الدعوات المتواصلة لتأكيد واستعادة هيبة الدولة عن طريق تطبيق القوانين وعـدم التساهل مع المخالفات والتجاوزات هذه الدعوات أعطت ثمارها أخيراً ، بعد أن اقتنعت السلطة أن الرأي العام معها في فرض حكم القانون وحماية حقوق الناس ، فلا نمو اقتصاديا ولا ديمقراطية سياسية في غياب الاستقرار والأمن والنظام.
الضوء الأخضر أعطي للأمن العام وقوات الدرك لتمارس واجباتها بمنتهى الحزم وعلى قدم المساواة ، وقد بدأت التحرك فعلاً ، وتم خلال أسبوع ضبط مئات السيارات المسروقة ، وتوقيف أكثر من ألف من الزعـران والأشقياء المطلوبين ، الذين ظنوا أن الدولة ضعيفة ، وعاجزة عن وضعهم وراء القضبان حماية للمجتمع من شرورهم.
فرض هيبة الدولة لا يقتصر على سارقي السيارات والكهرباء والماء ، بل يجب أن يتجاوز ذلك إلى كل ما له علاقة بحماية المصلحة العامة ، فما معنى الاعتصامات التي يقوم بها موظفو الدولة لتعطيل المدارس أو المستشفيات أو الصيدليات أو المحاكم أو غيرها من المصالح العامة ، وبأي حق يعتدي البعض على المجتمع فيجد من يصفق له. وبأي حق يقوم البعض بقطع الطرق دون أن يتوقع استعمال القوة ضده.
هيبة الدولة ليست مسؤولية الأمن والدرك فقط ، بل تصل إلى السلطة القضائية فما معنى سكوت المدعين العامين عن المخالفات التي ترتكب علناً وتعطل مصالح الناس ، ولماذا لا يقدم المخالفون إلى العدالة حتى لو كانوا من موظفي الدولة.
هيبة الدولة تضع حدأً للابتزاز ، وتمنع التعامل مع الناس كرهائن ، أو التهديد بأسوأ الأضرار إذا لم يستجب لمطالبهم غير المحقة ، التي يمكن اعتبارها أحد أساليب الفساد العلني من حيث الاستيلاء على المال العام دون وجه حق.
يتميز الأردن بأنه بلد الأمن والاستقرار والقانون ، فماذا يبقى له إذا فقد هذه المزايا؟ ليس في الأردن بترول أو موارد طبيعية هائلة ولكن لديه الامن والحرية.
بعد أن بلغ السيل الزبى ، تحركت الحكومة وأجهزتها أخيراً لإثبات موجوديتها والقيام بدورها في خدمة المجتمع وتوفير الأمن والأمان والاستقرار بقوة القانون ، فالديقمراطية لها عضلات وأسنان وليست ميوعة ورخاوة وترك الحبل على الغارب .
الحملة الحالية لاسترداد كرامة المواطنين وهيبة الدولة وسلطة القانون لا يجوز أن تكون مجرد فزعة مؤقتة تعود بعدها الامور إلى ما كانت عليه ، فنحن أمام نقطة تحول ومرحلة جديدة تستحق تعاون المواطن ودعمه.