اخبار البلد : تحقيق وتصوير- أمل أبو صبح-«لا يمكنك القبض علي أنا لا أتسول أنا
أعمل في الدعارة»، «قديش بدك عشرين أو ثلاثين دينار خذهم واتركني أتسول
لانه اذا ما اخذتهم راح يروحوا عليك لاني راح ادفعهم غرامة وارجع اتسول»،
«بتتركني ولا بلبسك قضية اعتداء علي واذا مش عاجبك اغتصاب».
الاقتباسات السالفة عبارات تهديد ووعيد أطلقتها متسولات ضد ضباط الأمن العام ومندوبي وزارة التنمية الاجتماعية عند إلقاء القبض عليهن أثناء تسولهن في مناطق مختلفة في عمان.
«كاتبة التحقيق» سجلت بالكلمة والصورة التهديدات التي يطلقها المتسولون، أثناء مرافقتها ضباط الأمن العام وموظفي التنمية الاجتماعية ولمدة أسبوع في جولاتهم الميدانية التي يقومون بها لضبط المتسولين.
التهديدات التي تعترض عمل فريق الضبط لا تظل تهديدات بل تنفذ على أرض الواقع أحيانا وفق مدير مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية فتحي العمايرة. ظاهرة التسول في تزايد في مدن المملكة وبحسب إحصائيات لوزارة التنمية الاجتماعية فقد تم ضبط 2790 متسولا العام الماضي، فيما بلغ عددهم 1057 متسولا العام 2011، في حين ضبط الأمن العام بالتعاون مع التنمية الاجتماعية خلال العام 2012 (1792) متسولا ومتسولة، منهم (914) انثى، منهن (107) دون سن الثامنة عشرة، و(565) ذكورا، منهم (179) دون سن الثامنة عشرة.
ملاحقة في القويسمة
في جولة استمرت على مدار اسبوع وبتعاون ومرافقة الامن العام ووزارة التنمية الاجتماعية، سجلت كاتبة التحقيق بالكلمة والصورة حملات الملاحقة والقبض على المتسولين والمتسولات التي تتم على مدار اليوم كاملا وبكل ما فيها من مخاطر، على أن يكون تسليط الضوء خاصة على النساء والفتيات المتسولات اللواتي يتخذن من الاطفال وسيلة للتسول.
الجولة الاولى كانت في منطقة القويسمة حيث انطلقت كاتبة التحقيق من امام صحيفة «الرأي» في باص خاص محمي بشباك حماية، وكانت اول ملاحظة ضعف الحماية ورداءة الآليات الخاصة بمهمة القبض على المتسولين.
رئيس قسم مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية فتحي العمايرة قائد الجولة علق خلال الطريق «للاسف الشديد الباصات الخاصة لمكافحة التسول تحتاج لصيانة دائمة، لتعرضها للرمي بالحجارة من قبل رفاق المتسولين عند القاء القبض على رفاقهم».
ويوضح العمايرة ان الباصات المخصصة للجولات قديمة جدا، وشباك الحماية التي وضعوها مؤخرا حول نوافذ الباصات للحماية ليست كافية لحماية فريق المكافحة من الضرب بالحجارة والمطاردة من قبل رفاق المتسولين، ولا يوجد حواجز بين ضباط الفرق وبين المتسولين في هذه الباصات ما يعرض فرق المكافحة للاعتداء في الباصات بعد القاء القبض على المتسولين. ويشير الى ضرورة تأمين وسائل لحماية فرق المكافحة إذ تمنع التعليمات رجال الأمن المرافقين للجان المكافحة من حمل أية أسلحة أو عصي.
ويضيف «نتعرض لتهديدات واعتداءات من المتسولين وتتراوح ما بين رضوض وكدمات واصابات مختلفة وحدث ان تعرض موظف للاعتداء بواسطة أداة حادة وأصيب في وجهه، بحيث احتاج الجرح الى 6 «غرز» لتقطيبه».
ويبين أن «مسلسل الاعتداءات على فرق مكافحة التسول، نتج عنه تعطيل خمسة باصات بكلفة تجاوزت ألفي دينار لصيانتها، نتيجة تحطيم الزجاج وأضرار أخرى، ما دفع موظفين من تلك الفرق لتقديم شكاوى في المراكز الأمنية ولدى الوزارة طالبوا خلالها بإيجاد حلول سريعة ورادعة لظاهرة الاعتداء عليهم وعلى الآليات التي تقلهم.
ويعزو العمايرة تفاقم ظاهرة الاعتداءات لقلة موظفي الفرقة الواحدة، نتيجة تخفيض أمانة عمان الكبرى الشريك الرئيس في تلك الفرق لعدد موظفيها الى موظف واحد وباص واحد، بعد أن كانت تخصص 6 موظفين لعملية مكافحة التسول.
