أخبار البلد - سجل الاردن سابقة عالمية في التاريخ السياسي المتعلق بحراك الشارع الاحتجاجي ، حيث تداولت وكالات الانباء العالمية والفضائيات المتلفزة مشهداً فريداً من نوعه التقطته عدسات الكاميرات والذي نقل مشهد قيام رجال الامن بتوزيع المياه على المواطنين المشاركين في المسيرة الجماهيرية التي شهدتها العاصمة عمان يوم أمس بعد صلاة الجمعة من امام المسجد الحسيني الكبير بوسط البلد احتجاجا على السياسات الحكومية الفاسدة.
ونقلت الفضائيات في حراك المسيرة المشار اليها مشهداً يرصد قيام رجال الامن بتوزيع زجاجات المياه على المواطنين، في قراءة واضحة لمشاركة الجهات الرسمية لحراك المسيرة بصورة سلمية أكدت في أحد جوانبها رسالة الدولة بأن تلك المسيرات الاحتجاجية لا علاقة لها بانتفاضة الشارع التونسي !!
المشهد موضوع الطرح - قد - لا يمكن قراءته بعيدا عن اعتبار هذه الخطوة بأنها تجيء في سياق رسالة الدولة القائلة بتهميش الحراك الاحتجاجي واخراجه من صورة الاحتجاج الفعلي الى مظهر ديمقراطي تباركه الدولة من جانبها، بل واستثمرته في ذات السياق في نقل مرادها القائل بأن اي حراك احتجاجي هو ترجمة لنبض الشارع ليس أكثر !
وكان عددا من أفراد الامن قد تمركزوا في مقدمة المسيرة التي شارك بها الالاف من الاردنيين والذين تصدرتهم قيادات حزبية ونقابية ومستقلة، وبدأوا بتوزيع زجاجات المياه عليهم، في حين تمركزت أعداد أخرى من أفراد الامن في مؤخرة المسيرة وقاموا بتقديم المياه لعموم المشاركين، في تمركز ذكي له علاقة باقتناص عدسات كاميرات الفضائيات التي تعتمد في التقاطها لمشهد المسيرة بشكل (بانورامي) يكشف امتداد المسيرة الجماهيرية، الامر الذي لا يتحقق رصده لكاميراتهم الا من المقدمة والمؤخرة لحجم امتداد المسيرة .
ولا ندري حقيقة هنا عن مرمى الدولة في الحراك المذكور ، والعمل وبجهد واضح على نقل الصورة الاحادية الجانب التي تريدها ، هل تريد الدولة مثلا مسح أرشيف الفضائيات ذاتها التي قامت بنقل اعتداءات رجال الدرك على جمهور مباراة الفيصلي والوحدات في ستاد الملك عبد الله في القويسمة قبل شهرين، لتحل الصورة الجديدة الرطبة لمياه الامن مثلاً ؟؟
حراك رجال الامن بتوزيع المياه المعدنية على المشاركين حراك نباركه ونثمّنه من جانبنا، وإن نقل رسالة الدولة المزدوجة الاتجاه، سواء بالنسبة لقيادات المسيرة او للتلفزة العالمية بأن المسيرة ليست ضد الدولة وحكومتها ومجلسها النيابي، وان الشعب والدولة في خندق واحد ، وان اكتنف المشهد غموضا واضحا حول من هي الجهة التي وقفت فيها الدولة والشارع معا ضدها ؟؟؟