الرئيس مرسي ... وسيناريو السقوط

الرئيس مرسي ... وسيناريو السقوط
أخبار البلد -  
لا شك أن الرئيس المصري محمد مرسي يشعر الآن بمرارة الخذلان الذي مني به من قبله الرئيس مبارك، والمتمثل بتخلي الغرب عنه، وقد كيف – أي مرسي – كما سابقه مبارك سياساته وفق رضا، ومطالب هذا الغرب، ربما معتقدا أن ذلك من موجبات الإبقاء على معادلة الحكم، في ظل عوامل الضعف التي تمر بها المنطقة. وهذا الفخ الذي لم يقع به القوميون العرب، والذين وان كانوا فشلوا في درس الديموقراطية في حكمهم، وبعضهم ارتكب المجازر بحق شعبه إلا أنهم ابقوا على عوامل الصراع قائمة مع الأجنبي ، وظلت الصهيونية في وعيهم العدو الاستيراتيجي للأمة العربية، وتماهوا مع توجهات الشارع العربي في العداء لإسرائيل، وعدم اعتبارها جزءا من المنطقة، وبناء ثقافة الأجيال العربية على هذا الأساس .
ولقد اعدم رموز قوميون واجهوا بشجاعة قل نظيرها في التاريخ أعواد المشانق التي نصبتها الدول الغربية لهم، وسقط الرئيس العراقي الراحل عن الحكم على أيدي الأمريكان وترسانة حلف الاطلنطي، ولم يقدموا التنازلات للغرب. ومضى الرئيس الراحل صدام حسين إلى خالقه، وهو يردد "تحيا فلسطين حرة عربية".
وبذلك تتلقن كافة القوى التي تراهن على الأجنبي، ومنها المعارضة الخارجية، والتي قد تعتقد في لحظة ما انه شريك التحرير في المنطقة العربية الدرس القاسي.
وربما ان استحضار سيرة القائد الاسلامي عمر المختار خير شاهد كيف كانت التضحيات الجسام تحقن الامة بمشاعر الكبرياء والانفة، وتصنع في الاجيال دافع التحرر، والتحرير.
وقد سبق وان كتبنا وحذرنا من الانجرار نحو المخططات الغربية، وخاصة في شقها المتعلق بإثارة النعرات الطائفية، أو الموافقة على تدمير بعض الدول العربية من خلال التدخل الأجنبي بحجة تحرير شعبها، وغياب الديموقراطية، وكان أقسى ما اقترفه الحكم في مصر تمثل في رعاية الرئيس مرسي قبل أسابيع لمؤتمر يدعو للجهاد في سوريا، ويعيد وجهة الصراع فيها لأسباب طائفية، وهو في حقيقته لا يعدو كونه صراع شعب ينشد الحرية في مواجهة نظامه المستبد . في حين لم تطلق الدعوات المماثلة للجهاد في فلسطين كما يقتضي الشرع.
وكانت النتيجة ظاهرة للعيان في اقل من عام أن هذا الغرب يدفع إلى فشل تجربة الحكم المصرية الخارجة من صناديق الاقتراع باعتبار التجربة الإسلامية غير قابلة للنجاح هذا بعد أن دفع الحزب الإسلامي الثمن في مصر ، وأبقى على المعاهدة مع الصهاينة، وتم تبادل السفراء معهم، وهو الذي كان يدعو وهو خارج السلطة إلى جهادهم، واستبدل بالعدو الإسرائيلي العداء مع الشيعة، ومع النظام السوري.
ودرج الحزب اقتصاديا على ذات النهج القديم بالتعامل مع صندوق النقد الدولي الربوي، ومع ذلك دفع به الغرب إلى الجدار في اقل من سنة بعد أن ضمنوا أنهم اسقطوا شعاراته الكبرى بالحرب من اليهود وتحرير المقدسات.
