أخبار البلد
بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك بدأت مدينة اربد تشهد ارتفاعا ملموسا في ظاهرة التسول التي تبلغ ذروتها في الشهر الفضيل وينشط المتسولون والمتسولات في كافة أحياء المدينة التجارية والسكانية ، مستغلين هذا الشهر الكريم الذي يكثر فيه المواطنون من العبادات والتقرب إلى الله بأشكال مختلفة، وهو الشهر الذي عادة ما يخرج المواطنون زكاوات أموالهم فيه إضافة إلى صدقة الفطر وغيرها من النوافل ، مما يعتبره المتسولون فرصة لتكثيف نشاطهم وجمع اكبر قدر ممكن من الأموال غالبا لا يكونون مستحقيها .
وتتخذ ظاهرة التسول في مدينة اربد أشكالا مختلفة منها تواجد المتسولين على جنبات الطرقات والأماكن العامة ، ومسح زجاج السيارة أثناء التوقف على الإشارات الضوئية ، أو بيع سلع رخيصة والتنقل بين السيارات على هذه الإشارات معرضين حياتهم وحياة الأطفال المرافقين لهم للخطر إضافة للإرباك الذي يسببونه للسائقين لحظة انطلاقهم ، كما يقوم المتسولون وخاصة النساء والتي تشكل الغالبية العظمى من المتسولين بالتنقل بين البنايات متعددة الطوابق مرتديات النقاب قاصدات ربات البيوت في ساعات الصباح حينما يكون الرجال في أعمالهم مما يشيع حالة من الخوف والقلق بين ربات البيوت .
ولا يقتصر التسول على فئة عمرية اوجنس معين او جنسية بذاتها وإنما من كافة الفئات العمرية ومن كلا الجنسين وخليط من الجنسيات ، من الأصحاء القادرين على العمل أو مدعي المرض أو من أصحاب العاهات الذين يبرزون عاهاتهم بوجه المواطنين بطريقة تبعث على الاستياء .
ويكثر انتشار المتسولين في أوقات الصباح والظهيرة في صحن المدينة التجاري وعلى ابواب المساجد لينتقلوا في ساعات المساء إلى الأحياء الجنوبية من المدينة متخذين من منطقة الجامعة والإشارات الضوئية على طريق اربد - الحصن أماكن تمركز لهم ولا يتورع بعضهم عن إلحاق الأذى لبعض السيارات في حال امتنع سائقوها عن دفع مبالغ مالية يحددها هؤلاء المتسولون، في حين تتخذ بعض النسوة اللاتي يحملن أطفالا صغارا أو رضع أماكن محددة للتسول أمام البنوك والمراكز التجارية ومداخل الأسواق ، وتزداد هذه الظاهرة في العطلة الصيفية حيث يكثر الأطفال المتسولون في هذه الفترة .
«الدستور» في اربد جالت في عدد من شوارع المدينة والمحال التجارية والتقت المواطنين الذين بينوا آراءهم بهذه الظاهرة .
فيصل العمري صاحب محل تجاري قال : «أن متسوله تتخذ من أمام محله مكانا لتواجدها اليومي وتستجدي الزبائن بطريقة باتت تؤثر على أعمال المحل التجارية ورغم شكاياته المتكررة لأكثر من جهة إلا أنها ما زالت تتخذ من أمام المحل موقعا لتسولها» .
ابتهال ربابعة عاملة في احد محلات بيع الملابس قالت « انه يتردد على المحل عدد كبير من المتسولين يوميا ومن كافة الفئات العمرية ذكورا وإناثا وفي كل مرة اسمع قصة تختلف عن قصص الآخرين لاستدرار العطف وبعضهم يحاول المغافلة لسرقة بعض القطع من المحل « .
اما جمانة سعد الجامعية فطالبت بتعديل التشريعات وتغليظ العقوبات للحد من هذه الظاهرة الغريبة علينا والتي باتت تقلق المجتمع الأردني بأسره ، مضيفة انه من غير الكافي أن تقوم الجهات المسؤولة بشن حملات مطاردة للمتسولين في شوارع المدينة تلقي خلالها القبض على إعداد بسيطة منهم سرعان ما يعودون إلى الشوارع لممارسة التسول .
وقالت انه آن الأوان بوضع حد لهذه الظاهرة التي بات يصاحبها الكثير من التصرفات المريبة مثل السرقة والاحتيال وبعض الأمور الخادشة للآداب العامة .
أم رشيد تقود إحدى السيارات وتقول أن وجود الأطفال على الإشارات الضوئية وتحركاتهم السريعة واستهتارهم خلال انطلاق السيارات يسبب إرباكا للسائقين ويكونوا في كثير من الحالات سببا في وقوع الحوادث التي قد يكونوا هم ضحيتها .
ويرى جميل صالح أن بعض الفتيات طورن مهنة التسول حيث تجد الفتاة منهن ترتدي احدث الأزياء وبكامل الإكسسوار وتتخذ من بعض الشوارع وخاصة قرب الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية أماكن لممارسة هذه المهنة وتتقصد الشباب من صغار السن موهمة إياهم أنها طالبة جامعية أو زائرة للمدينة أضاعت محفظتها وهي تحتاج إلى بضعة دنانير للوصول إلى ذويها ، وقال أن هذه الظاهرة خطيرة جدا كونها تضرب عصبا مهم في تركيبة المجتمع الأردني وهي إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج .
أم بكر ربة منزل قالت « أنا اسكن في احد الطوابق العليا وكثيرا ما أفاجأ في ساعات الصباح والظهيرة بطرقات على الباب وعندما لا اسمع مجيب على تساؤلاتي وانظر من العين السحرية للباب أجد الطارق متسولات غالبيتهن منقبات، مما يثير لدي الخوف وأوهمهن أنني أخاطب أبنائي في المنزل كي يغادرن « .
من جهته قال مدير التنمية الاجتماعية لمحافظة اربد ليث ابو عطية « نحن في مديرية التنمية الاجتماعية نعمل بجهد متواصل للقضاء على ظاهرة التسول وحصر عدد المتسولين إلى اقل عدد ممكن ، ولا يمكن أن تنجح جهود وزارة التنمية إلا بتعاون الجهات ذات العلاقة و بشكل خاص المواطن بامتناعه عن تقديم أي شيء من النقد أو العين لهؤلأ المتسولين المدعين للحاجة ولو كان بسيط إلى تلك الفئات لكي لا يسهم في تشجيعهم على التسول» ، مضيفا أن المشكلة تكمن في التشريعات التي تمكن المقبوض عليهم من المتسولين من العودة الى أماكن تسولهم قبل عودة موظفي التنمية ورجال الأمن العام الى دوائرهم ، مطالبا بضرورة إعادة النظر بالتشريعات المتعلقة بالتسول .
وقال أن المتسولين يستغلون طيبة المواطن ويمارسوا تسولهم وابتزازهم من خلال سرد قصص عن أوضاعهم المعيشية والصحية لاستدرار العطف ، مشيرا إلى أن ظاهرة التسول باتت تشمل جنسيات أخرى امتهنت التسول وأصبحت حرفتهم ، موضحا أن عدد حالات التسول التي تم القبض عليها من بداية العام الحالي حتى نهاية شهر أيار الماضي (117) حالة منهم (41) ذكور و (76) إناث و (9) من الأحداث ، في حين بلغ عدد المتسولين المقبوض عليهم في العام الماضي (371) متسولا ومتسولة منهم (283) إناث و (22) من الأحداث ، مبينا انه يتم إرسال الأطفال المتسولين الذين يتم ضبطهم إلى مراكز خاصة بالمتسولين في مادبا وعمان .