اخبار البلد - ارتبط اسم وضاح خنفر بقناة الجزيرة الفضائية ليس فقط كإعلامي بارز ولكن كمدير مسؤول عن احدى فروع مجموعة قنوات الجزيرة الفضائية وهو أردني الجنسية وفلسطيني الأصل خريج كلية الهندسة بالأردن، كما درس تخصص الفلسفة واستكمل دراسته بجنوب افريقيا .
بدأ عمله كمراسل سنة 1997 من جنوب افريقيا ، ثم الهند، ثم أفغانستان، وشغل منصب مدير عام قنوات الجزيرة خلال الفترة الممتدة من 2003 الى سنة 2011 حيث قرر الاستقالة من منصبه ايمانا منه بضرورة التغيير ومنح الفرصة لوجوه جديدة لينتقل حاليا للإشراف على منتدى الشرق للإعلام.
‘ كيف تقيم تعامل وسائل الاعلام مع الربيع العربي وهل تعتقد أن الاقتصار على الاعلام الحزبي والرسمي كان سيمكن من تغطية الأحداث بشكل محايد ومن ايصال الصورة الحقيقية لما يجري في الساحات العربية من رياح التغيير التي هبت لتعصف بعدد من الأنظمة التي عمرت طويلا حتى أصيب البعض باليأس فيما يخص امكانية تغييرها وكيف ترى أهمية الاعلام الدولي العابر للقارات من منظورك كمسؤول سابق بجهاز اعلامي له وزنه هو قناة الجزيرة؟
‘ من وجهة نظري كإعلامي وليس كمسؤول سابق بقناة الجزيرة وهو أفضل لأن ذلك مفيد لأني سأعبر بشكل أوسع وحتى لا تكون أفكاري مرشدة بالتوجيه المؤسساتي . وبالرجوع الى ما حصل من حراك بدأ في تونس وانتقل الى مصر ثم ليبيا واليمن وسورية أستطيع أن أقول أن الربيع العربي لم يصل لما وصل اليه إلا بناء على ظروف متعددة ساهم الاعلام في جزء كبير منها، فمنذ سنة 1996 تاريخ انطلاقة قناة الجزيرة الفضائية كانت بداية التغيير مما أدى لكسر كثير من المحرمات منها علاقة الانسان بالسلطة وحتى سنة 2001 بدأت مرحلة فتح الباب أمام أصوات حجبت بسبب الاعلام السابق وتعرضت للتهميش ومنها كثير من الأحزاب والحركات والأشخاص التي عاشت طيلة فترة طويلة ممنوعة من الظهور على الأثير وجاء الاعلام ليفتح لها الباب مما أثار لغطا كبيرا وكانت القفزة النوعية بعد ذلك هي التغطية الكاملة لتفاصيل ما حصل بأفغانستان والعراق بما في ذلك صور مطاردة القذائف وسائر تفاصيل الحرب من خلال تغطية شاملة.
‘ يفتح الحديث عن انطلاقة الجزيرة كثيرا من المواضيع الراسخة في ذهن المشاهد العربي ولعل أبرزها كما ذكرت هو التغطية الشاملة لحرب العراق بالصوت والصورة من أرض الحدث وعلى الهواء مباشرة وهو الأمر الذي لم يكن المتلقي في العالم العربي متعودا عليه على اعتباره يرتكز في كثير من هذه الأقطار على الصحافة الرسمية الناطق الرئيسي باسم الحزب الحاكم لذلك فوجود قناة عربية اخبارية لا تمثل أي انتماء سياسي دافع للاستغراب وهو ما يدفع لطرح السؤال هل يمكن أن نتحدث اليوم عن اعلام مستقل ؟
‘ يمكن الحديث عن اعلام حيادي نسبيا مواكب لحقوق الانسان ولمسألة التعددية الحزبية يسعى لهدف مهم وهو ألا يكون منفعلا ولكن على الرغم من كون الاعلام العربي عموما قام بتغطية مهمة خلال فترة الربيع العربي لكن الملاحظ اليوم أن كثير من القنوات بدأت تتخندق في خنادق اديولوجية وتعبر عن القوة التي تمثلها دون أن تكترث للمعايير الضابطة للمهنية وأخلاقيات الصحافة مما أحدث شرخا في الواقع العربي .
‘ هل كان لهذه المسألة التي أشرت لها حول الاعلام الاديولوجي علاقة باستقالتك من قناة الجزيرة ، وهل تلقيت أي ضغوط أدت لاتخاذك قرار التنحي عن ادارة قناة الجزيرة؟
‘ ما حصل من حراك في مختلف الأقطار العربية والذي وصل أوجه سنة 2011 هو درس بالنسبة لأي مسؤول وليس شرطا أن يكون حاكما أو مسؤولا رفيع المستوى بل بأي منصب من مناصب المسؤولية يجب ألا يقعد في منصبه حتى تتعالى كل الأصوات ضده أو يصل لمرحلة معينة يكثر فيها عليه اللغط ويصبح مطالبا من الجميع بتقديم استقالته والتنحي عن منصبه بطريقة قد لا تحفظ ماء الوجه لكن يجب التفكير من قبل بمنح الفرصة للخلف ولقيادات جديدة يمكن أن تقود نحو وجهة مختلفة لذلك أستشهد بالقادة العرب أبطال الربيع العربي وأقول أنه لا يجب البقاء في المناصب حتى الاعدام.
