قوضت الازمات المالية الاخيرة بنيان النظام الراسمالي العالمي , وكشفت عن الكثير من القصور في قدرة هذا النظام على مواجهة المتغيرات والمستجدات التي المت بالنظام العالمي اقتصادياً وسياسياً , وجعلت الكيان الراسمالي في مهب الريح .
وهذا ما اكده (فوكاياجا) والذي يعتبرمن اكبر المحللين في الاقتصاد السياسي في العالم ,
والذي اشار ان تفشي الفقر في العالم كان نتاجاً حتمياً لهذا النظام , وذلك لاستشراء الاقطاعيات الراسمالية القائمة على حفنة من المتنفذين الذين بنوا ثرواتهم على حساب العامة من الناس . والذين استثمروا في حاجة الناس بطريقة ترتكز على القطبية والسلطة والتحكم , بدون مراعاة للجوانب الاخلاقية والانسانية في سبيل تنمية ثرواتهم والتي هي الغاية الوحيدة لديهم . حتى وصلت الامور لظهور ما يسمى بالاقتصاد الوهمي بحيث تضخم لدرجة انه فاق الاقتصاد الحقيقي , وكان من الاسباب المباشرة لاختراق النظام الراسمالي وحصول الازمات المالية الاخيرة .
وقد انعكس ذلك على كيانات كثير من الدول العظمى وعلى راسها امريكا بتداعي اسواق البورصة التي بنيت على الاقتصاد الوهمي والتي لجأت والدول الرأسمالية في سبيل علاج الازمة الى الملكيات العامة وملكية الدولة خلافا للمبدأ الراسماليه , الذي لا يعترف الا بالملكية الفردية وهذا ما اعتبرخرقا لاهم ثوابت المبدأ الرأسمالي .
وغدا هذا النظام المهيمن سلاحاً للطغيان , حتى انه تحكم في السياسة وقي تقرير مصائر الشعوب والدول , مما دعا ساسة الغرب بالبحث على نظام بديل عن النظام الحالي .
وجاءت تصريحاتهم تنبأ بالخشية والرعب مما حصل , فالمستشارة الالمانية انجيلا ميركل قالت ان هناك حاجة لوضع قواعد عالمية جديدة للنظام المالي والذي يتحمل صندوق النقد الدولي الدور الاكبر في الاشراف على ذلك .
وها هو جوردن بروان رئيس وزراء بريطانيا السابق يصرح بانه بات يتعين وضع اسس وقواعد جديدة للنظام المالي فيما يتعلق بالكشف عن المعلومات بشفافية من خلال اشراف دولي , وانشاء نظام للأ نذار المبكر لمجابهة المستجدات في حال حدوثها .
اما الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيدف فقد دعا الى اقامة نظام اقتصادي مالي جديد اكثر عدلاً , يعتمد على تعدد الاقطاب , وسيادة القانون معتبراً ان عهد الهيمنة الاقتصادية الامريكية قد ولى .
وقد توقع علماء الاقتصاد الاسلامي هذا الانهيار منذ زمن , كون هذا النظام يقوم على مباديء ومفاهيم تتعارض مع الفطرة الانسانية , وسنن اللة سبحانه وتعالى ومع القيم والاخلاق , وبالتالي يتعارض مع الشريعة الاسلامية ,
فهو نظام قائم على الاحتكار والاستغلال , والمعاملات الوهمية والتدليس , والفساد , مما اوقع ظلماً من المتنفذين بحق الدائنين الفقراء, فهو يقوم على النظام المصرفي الربوي ونظام الفائدة أخذًا وعطاءً ويعمل في إطار منظومة تجارة الديون شراءً وبيعاً ووساطة , وانه كلما ارتفع معدل الفائدة على الودائع كلما ارتفع معدل الفائدة على القروض, حتى وصلت معدلات الفائدة ارقاماً فلكية , والمستفيد هو البنوك والمصارف والظلم يقع على المقترضين
.وهذا ما افصح به الخبير الاقتصادي (موريس آليه) والذي حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عندما قال ان النظام الاقتصادي الرأسمالي يقوم على بعض المفاهيم والقواعد التي هى أساس تدميره .
وما اكده (آدم سميث)احد الخبراء العالميين في الاقتصاد بأن هذا النظام يقوم على نظام المستحقات المالية والتي تعتمد اعتمادا أساسيا على معاملات وهمية ورقية شكلية تقوم على الاحتمالات ولا يترتب عليها أي مبادلات للسلع والخدمات فأساسها المقامرات والمراهنات 0
وإن عددا ليس بالقليل من رجال الاقتصاد أكدوا على ان هذا النظام يقوم على مبادئ تقود الى الإفلاس .
وفي ظل هذا بدأت اصوات تظهر هنا وهناك لخبراء الاقتصاد الحديث تنادي بقراءة واعية لنظام الاقتصاد الاسلامي , والذي اثبتت المؤسسات المتعاطية له استقرارها ابان الازمة المالية الاخيرة , كون هذا النظام يقوم على قاعدة المشاركة في الربح والخسارة حيث لا يوجد فريق رابح دائما ولا فريق خاسر دائما , وعلى التداول الفعلي للأموال والموجودات بما يحقق تفاعل حقيقي بين ارباب المال والاعمال ويقوم على منظومة من القيم والأخلاق , كما انه يحَرم المعاملات المالية التي تقوم على المقامرة والتدليس والاحتكار والاستغلال , كونه يعتمد على قاعدة المشاركة في الربح والخسارة كما اسلفنا وعلى التداول الفعلي للأموال والموجودات . وهذا يؤكد ان نظام الاقتصاد الاسلامي هو الحل والبديل الامثل للنظام الرأسمالي الذي اثبت فشله , وبات في مهب الريح .
د0 نزار شموط
drnezar@yahoo.com