بعد تلقي العمايرة بلاغا بوجود متسولات يحملن اطفالا بين ايديهن في منطقة القويسمة وتحديدا عند اشارة «بيتنا» عند زاوية مخابز ومطاعم الشلتاوي، توجه الباص للمنطقة المذكورة بمرافقة ضباط ضبط من الامن العام التابعين لمديرية اقليم العاصمة وموظف من دائرة مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية وقائد الجولة فتحي العمايرة وسائق الباص وهو ايضا موظف في التنمية الاجتماعية.
وخلال سيرنا في الطريق كان كل من ضباط الامن العام وموظفي التنمية يبحثون عن متسولين هنا وهناك وكلما شاهدوا متسولا او متسولة، يقفزون من الباص لالقاء القبض عليهم بعد مراقبتهم لفترة لا تتجاوز «خمس دقائق».
وعند وصول الباص الى القويسمة توقف بعيدا عن مكان الفتاتين المتسولتين للمراقبة لمدة عشر دقائق.. لاحقا ترجل الضباط وموظفو التنمية متوجهين الى المتسولتين وهنا شهدنا ما لم يكن في الحسبان.
حماية ودعم
بمجرد بدء عملية القاء القبض على المتسولتين «دنيا محمد شاهين» (20) سنة، و«سهام عصام شريف» (22) سنة (شابتان تحمل كل منهما طفلا بين ذراعيها، لم يتجاوز عمر كل طفل شهرين الى ثلاثة اشهر!!)، بدأتا بالصراخ والعويل والبكاء والضرب على الوجه وافتراش الارض وضرب نفسيهما، احداهما ادعت انها حامل واخذت تضرب نفسها، وتهدد بضرب رأس طفلها على الارض».
وخلال ثوان معدوده تجمهر في المكان اكثر من مائة رجل للدفاع عن الفتاتين، منهم من يحمل آلات حادة كالأمواس محاولين تهديد رجال الامن والتنمية اذا اقتربوا من الفتيات.
واصلت الفتيات تلك التصرفات لمدة ربع ساعة دون ان يستطع اي من رجال الامن العام او التنمية الاقتراب منهما، وهنا تجدر الاشارة الى اهمية وجود الشرطة النسائية في تلك الحالات وهذا ما طالب به الامن والتنمية.
وعندما تأزم الموقف بإحاطة الرجال للفتيات، اضطر ضابط الضبط الاستعانة بسيارة الشرطة التي حضرت للمكان، وبتعاون الشرطة وبدون اي ايذاء او ضرب للفتاتين تم اقتيادهما الى مركبة التنمية.
واثناء عويلهما قبل اقتيادهما بالقوة الى المركبة واثناء تصوير كاتبة التحقيق لهما، بدأتا بإطلاق تهديدات لها بالقتل وحرق الوجه، وتلفظن بكلمات نابية على مرأى من الامن العام والتنمية الاجتماعية.
«بعد ساعتين او بكرة بالكتير بطلع وبقطعك تقطيع بأسناني»، «راح نقتلك قتل الموت وما حدا راح يخلصك من ايدي»، «والله العظيم راح ادفنك»، «والله العظيم راح احرق وجهك»، «بسيطة اذا بظل الك لسان تحكي فيه راح نقطعه.. ونقطع ايديك ونعلقهم برقبتك عشان ما تصورينا مرة ثانية».
واثناء المسير باتجاه مركز امن القويسمة لتسليمهما قامت احدى الفتاتين بتسليم ما جمعتا من مال اثناء تسولهما لشقيقة إحداهما التي حضرت اثناء عملية المداهمة، وصعدت معهما المركبة لتكفلهما، وتبين ان الشقيقة كانت تتسول عند الاشارة الضوئية الثانية في المنطقة نفسها وعندما شاهدت القاء القبض على شقيقتها حضرت مسرعة من أجل «الفزعة».
ولم يتم القبض على الشقيقة التي اتضح ايضا انها متسولة ومطلوبة لقضايا تسول مختلفة لكن لم يتم ضبطها، فعملية القاء القبض لا تتم الا على من يضبط بفعل التسول.
واستمرت الفتاتان بالتوسل للضباط لتركهما، مطلقتان الوعود بعدم التسول مرة ثانية، احداهما مزقت ملابسها واخذت تضرب بطنها لكي تسقط طفلها مدعية انها حامل بالرغم من ان الطفل الذي تحمله بين ذراعيها لا يتجاوز عمره الشهرين.
وحال الوصول لمركز امن القويسمة وجدنا بانتظارنا رجلين حضرا لتكفيل الفتاتين، وفي بداية الامر رفض المركز استلام المتسولتين بسبب عدم وجود هويات شخصية لديهما، لكن بعد استلام محضر ضبط من ضباط الامن في فريق المكافحة تم الاستلام ورفضت كفالة الرجلين وكذلك رفضت كفالة زوجيهما وتم تحويلهما الى الحاكم الاداري.