وهو ما يذكر بذات المصير الذي لقيه الشريف حسين بن علي عندما وضع يده في يد الانجليز والدول الغربية لإسقاط دولة الخلافة التي كانت نزعت نحو الاستبداد، متوهما أن هذا الغرب جمعية خيرية، وان المستعمر سيعمل على تحرير العرب، وتمليكه إياهم، وبعد سقوط الدولة العثمانية وجد نفسه يعاني مرارة الخذلان من أصدقائه الذين تقاسموا المنطقة، وقد لقي وجه ربه منفيا في قبرص - رحمه الله- .
اذكر أنني كتبت في بداية ما اصطلح على تسميته الربيع العربي بأنه لا يحق لأحد أن يدعي انه وريث التجربة التاريخية للإسلام سواء أكان فردا او تنظيما وحده ودونا عن بقية المسلمين، خوفا من فشل التجربة، وبالتالي يصار إلى التعميم بان التجربة الإسلامية فشلت.
وهو الأمر الذي لم يحدث طوال فترة التاريخ الإسلامي، فلم يحدث أن قائدا سياسيا او عالما اقتطع له جماعة خاصة به من أصل جماعة المسلمين، واعتبرها فقط هي الجماعة الإسلامية، وإنما بقي جميع رموز التاريخ الإسلامي يعملون في إطار الجماعة الإسلامية المعروفة، فلم يحدث ان عمر بن الخطاب اوجد جماعة تسمى العمريين، او ابو بكر البكريين، او صلاح الدين الايوبي الايوبيين، او البخاريين، او نحو ذلك، وانما تقتضي قاعدة العدالة ان جميع المسلمين هم ورثة التاريخ الاسلامي، وتجربته العظيمة في التاريخ ملك على المشاع لكل مسلم، والكل يعمل في إطار جماعة المسلمين والتي تصل اليوم إلى مليار ونصف المليار مسلم، ولم يختزل الإسلام بمئة ألف او حتى بمليون شخص، وليس من أركان الإسلام أن يكون المسلم عضوا في حزب بعينه، وعدم انتمائه للحزب لا يخرجه من بوتقة الإسلام، او يقلل من نسبة إسلامه، وهذا لا يمنع من تشكل الجماعات لتنظيم عملها الدعوي على ان لا يحتكر احد منها النطق باسم الاسلام.
وكتبت محذرا من الشراكة مع الغرب وادخال الاجنبي إلى صلب قضايا المنطقة، وخاصة من طرف التنظيمات الإسلامية التي سبق وان اعتبرت تدخله في العراق غزوا صليبا ثم انقلبت على فتاواها، وعادت وطالبت بهذا التدخل باعتباره تدخلا إنسانيا ينعكس عن المجتمع الدولي، وذلك على أمل أن هذا التدخل سيقوض الأنظمة القائمة لصالحها، وهو ما كان من شأنه أن يشوه تاريخ العداء مع الغرب في ثقافة الأجيال، ويجعل فتاوى الدين تجير سياسيا، وبذلك يبدأ النخر في الوعي العربي من نافذة الفتوى.
وكان الخلل بالانخراط في المخطط الغربي واضحا بإذكاء روح الطائفية في المنطقة العربية، وجعل مدخل ذلك يكون من خلال العلماء والمنابر والخطاب الديني، وهو ما التقى مباشرة مع المخططات الغربية بإيجاد عدو آخر، وحرف وجهة الصراع في المنطقة بعيدا عن إسرائيل.
وقد التقى الثقل الإعلامي المنبثق عن مصالح البعض في الجزيرة العربية ، والمعروف بولائه العميق للغرب مع التنظيم الذي اعتبر نفسه ناطقا وحيدا باسم الإسلام دونا عن بقية المسلمين، وأصبح عنوانا للأمريكان في المنطقة، التقى هذا الإعلام - والذي قد تقمص في الماضي دور المدافع عن قضايا العرب ورموزهم النضالية والفكرية إلى أن استقطب جل المشاهدين العرب على هذا الأساس ثم انقلب على المشروع العربي- التقى كلا الطرفين على هدف تغيير حالة الوعي العربي، ونقل الصراع من العداء للغرب، ومقاومة مخططاته في المنطقة، وتوجه عداء الأجيال العربية نحو إسرائيل إلى العداء للشيعة، وهو ما كان يحضر له في عقل الغرب، وأدواته بتوجيه صراع المنطقة العربية إلى صراع إسلامي – إسلامي، وفي ذلك توهين للأمة وحرف لمسارها التاريخي.
