(1) الرسالة الأولى هي تلك التي يبعث بها المنتدى الاقتصادي للمرة السابعة أن الأردن هو البيت الهادئ في حي مضطرب , هكذا يرانا العالم وعلينا أن ننظر لأنفسنا بعيونه .
إن الأردن الذي يوفر منبرا حرا لكل الاراء و كل الأصوات ولكل هذه التعددية الدولية التي تعكسها النخب والقيادات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والشعبية المشاركة , قد حسم سلفا مقدرته على إحتضان التعددية التي يتميز بها في أجواء من الحوار البناء والتسامح والتشابك لتحقيق الإصلاح والتنمية وتكافؤ الفرص بين جميع ابنائه في دولة مدنية معاصرة .
أن الأردن الذي أصبح نموذجا لإحداث التغيير الإيجابي المواكب لتطلعات أبنائه بهدوء هو قصة نجاح لإحراز التطور رغم شح الإمكانات .
أن العبرة من عقد المنتدى في الاردن رغم الجوار الملتهب , هي أن في الأردن قيادة فذة ولأنه قصة نجاح ينظر بثقة الى المستقبل ولأنه مكان مناسب لبناء وإطلاق قيم العدال والتسامح.
(2) أما الرسالة الثانية فهي أن عنوان الأزمة الاقتصادية في المنطقة هو البطالة بين الشباب وهي التحدي الأخطر الذي يحتاج لتحريك الإمكانات الهائلة والحل يكمن في الإستثمار.
أن المشكلة الإقتصادية لا تزال أم المشاكل وستبقى كذلك ما لم يتم تسريع خطوات الإصلاحات المطلوبة .
وليس الأردن وحيدا في هذا المضمار , ولعل القول بأن التحديات الإقتصادية كانت شعلة إنفجار الثورات العربية هو قول صحيح , فالبطالة كانت الشرارة , التي أشعلت حقول ألغام اليأس والحرمان وغياب العدالة الإجتماعية والعالم العربي يواجه اليوم مشكلات كبيرة ومعقدة في مقدمتها نمو سكاني متزايد ما يعني تشكل خزان هائل من القوى البشرية المعطلة ممن غالبيتهم في سن 15-24 عاماً. الأمل يكاد يكون معدوما بإيجاد فرص عمل لكل هؤلاء ممن تقدر أعدادهم بنحو 146 مليون باحث عن عمل .
هذه التحديات الإقتصادية تتزايد في ظل تدني نصيب المنطقة العربية من الاستثمارات العالمية، ومديونية كبيرة وعجوزات مالية كبيرة .. هل الحكومات قادرة وحدها على مواجهة ذلك , إن الشكوك تتعاظم والوقت يضيق , وإن كانت طرقات اليأس قد تمكنت من فتح ثغرة غضب في جدار الخزان , فإن الوقت يبدو أسرع قبل أن تنعكس الإحتفالية المؤقتة بالتغيير الى فوضى
(3) الرسالة الثالثة هي أن الخيار الاستراتيجي لبلد صغير محدود الموارد الطبيعية كبلدنا هو الانفتاح فدعوا الناس يعملون لأن الاقتصاد لا يستطيع أن يستوعب كما يجب التدفق السنوي لطالبي العمل، كما أن إنتاجية الأيدي العاملة متدنية ومثلها إنتاجية الحكومة .
إن سيطرة الحكومة على الاقتصاد ما تزال معضلة وهو مالا يتفق مع اتجاهات تحرير الاقتصاد لرفع سوية الانتاج وتعزيز المنافسة.
ومجددا , تثبت الحوارات التي شهدها المنتدى , أن الاصلاحات الاقتصادية هي جذر الإصلاح السياسي وأن الإعتقاد بأن على الإصلاح السياسي أن يسبق الإصلاح الاقتصادي إعتقاد خاطيء , لكن الحقيقة هي أنه يجب أن يسبقه إن لم يسر معه بذات الزخم , باعتبار أن محرك الربيع العربي هو المشاكل الاقتصادية التي بدا بها وإليها تنتهي كل المطالب وكل الحاجات
أن الإنفتاح وتحرير الإقتصاد وفسح المجال أمام القطاع الخاص وتصغير العام وإن شئت « تواضع « القطاع العام وهو التعبير الذي إستخدمه رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور يجب أن يعود ليكون شعار المرحلة ، ودون ذلك فإن المشكلة الإقتصادية ستبقى أم المشاكل .
عصام قضماني