تعددية "فتح" وانتصارها

تعددية فتح وانتصارها
أخبار البلد -  


تتوهم حركة فتح إذا اعتقدت أنها ليست طرفاً في إخفاقات حكومة سلام فياض، وليست شريكة بقراراتها، وأنها لا تتحمل المسؤولية معه، إن لم يكن أكثر، ويتوهم سلام فياض إذا اعتقد أن إنجازاته، هي ملكه وحده، وأن حركة فتح ليست شريكاً معه، ولم تتحمل العبء الأكبر لتمرير سياساته وإجراءاته وقراراته، فكلاهما حركة فتح وسلام فياض ومعهما الفصائل التي شاركت في إدارة الحكومة طوال سنوات ما بعد الانقلاب 2007 إلى يومنا هذا: الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وفدا وجبهة النضال، شركاء في الإنجاز وفي الإخفاق معاً، كل حسب دوره ومكانته وفرصته. 
فأولاً: من اختار وكلف سلام فياض هو الرئيس محمود عباس، رئيس حركة فتح، وهو الذي قدم له الشرعية والغطاء القانوني والدستوري لموقعه كرئيس للوزراء، وحماه ووفر له مظلة أمن لمواجهة هجوم الآخرين عليه حتى بما فيهم بعض قيادات "فتح"، وللذين لا يعرفون، عليهم أن يعرفوا، أن سلام فياض حينما شعر أن الرئيس لم يعد يوفر له هذه الحماية آثر الاستقالة والرحيل، فاستقالته لم تكن دوافعها وجود الاحتلال وإجراءاته، ولم تكن هجوم "حماس" وتجاوزاتها، بل إحساس سلام فياض أن مظلته الفتحاوية "مخروقة" ولم تعد مجدية في مواصلة طريقه وبرنامجه وخياراته، أمام هجوم بعض قيادات "فتح" وانتقاداتهم. 

وثانياً: إن الأدوات والمؤسسات والفعاليات التي اعتمد عليها سلام فياض في تنفيذ برنامجه، إنما هي أدوات فتحاوية ويقودها الفتحاويون في الأجهزة والمؤسسات، وهم الذين وفروا له القدرة على تنفيذ مشروعه وبرنامجه الوطني، وهذا ما لا يستطيع سلام فياض نفيه، ولذلك بقي صامتاً لأنه اختار "أبغض الحلال"، بالاستقالة. 

ومن جهته لم يكن سلام فياض موظفاً، تدرج حتى وصل إلى وظيفة رئيس وزراء، بل كان مهنياً رفيعاً يعمل في مؤسسات دولية، وكان يمكن له أن يشغل مواقع رفيعة خارج فلسطين، فقد أبلغني رئيس الوزراء الأردني الأسبق علي أبو الراغب أنه عرض عليه وزيراً في حكومته، ولكنه رفض وكان رده "سأعود للعمل في فلسطين، فهو أجدى، لي ولشعبي، هناك"، ولذلك لم يهبط سلام فياض بالبراشوت على العمل الوطني والسياسي، فهو الذي اختار ذلك راضياً، وخاصة بعد أن ترشح لعضوية المجلس التشريعي ونجح في ذلك. 

لن تخرب فلسطين، وسلطتها بغياب سلام فياض عن رئاسة الحكومة، وسيجد الرئيس من يكلفه بإدارة حكومته، وسيبقى سلام فياض نائباً موثوقاً من شعبه، ومقدرة سياسية واقتصادية بارزة، وعنواناً مهنياً يتباهى به الشعب الفلسطيني أمام العالم، وسيجد طريقه وخياره السياسي منفرداً أو شريكاً أو حليفاً مع القوى السياسية الفلسطينية الحية والفاعلة، وهذا ما لا تستطيع "فتح" إخفاءه أو التنصل منه، فهو قبل تكليف الرئيس له بعد الانقلاب، وبعد سلسلة هزائم منيت بها حركة فتح بعد فشلها في الانتخابات البلدية 2005، والانتخابات البرلمانية 2006، وفشلها في إحباط الانقلاب عام 2007، ولذلك جاءها سلام فياض، رافعة يسهم معها، مع كوادرها وشجعان مناضليها، في تحمل المسؤولية أمام ثلاث مهمات هي: مواجهة الاحتلال ومواجهة الانقلاب والصمود على الأرض عبر بناء المؤسسات. 

و"فتح" وبعض أعضاء لجنتها المركزية الذين نجحوا في التخلص من عقبة أمام طموحاتهم، عليهم أن يدركوا أن سلام فياض لم يكن شخصاً مفرداً، بل شخصية رصينة مهنية رفيعة المستوى، كانت رافعة لهم، مثلما كانوا حماية ومظلة له، وهو في نفس الوقت يمثل شريحة فلسطينية مهمة، ومهمة جداً في النضال الوطني، لا يقل أهمية عن التيار اليساري المطلوب والتيار القومي المهم، وهو التيار الوطني الوسطي الليبرالي المستقل، وهذا ما كان يقدره ويراهن عليه الرئيس الفذ ياسر عرفات، وسار عليه من بعده الرئيس محمود عباس، لأنه ضرورة وطنية. 