ثم وفي اقل من سنة واحدة يصار إلى التخلص من تجربة الحكم التي من المفترض أنها تمثل وصول الإسلام إلى سدة قيادة دول العالم الإسلامي بعد أن استنفذت أهدافها باعتباره حكما غير شعبي، وغير قادر على تقديم الحلول التي تتطلبها الشعوب، وربما أن الإسلاميين في مصر أفرطوا في الثقة بما اعتقدوه دعما غربيا لتجربتهم، ولم يسعوا إلى بناء شراكة وطنية حقيقية مع قوى الداخل، وهي الوصفة التي كانت تضمن لهم الاستمرارية في الحكم، وتقلل من خطر خصومهم في الداخل، وقد انفردوا في الحكم، وأقصوا بقية القوى التي ناصبتهم العداء منذ البدايات، وسعت لاستغلال الظروف في إفشالهم، ولم يحاولوا الانسجام مع الكيفيات والأمثلة التي ضربها رموز التاريخ الإسلامي في التسامح، وإشاعة الحرية وإنصاف الآخر ، والحفاظ على حقوق الناس، وحماية معتقداتهم ، وإنما درجوا على تقسيمهم إلى فلول وأتباع الدولة العميقة، والبعض جرى تكفيرهم، وهو الذي لم يفعله الرسول عليه الصلاة والسلام مع مكة عند الفتح.
ولم يوظفوا كافة الطاقات والكفاءات في النهضة وبناء الذات، وإنما احتكروا القرار والسلطة، ووقعوا في المسؤولية وحدهم أخيرا بما اعتبر فشلا للتجربة.
وبنفس السيناريو الذي ارتضوه - أي الإسلاميين في مصر- بإسقاط بعض الأنظمة العربية من خلال التدخل الأجنبي الذي يستغل حالة الشارع العربي، ويعبر عنه بموقف السلطة العسكرية يصار إلى إسقاط نظام حكمهم، وهو السلاح الخطر الذي حذرنا منه بعدم اعتماد قاعدة التدخل الأجنبي كونها غير قابلة للتنفيذ في منطقة، وممنوعة في منطقة أخرى.
وها نحن نشهد على مسرح الشعوب العربية عملية سقوط مبكرة لنظام وليد لم يكمل عامه الأول باعتباره نظاما إسلاميا بات يوصم بأنه غير قادر على العطاء والنجاح.
ولن يستطيع هذا النظام اليوم أن يدعي انه يعاقب من قبل الدول الغربية، وان مؤامرة حيكت ضده في الدوائر الغربية، فما من مسوغات بعد أن تم الإبقاء على المعاهدة مع الصهاينة، وجرى تبادل السفراء، وتجفيف كوامن العداء مع الغرب الذي تحول إلى مجتمع دولي وشريك للعرب في تحررهم، وتم توجيه العداء بدلا من ذلك إلى الشيعة.
واذكر أنني كتبت منوها إلى أن ما يجري في المنطقة العربية ليس سقوط النظام ، وإنما سقوط النظام العام، وهو جملة القوانين والأنظمة التي تحكم، وقد وصلنا لحالة عربية مفادها أن الخروج على الحكم لم يعد يتعلق بنظام غير شرعي، وان النظام الشرعي من حقه مواصلة الحكم.
وإنما التمرد هو قاعدة تعمم على كل الأنظمة، وان كل من لا يعجبه القانون بغض النظر عن كيفية تشريعيه فمن حقه ان يكسره، وقد قلت في إحدى مقالاتي ان هذه الحالة ستواجه كل نظام يفرز في سياق المنطقة، وسيجد نفسه أمام حالة شعبية لا تقبل الانضواء تحت أي سلطة كانت ذلك أن ما سقط في المنطقة العربية ليس النظام، وإنما النظام العام، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أجيالا عربية خرجت ، وقد كسرت حاجز السلطة بالمطلق، ليست السلطة السياسية فحسب، وإنما كافة السلطات المعنوية ، وقد سميته في مقال سابق بجيل ليس له اب، وهو ليس استمرارا للأجيال التي سبقته . ومن ابرز سماته انه يرفض الانضواء تحت اية سلطة، وربما أن هذا هو نموذج الفوضى الخلاقة الذي يصار إلى تعميمه في المنطقة استغلالا لحاجة العرب الملحة للتحرر ، والانعتاق، وإعادة السلطة المنفلتة إلى نطاق الشعوب، وصناديق الاقتراع.
