أخبار البلد - ما أن نطق إمام المسجد الحسيني الكبير في وسط العاصمة الحبيبة ( عمان ) ب ( السلام عليكم ورحمة الله ) مختتما صلاة الجمعة ، حتى علا صوت أحد الرفاق عبر سماعة صغيرة : "يا سمير اسمع اسمع ... شعب الاردن لا ما بيركع" ، في إشارة الى حنق الشعب الأردني على حكومة سمير الرفاعي التي أوصلت الأردن وشعبنا الأردني الى ما وصل اليه ... آلاف الحناجر رددت الهتاف وغيره من الهتافات التي تنادي كلها بسقوط هذه الحكومة التي عملت على إفقار الشعب وتجويعه ... الآلاف من ابناء شعبنا البررة ( نساء ورجالا ، وحتى أطفالا ) تركوا بيوتهم ودفء عوائلهم وراحتهم الأسبوعية ، ليكونوا هناك حيث يشاركون في رسم الصورة الجديدة لوطنهم ( الأردن ) ما بعد الرفاعي سمير وحكومته المغضوب عليها شعبيا ... عشرون ألف متظاهر ( أو يزيد ) ، من شتى التوجهات السياسية والخلفيات الفكرية والأيديولوجية ، اجتمعوا حبا لوطنهم الأردن وكرها ومقتا لحكومة البزنس التي يبدو أنها آخر من يعلم مدى المعاناة الشعبية بسبب سياساتها الخرقاء على كل الأصعدة ...
رأيت اعضاء في الحزب الشيوعي وحزب الوحدة الشعبية وحزب حشد ... ووراءهم ، رأيت اعضاء ومناصري الإسلاميين من جبهة العمل الإسلامي والإخوان المسلمين ... ثم حركة اليسار الإجتماعي ومناصريها من ناشطين نقابيين ( خصوصا في لجان احياء نقابة المعلمين ) ومن يساريين ذوي خلفيات ماركسية وقومية ... والأهم ، أني رأيت أناسا عاديين غير حزبيين ، منهم من خرج من المسجد مباشرة لينضم الى المسيرة ويهتف مع الجموع الغفيرة بإسقاط حكومة الرفاعي وحل مجلس النواب ( الملفق ) ... اتصلت المناضلة توجان الفيصل ( وهي على سرير الشفاء ) بالرفيق الدكتور خالد كلالده الأمين العام لحركة اليسار الإجتماعي ، تشد من أزره وأزر المتظاهرين ، ولتقول للجميع : أنا معكم لولا مرضي اللعين ... رأيت النائب الشجاعة عبلة ابو علبه والنواب السابقون عودة قواس وعلي ابو السكر ومنصور مراد وغيرهم ... رأيت كل قيادات الأحزاب السياسية والعديد من القيادات النقابية ومنظمات المجتمع المدني ... كل هؤلاء كانوا هناك ، ليصرخوا في وجه حكومة التجويع الرفاعية : لا للتجويع ! لا للإفقار ! لا للتركيع الشعب !ا
والأهم من كل ذلك ... رأيت الشرطة ... من رتبة عريف وحتى عميد ... يحيطون بالمسيرة دون أدنى محاولة للإحتكاك أو التحرش بها ... بل رأيتهم يوزعون الماء البارد والمرطبات على المتظاهرين من سيارة تابعة لهم تسير خلف المسيرة ... وذلك يعكس حقيقة راسخة لم يستطع الكثيرون التقاطها ... وهي أن الشرطة والأجهزة الأمنية في وطننا الأردن هي فعلا في خدمة الشعب ... سلوك حضاري دون شك ، وإضافة نوعية جديدة لطريقة تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطنين المخلصين ... وهذ يدل على أن المواطنين المتظاهرين ليسوا ( دهماء ) كما وصفهم أحد النواب تحت قبة البرلمان ... وانه لمن الغريب ان يصف نائب المواطنين الذين أوصلوه الى عضوية مجلس النواب ب ( الدهماء ) ... نحن فعلا كنا من ( الدهماء ) عندما ( ضحكت على ذقوننا أنت وأمثالك ) لننتخبكم نوابا للأمة يا حضرة النائب المحترم ...
اليوم ( الجمعة 21/1/2011 م ) كان يوما وطنيا أردنيا بامتياز ... يوما رفرفت فيه أعلام الوطن عالية خفاقة في سماء عمان العاصمة وفي كل المحافظات ... كان يوما تراصّت فيه أكتاف الأردنيين ، وتوحدت حناجرهم بالهتاف للأردن الغالي ... أردن الأرض والإنسان.