الكاتب القومي فهد الريماوي يكتب : عبدالناصر·· رجل الماضي وامل الآتي

الكاتب القومي فهد الريماوي يكتب : عبدالناصر·· رجل الماضي وامل الآتي
أخبار البلد -  

أخبار البلد - لو ان جمال عبدالناصر مازال على قيد الحياة، لكان قد تقلد يوم امس الاول (15/1) ختام العام الثالث والتسعين من عمره، ثم باشر المسير منذ يوم امس (الاحد) على دروب العام الرابع والتسعين·· غير ان سلطان الموت ارتأى اختطافه وهو ما يزال في ريعان العام الثاني والخمسين، وفي معمعان الاستعداد لخوض معركة المصير والتحرير مع العدو الصهيوني·

في منتصف هذا الشهر من كل عام، يهل يوم ميلاد هذا القائد المقدام، وتضيء شموع الفرح ردهات هذه المناسبة السعيدة، وتدفئ حرارة الاشواق اوصال فصل الشتاء، وتطلق عصافير "بني مر" احدى وعشرين زغرودة على سبيل التحية، وتجود بقية الاقلام العروبية الوفية باجمل باقات النثر والشعر، فيما تنطلق جوقات الحاقدين والمارقين والمرتدين بافحش القول واوحش النباح·

انبل ما في عبدالناصر انه قد ولد فقيراً وبسيطاً ومتماهياً مع ملايين العرب، واروع ما فيه انه قد تأهل للعطاء والفداء منذ نعومة اظفاره، واعظم ما فيه انه قد اكتسب العظمة بجهده وجهاده ولم يرثها عن اسلافه، وارقى ما يميزه انه قد عرف كيف يبدأ وسط اكوام الضباب، وكيف يستمر رغم كثرة المكائد والمصائد والعراقيل، وكيف يحصد الانتصارات الوفيرة في الداخل والخارج، وكيف يحتوي الهزيمة - حين ينهزم - ويستخرج من باطنها مفاعيل قهرها والتغلب عليها·

حين فجّر ثورة 23 يوليو، وغيّر مسار التاريخ، واطلق صرخته الاولى، كانت الامة العربية مهزومة في حرب فلسطين، ومحكومة بادوات تابعة للاستعمار، ومقسومة الى شيع واحزاب، ربما بمثل ما هي عليه اليوم او اضل سبيلاً·· فكان ان قرأ سورة العزم، وشمّر عن ساعد الجد، وعرف كيف يحدد البدايات ويتخير الاولويات، وما هي الا بضع سنوات حتى كانت الامة تنقلب على نفسها، وتؤجج نيران ثورتها، وتوحد صفوفها ومواقفها، وترفع رايات عزها وفخارها، وتخوض اشرس المعارك وتحقق اشرف الانجازات والانتصارات·

لم يكن عبدالناصر ساحراً او نبياً او كائناً اسطورياً حتى يحقق خلال بضع سنوات كل هذه المتغيرات، وينقل امته عامة من حال الذل واليأس الى حال المجد والبأس·· ولكنه كان قائداً ملهماً عرف كيف يوقظ روح الامة، ويلهب حميتها، ويستنهض ارادتها، ويعبئ وجدانها، ويستثير كبرياءها، ويعزف على اوتار تاريخها الحافل بجلائل الوقائع والنضالات والفتوحات·

لم يتهيب عبدالناصر من ضخامة المسؤولية القومية، ولم يتهرب من واجبه الثوري الكبير، ولم يتخوف من احتمالات الفشل والخذلان، ولم يتشكك في قدرة الجماهير على الفعل والتغيير، بل راهن بكل قوته على عبقرية امته، وعراقة تاريخها المجيد، واستعدادها العالي للكفاح، وتطلعها الدائم الى مكانة لائقة بين الامم، وتشوقها الكبير الى بطل شجاع ومؤهل لقيادتها نحو الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية والطهارة الاخلاقية·

لقد التحم عبدالناصر بجماهير امته فالتحمت به·· نادى عليها فاستجابت له·· اطمأن اليها فما خذلته·· باشر قيادتها فانقادت له·· تعلم منها فتعلمت منه·· عبر عن اشواقها واحلامها ومطامحها فعبرت له عن كامل التأييد والولاء والاحترام·· طرح عليها مشروعه الوحدوي النهضوي الطموح، فتلقفته بكل الترحاب والاعجاب والجاهزية الجماعية العارمة للايمان به والنضال من اجل تحقيقه·

لم يكن عبدالناصر صاحب قامة زعامية هائلة فحسب، ولم يكن صاحب كاريزما شعبية مدهشة فقط، بل كان صاحب مشروع قومي عظيم·· مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي وعسكري وثقافي وسيكولوجي كامل وشامل·· مشروع يحشد طاقات الامة، ويلبي تطلعاتها الكبرى، ويهدي بوصلة نضالها الى سواء السبيل، ويمكّنها من اللحاق بركب العصر وقافلة التقدم، ويوفر لها كل اسباب العزة والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعيش الرغيد·