درس عميق يجب ان تعيه الأجيال العربية الباحثة عن الحرية، والتي يجب ان تصر على هويتها الحضارية، ومن ذلك تحديد بوصلة عدائها التاريخي، وان تعيد التنظيمات الإسلامية قراءة التاريخ جيدا، وسيجد الجميع أن الصورة الحضارية للإسلام والتي لا يمكن اختصارها في تنظيم، وهي التي قدنا بها العالم لن تغيب عن طموحات، وتطلعات كل مسلم على وجه البسيطة.
والتجربة التاريخية للإسلام ستبقى الحاضرة في وجدان وتصورات الأجيال العربية المتعاقبة، وان فشلت بعض التطبيقات ، وهنالك يوم قريب ستترسخ فيه المفاهيم الحضارية للإسلام ذلك انه الوارث بقيمه، ونظمه الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية ، والسياسية ، والتي تلبي الحاجات الإنسانية، وتحقق العدالة، وعندما تفشل كافة النظم التي تحكم العالم في تحقيق العدالة سيجد الناس ان النظم المنبثقة عن الإسلام هي الحل للوصول إلى المجتمع الإنساني الأمثل، والذي تذوب فيه الأعراق والأجناس، والألوان، وعندها تسود قيم الأخوة وقيم هذا الدين الوارث.


النائب علي السنيد
شريط الأخبار حزب الله ينفي التوغل الإسرائيلي بلبنان الملك يؤكد ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى تهدئة شاملة في المنطقة بورصة عمان تغلق تداولاتها لجلسة اليوم الثلاثاء بنسبة انخفاض 0.1% المومني: توجيهات رئيس الوزراء بضرورة الانفتاح على وسائل الإعلام وتعزيز انسيابية تدفق المعلومات وحدة تنسيق القبول الموحد تعلن عن بدء تقديم الطلبات الإلكترونية لطلبة إساءة الاختيار والطلبة الراغبين بالانتقال الأمن يعلن عن اغلاقات وتحويلات مرورية في عمان الجمعة - أسماء عشرة صواريخ باليستية تهز تل أبيب وإصابة مستوطنين صافرات الإنذار تدوي واصابات في تل أبيب بعد رشقة صاروخية من حزب الله (فيديو) "رفعة الأداء والشفافية" تضع البنك المركزي على منصة التكريم الملكي وشركس يتسلم الجائزة اختتام ملتقى مستقبل الاعلام والاتصال بنسخته الثانية ( صور) ضبط مطلق النار داخل مصنع في العقبة .. توضيح أمني دائما الغذاء والدواء بالمرتبة الأولى.. "برافو " نزار مهيدات .. فيديو الجيش الإسرائيلي يتحدث عن معارك بظروف صعبة وحزب الله يقصف تجمعاته الجيش اللبناني يوضح: لم ننسحب من جنوب لبنان وائل جسار وسيرين عبد النور بالأردن والتذكرة تصل إلى 400 دينار وفيات الثلاثاء 1-10-2024 الزرقاء تفقد أحد رجالاتها .. النائب الاسبق (محمد طه ارسلان) في ذمة الله ترقب لحكم الاستئناف بحق نائب متهم بالرشوة بعد التاج الاخباري .. رجل الأعمال طارق الحسن يخسر قضيته أمام “صوت عمان” في قضية وثيقة مصرف الشمال مقتل نجل منير المقدح قائد كتائب شهداء الأقصى بغارة إسرائيلية على مخيم عين الحلوة بلبنان( فيديو)