‘ كان هناك عتاب وجه لقناة الجزيرة خلال بداية الربيع العربي سنة 2011 حيث كنت تشغل منصبك كمدير عام للجزيرة حيث اتهمها البعض بتعمد تضخيم أحداث على حساب أخرى وعدم تسليط الضوء على الحراك الذي حصل بكل من اليمن والمغرب فكيف ترد على الأمر؟
‘ خلال سنة 2011 انفتحت علينا الدنيا ولا أحد كان يتوقع أن تتوالى كل تلك الأحداث بالشكل الذي حصلت به وفي التوقيت نفسه مجموعة من الثورات في مختلف الأقطار العربية وتتوالى التطورات بشكل سريع ومتزامن، وكان الرهان هو تقديم تغطية شاملة لما يجري لكن كما تعرفون ففي أي منبر اعلامي هناك أولويات في تغطية الأحداث بالبرامج الاخبارية وهناك أحداث مهمة وحاسمة تستحق تغطية فورية وشاملة باعتبار أهميتها، وهي تراثبية موجودة في كل وسائل الاعلام.
‘ هناك من يربط استقالتك بوجود ضغوط مورست عليك من قبل أنظمة معينة جعلتك تغادر فعليا منصبا حساسا في منبر اعلامي له وزنه في الساحة السياسية والإعلامية ليس فقط في العالم العربي ولكن عبر العالم فما رأيك بهذه الآراء وما هي مدى صحتها؟
‘ أريد التأكيد مرة أخرى أن استقالتي ليس لها أي ارتباط بأي شكل من الأشكال بضغوط خارجية ولكن السبب يكمن أساسا بكوني وضعت لنفسي هدفا وهو أن أكون أنا أيضا نموذجا مساهما في التغيير فنحن كإعلاميين نتحدث عن أهمية هذا التغيير لذلك لا يجب على غرار الحكام أن نقعد في مناصبنا حتى الاعدام ولكن تركت منصبي لأقوم بوقفة مع نفسي ولأعد للمشروع الذي سيلي مغادرة منصبي.
‘ هناك اتجاه يقول أن الجزيرة قد تخلفت بعد أن غادرها وضاح خنفر فالى أي مدى يمكن للأشخاص التأتير سلبا أو ايجابا على مسار مهني طويل والحكم عليه بالنجاح أو الاخفاق أم أن الأمر لا يرتبط بأفراد بقدر ما يتعلق بمؤسسة متكاملة؟
‘ تمكنت الجزيرة طيلة السنوات الماضية ومنذ سنة 1996 تاريخ تأسيسها من تأسيس منهج إعلامي واضح وأعلمنا به المشاهدين بل وكتبناه في شكل ميثاق شرف ودليل سلوك مهني وأصبح هناك توقع لما ينبغي أن تكون عليه مؤسسة الجزيرة.
المعركة الكبرى التي خضناها منذ تأسيس المؤسسة هي استقلاليتها وبناءها على أسس مهنية، فتوقع المشاهد ضروري جدا، لأنه لو لمح أو شاهد تغييرا في سياسة الجزيرة – حتى وإن كان ضئيلا – لعلمه وأدركه لأن مشاهدنا ذكي ويستطيع أن يلاحظ ..
لذلك لا أرى أن الجزيرة قادرة على أن تتغير بهذه الطريقة التي يتحدثون عنها، فهي مؤسسة تراعي ليس فقط القواعد المهنية، بل وتوقعات المشاهدين.
نحن من دون المشاهدين لا قدرة لنا على الاستمرار، وما حققته الجزيرة خلال 17 سنة يمكن ان ينهار في أيام معدودة لو قررت الجزيرة ان تتخلى عن موضوعيتها.
و أنا اشك في أن تغيّر الجزيرة من سياستها، وعندي ثقة أن المدير العام الجديد ورئيس مجلس الادارة وزملائي ان يستمروا بالمؤسسة فيما اسست عليه نفسها منذ انطلاقتها..
‘ السؤال الذي يطرح نفسه بعد مغادرتك لقناة الجزيرة هو ماهية المشروع الذي يشتغل فيه حاليا الاعلامي وضاح خنفر؟
‘ غادرت قناة الجزيرة سنة 2011 أي مباشرة بعد فترة الربيع العربي، وخلال سنة 2012 كانت الانطلاقة بمشروع اعلامي جديد أسسته وأشرف عليه حاليا وهو منتدى الشرق للإعلام وأكرس له كل وقتي وجهدي من أجل تقديم اعلام محايد ومسؤول.