فقد استطاع ياسر عرفات انتزاع التمثيل الفلسطيني، وهزيمة الرئيس حافظ الأسد وانتزع منه القرار المستقل، ولكن لم يكن ذلك ليتم بفعل تضحيات الشعب الفلسطيني، وبسالة مقاتلي "فتح"، وصلابة الفصائل الأخرى، وحسب، بل كان ذلك بمساهمة المستقلين والذوات النوعية : إلياس فريج ورشاد الشوا وكريم خلف وفهد القواسمي وعبد الجواد صالح وسميحة خليل وحنا ناصر ومحمد زهدي النشاشيبي وإبراهيم بكر وياسر عمرو وعبد الحميد السائح وغيرهم، فلولا هؤلاء وانحيازهم وشجاعتهم في ذلك الوقت وتوقيعاتهم لما حصل ياسر عرفات على حق تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني في قمة الرباط عام 1974، مثلما هزم الأميركيين والإسرائيليين وانتزع منهم الاعتراف بالعناوين الثلاثة : 1- الشعب الفلسطيني 2- منظمة التحرير الفلسطينية 3- الحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني، بفعل إسهامات الدكتور حيدر عبد الشافي وحنان عشراوي وغيرهما العديد من الشخصيات المستقلة التي لعبت دوراً في المفاوضات والوفد المشترك. 

واليوم بعد سلطتي الضفة والقطاع، وحكومتي رام الله وغزة، وصراع "فتح" مع "حماس"، وما يميزهما عن بعضهما، ويدفع القطاع الأوسع من شعبنا الفلسطيني، للانحياز نحو حركة فتح وسلطتها الوطنية في مواجهة انقلاب حركة حماس، إنما هو إقرار حركة فتح وتوجهاتها نحو الإيمان بالتعددية، وتاريخها بقبول التعددية واحترام الآخر، وليس بفعل نضالها، فالنضال تشاركها فيه "حماس" وتضحيات قياداتها لا تقل بسالة عن تضحيات قيادات "فتح"، ولكن سياسة "فتح" الانفتاحية القائمة على الجبهوية وشراكة الآخرين، سواء في إدارة منظمة التحرير منذ أن قادتها "فتح" عام 1969، وفي إدارة السلطة الوطنية وحكوماتها المتعاقبة منذ عام 1996 حتى يومنا هذا يدلل على صواب سلوك حركة فتح واعتمادها على الانفتاح والتعددية وشراكة الفصائل والشخصيات معها، بينما نجد سلطة "حماس" الأحادية الحزبية الضيقة، وضيق أفقها في التعامل مع الآخر حتى ولو كان من طينتها الفكرية فهي تكرهه وترفض شراكته وأبرز دلالة على ذلك حكومتها الحزبية الضيقة برئاسة إسماعيل هنية منذ الانقلاب عام 2007 حتى يومنا هذا. 

و"فتح" تقبل الانتخابات وتحترم نتائج صناديق الاقتراع، وهذا ما فعلته عام 2005 في الانتخابات البلدية وهذا ما انصاعت إليه في نتائج الانتخابات البرلمانية عام 2006، وهذا ما لا تقبل به "حماس" ولا تزال وهو رفضها الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، مرة أخرى، رغم انتهاء ولاية الرئيس وولاية المجلس التشريعي. 

لتبق "فتح"، كما كانت، وكما نتمنى أن تبقى أول الرصاص، أول الحجارة، وأول شريك قوي يقبل بالآخر ويحترمه، وإلا فإنهم يكونون قد ضحوا بتراث عرفات التعددي وتراث "فتح" نفسها وتمايزها عن باقي الفصائل، وهو سبب جوهري لتكرار هزائمها، كما حصل في الانتخابات البلدية والانتخابات البرلمانية، وفي الانقلاب الحمساوي. 

h.faraneh@yahoo.com
شريط الأخبار المستشفى الميداني الأردني غزة /79 يستقبل 16 ألف مراجع الملك يرعى حفل جوائز الملك عبدالله الثاني للتميز الخارجية: لا إصابات بين الأردنيين جراء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان حزب الله: قصفنا مستعمرة "جيشر هزيف" بصلية صاروخية الحكومة تقرر تخفيض أسعار البنزين 90 و95 والديزل لشهر تشرين الأول المقبل وفاة احد المصابين بحادثة اطلاق النار داخل المصنع بالعقبة البنك الأردني الكويتي ينفذ تجربة إخلاء وهمية لمباني الإدارة العامة والفرع الرئيسي وفيلا البنكية الخاصة الخبير الشوبكي يجيب.. لماذا تتراجع أسعار النفط عالمياً رغم العدوان الصهيوني في المنطقة؟ حملة للتبرع بالدم في مستشفى الكندي إرجاء اجتماع مجلس الأمة في دورته العادية حتى 18 تشرين الثاني المقبل (ارادة ملكية) الاعلام العبري: أنباء عن محاولة أسر جندي بغزة تسجيل أسهم الزيادة في رأس مال الشركة المتحدة للتأمين ليصبح 14 مليون (سهم/دينار) هيفاء وهبي تنتقد الصمت الخارجي بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان مشاهد لتدمير صاروخ "إسكندر" 12 عربة قطار محملة بالأسلحة والذخائر لقوات كييف كمين محكم للمقاومة الفلسطينية جنوبي غزة في أول تصريح لوزير الاقتصاد الرقمي سامي سميرات يعيد "نفس الكلام" !! أبو علي: 100 آلف مكلف المسجلين بنظام الفوترة الوطني الالكتروني البنك "الاستثماري" يفوز بجائزتين مرموقتين من جوائز الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية العالمية المستحقون لقرض الإسكان العسكري لتشرين الأول (أسماء) نائب الأمين العام لحزب الله: "إسرائيل" لم ولن تطال قدراتنا العسكرية.. وجاهزون لحرب برية