وعليه·· فبعدما حضر القائد الاستثنائي، وحضر المشروع الوحدوي النهضوي، انفرجت اسارير التاريخ، واستيقظ المارد العربي النائم، واندفعت جماهير الامة لاجتراح المعجزات، واندلعت الثورات والانتفاضات الوطنية من المحيط الى الخليج، وتهاوت معاقل الاستعمار واوكار الرجعية والتبعية واحداً بعد الآخر، وارتفعت وتائر التنمية والتقدم والبناء والانتاج بمعدلات غير مسبوقة، ولحساب الاغلبية الشعبية الكادحة، وليس الاقلية المترفة والفاسدة·

طبعاً، لم تكن معركة المصير والتحرير التي قادها عبدالناصر سهلة او قصيرة او مضمونة، بل كانت بكل المقاييس ملحمة جهادية واستشهادية ضارية ومطولة ومتعددة المراحل والمستويات·· كانت على الصعيد التراجيدي قريبة الشبه بالاساطير اليونانية القديمة، حيث تتقاطع الافراح مع الاتراح، والانتصارات مع الانكسارات، والنجاحات مع الاخفاقات، والافعال مع ردود الافعال، والطلائع الثورية مع الصنائع الرجعية·· ذلك لان جمع الاعداء والعملاء كان قد استمات في مجابهة الثورة الناصرية، واستخدم كل ما لديه من اسلحة مادية ومعنوية لاجهاض المشروع الوحدوي العربي·

غير ان المهم والجدير بالذكر والتقدير والاعجاب، ان "ابا خالد" لم يهادن او يستسلم او يعرف اليأس او يلقي السلاح، وانما ظل مقاتلاً باسلاً وصنديداً عنيداً يصارع ويقارع على كل الجبهات حتى آخر يوم من حياته، ولعل في هذا الثبات الاسطوري ما يفسر سر تعلق الشعب العربي به في السراء والضراء على حد سواء·

الكثيرون يعتقدون اننا نكتب عن عبدالناصر من موقع الولاء لهذا القائد الخالد، والحنين الى الزمن الناصري الباسل، غير اننا ونحن نعترف بذلك ولا ننكره، نقرر بنفس الدرجة، وفي ذات الوقت اننا نكتب ايضاً عن عبدالناصر الرمز والانموذج والقدوة والاسوة وقوة المثال·· فعبدالناصر، في قناعتنا، ليس زعيم الامس ووليد القرن الماضي، بل هو زعيم الغد الذي سيولد في القرن الحالي او التالي، وهو - شأن كل العظماء - لازمة حتمية وضرورة وجوبية وحقيقة تاريخية سوف تبقى تتكرر وتتجدد وتعيد انتاج نفسها، مادامت اسبابها قائمة ودواعيها موجودة·· فالابطال والعظماء كثيراً ما ينبثقون من قلب معاناة شعوبهم، ويطلعون من معاني انتظارها، ويحضرون تلبية لامانيها واحتياجاتها، ويظهرون فجأة من حيث لا تدري ولا تحتسب·· اذ كلما اشتدت حاجة الامم والشعوب الى الابطال والمنقذين، توفرت الفرص لظهورهم، وتهيأت الارحام لانجابهم، وتكاتفت الظروف والاقدار لصناعتهم وتأهيلهم وتسديد خطاهم·

وسلام عليك يا "ابا خالد" يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حياً

شريط الأخبار إسرائيل تقصف 100 موقع بلبنان في ثاني موجة ضربات خلال ساعات تفاصيل جديدة حول جريمة قتل شاب والدته وشقيقته في الأردن جمعية البنوك توضح حول انعكاس تخفيض أسعار الفائدة على قروض الأردنيين منتدى الاستراتيجيات يدعو لإعادة النظر في الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية الأردن: إرسال من 120 إلى 140 شاحنة مساعدات أسبوعيا لغزة وسعي لرفع العدد هيئة الطيران المدني: لا تغيير على حركة الطيران بين عمّان وبيروت وزير الشباب الشديفات يلتقي الوزير الأسبق النابلسي البقاعي رئيسا لمجلس إدارة شركة مصفاة البترول الأردنية وزارة "الاقتصاد الرقمي" حائرة بين 079 و077: من الهناندة إلى السميرات! مقال محير يعيد ظهور الباشا حسين الحواتمة الى المشهد.. ما القصة البنك المركزي الأردني يقرر تخفيض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس وصول طواقم المستشفى الميداني الأردني نابلس/4 استقاله علاء البطاينة من مجلس أدارة البنك العربي طقس بارد نسبياً ليلاً وفي الصباح الباكر مع ظهور السحب المنخفضة في عطلة نهاية الأسبوع التعليم العالي: نتائج القبول الموحد نهاية الشهر الحالي الحكومة تطفي ديونا بقيمة 2.425 مليار دينار منذ بداية العام الملخص اليومي لحجم تداول الاسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الخميس ما قصة حركات بيع وشراء اسهم الاردنية لانتاج الادوية بين اعضاء مجلس الادارة ؟! الوزير خالد البكار.. "تقدم" نحو لقب "معالي" هل باع محمد المومني ميثاق من أجل لقب "معالي"؟!