨﺎ اﻟﺤﯿﻮي واﻷﻣﻨﻲ؛ ﻓﻲ اﻷﻳﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ ﺧﺮوج "اﻹﺧﻮان" ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ
ﻣﺼﺮ، ﻓﺘﺢ اﻟﺠﮫﺎدﻳﻮن ھﻨﺎك ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻣﻊ اﻟﺠﯿﺶ اﻟﻤﺼﺮي. وإذا ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻷﺧﯿﺮ ﻣﻦ اﺣﺘﻮاء اﻟﻮﺿﻊ، ﺳﺘﺘﺤﻮل ﺳﯿﻨﺎء
إﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ ﻋﻤﻠﯿﺎت ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﺳﻮرﻳﺔ وﻣﺎﻟﻲ وأﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن، وﺳﯿﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ اﻷردن ﺗﺠﺎھﻞ ھﺬا
اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ.
داﺧﻠﯿﺎ، ﺗﺸﻜﻞ ﻛﻞ ھﺬه اﻟﺘﻄﻮرات ﺿﻐﻄﺎ ھﺎﺋﻼ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺎھﺪ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﯿﮫﺎ. ﻟﻜﻦ ﺛﻤﺔ
ﺗﺤﺪﻳﺎت ﺧﻄﯿﺮة ﺗﻄﻞ ﺑﺮأﺳﮫﺎ، ﺗﺨﺺ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻗﺪرة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ؛ وھﻲ ﺣﺎﻟﺔ آﺧﺬة ﻓﻲ اﻟﺘﺂﻛﻞ
ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﺜﺒﯿﺖ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﺑﺪون ﺗﺼﻮﻳﺐ اﻻﺧﺘﻼﻻت اﻟﺨﻄﯿﺮة ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ،
وإﻧﻔﺎذ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻤﺘﺪھﻮرة ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى، ﻧﺎھﯿﻚ ﻋﻦ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻣﺎ ﺗﺴﺒﺒﻪ ﻣﻦ ﺿﻐﻮط ﻋﻠﻰ
ﺷﺮاﺋﺢ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ.
إن ﺗﻜﺮار ﺣﺎﻻت اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﺻﺎت واﻟﺴﯿﺎرات ﻋﻠﻰ طﺮﻳﻖ اﻟﻌﻘﺒﺔ، ﻳﻌﺪ ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﯿﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ
ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﻮض ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ اﻟﺒﻼد. وﺗُﻀﺎف إﻟﯿﮫﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ، ﺣﺎﻻت اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت، واﻻﻋﺘﺪاءات ﻋﻠﻰ
ﻗﺎﻋﺎت اﻣﺘﺤﺎن اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ.
ﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ أن اﻷوﺿﺎع اﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﺗﺤﻤﻞ أﻳﻀﺎ ﻣﯿﺰات إﻳﺠﺎﺑﯿﺔ ﻟﻸردن. ﺗﺪھﻮر اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻳﻤﻨﺢ
اﻷردن ﻣﻜﺎﻧﺔ أﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﻲ، وﻳﺠﻌﻠﻪ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﯿﻪ ﻓﻲ إدارة أزﻣﺎت
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، واﻟﺤﻠﯿﻒ اﻟﻤﻮﺛﻮق ﻣﻦ طﺮف اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﻠﻔﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ،واﻷزﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ. ورﺑﻤﺎ ﻳﺮﻓﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ درﺟﺔ اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﻀﺮورة ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷردن اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ، ﻛﻲ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﻤﻮدﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮫﺔ ﻋﻮاﺻﻒ ﺗﺠﺘﺎح اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ.
دور اﻷردن ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﺳﺘﻘﺮاره ﺣﺎﺟﺔ أﺳﺎﺳﯿﺔ ﻟﻜﻞ اﻷطﺮاف؛ ﻣﺎ ﻣﻦ زﻋﯿﻢ ﻓﻲ دول اﻟﺠﻮار اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪﷲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﻳﻐﺎدر ﺑﻼده ﻓﻲ زﻳﺎرة أو إﺟﺎزة ﺧﺎرﺟﯿﺔ، ﻻ ﺑﻞ إن ﻋﻨﺎوﻳﻦ ﻣﻌﻈﻤﮫﻢ داﺧﻞ
ﺑﻠﺪاﻧﮫﻢ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺠﮫﻮﻟﺔ
فهد الخيطان