اما الطفلان اللذان لم يتجاوز عمراهما بضعة شهور واللذان كانا بين حضني المتسولتين، فقد تم تسليمهما الى زوجي المتسولتين واشقائهما.
أزواج المتسولات
ويزعم زوجا المتسولتين الملقى القبض عليهما بأن «زوجتيهما ووالدتا طفليهما اضطرتا للتسول بسبب جوع طفليهما، وانهما -الزوجين- يتسولان ايضا لكنهما لا يستطيعان جمع ما تجمعه زوجتاهما».
ويقول ابو محمد زوج احدى المتسولات «زوجتي وام طفلي الوحيد» الطفل الرضيع الذي كانت تحمله زوجته اثناء تسولها «هي من تستطيع دفع اجرة المنزل وتأمين الحليب والطعام للاسرة من خلال التسول».
ويتابع «انا ايضا اتسول لكن في المساء وللاسف لا استطيع جمع 10% مما تستطيع جمعه زوجتي، فالناس يتعاطفون مع النساء اكثر من الرجال، وخاصة اذا كانت المتسولة تحمل بين يديها طفلا رضيعا».
ويطالب ابو محمد بعدم ايداع زوجته السجن قائلا «ارحموا زوجتي فهي حامل بالشهر الثاني، وطفلها لم يتجاوز عمره الاربعة اشهر، وبدونها نموت من الجوع».
تغيير المظهر
ويقول احد ضباط الضبط في فريق مكافحة التسول «اضطر لتغيير شكلي اكثر من مرة خوفا من ملاحقتي من قبل المتسولين، احيانا اقوم بارتداء نظارات وأحلق شاربي وأصبغ شعري واحيانا اصفف شعري بطرق مختلفة».
ويتابع «قبل حوالي شهر تعرضت لضربة (موس) في وجهي من قبل شخص اثناء إلقائي القبض على احدى المتسولات والذي كان يقف خلفها ليتضح لاحقا انها شقيقته، ونقلت على اثرها الى المستشفى لتلقي العلاج، وللاسف هربت الفتاة المتسولة برفقة شقيقها وما زلت ابحث عنهما حتى اليوم دون جدوى وما زالت آثار ضربة الموس في وجهي واضحة».
وغالبا ما يهرب المتسولون الذين اصبحوا يعرفون شكل الباص، بالرغم من قيام ضباط الامن العام وموظفي التنمية الاجتماعية بتغيير مظهرهم، وغالبا ما تكون نتيجة الحملات الافراج عن المتسولات بكفالة او غرامة مالية وفق العمايرة.
انتقلنا في الجولة الى وسط البلد وتحديدا عند اشارة البنك العربي حيث تجلس عند زاوية البنك (ام محمد) (50) سنة، وبرفقتها ابنتها المعاقة «ياسمين» (15) سنة، تستجدي المارة مساعدتها لاعالة ابنتها واطعامها.
العملية التي قامت بها وزارة التنمية الاجتماعية والامن العام لالقاء القبض على ام محمد وابنتها باءت بالفشل بسبب تجمهر وتدخل الناس، والوقوف امام الامن والتنمية لتركها وشأنها، وباتت تستدر عطف الأمن فاستجاب لها وأطلق سراحها.
ويوضح العمايرة انهم كل مرة يفشلون في القاء القبض عليها بسبب تدخل وتجمهر الناس، وان معدل ما تجمعه يوميا من التسول يصل الى (40-50) دينارا وهي من سكان الزرقاء ومعروفة للجميع بانها متسولة وعندما تجد ان الحركة ضعيفة في الزرقاء وان ما تجمعه قليل تتوجه الى عمان وتحديدا وسط البلد لحركة المواطنين القوية فيها.
ويؤكد ان ظاهرة التسول اصبحت تنظيما قويا لا يستهان به، بل عبارة عن شبكة لا يعرف من يقودها ومن وراءها، خاصة وان غالبية المتسولين سرعان ما يعودون للتسول بعد الافراج عنهم بساعات معدودة، وكأنهم في ساعات عمل محددة لا يمكن تأجيلها او توقفها. ويضيف «برأيي هم عبارة عن تنظيم قوي جدا».
منافسة ومافيات
الجولة الثالثة كانت في منطقة دوار الواحة وتحديدا عند مخابز غيث، هناك أفلتت فتاة لا يتجاوز عمرها العشرين عاما من قبضة ضباط الامن والتنمية الاجتماعية اثناء تسولها، عندما دافعت عن نفسها من تهمة التسول قائلة: «لا يمكنك القبض علي انا لا اتسول انا اعمل في الدعارة». وبالفعل لم يتمكن فريق الامن العام والتنمية من القاء القبض عليها وتركوها وشأنها، والسبب ان ذلك ليس من اختصاص دائرة مكافحة التسول.
الحالة السابقة هي حالة من عشرات الحالات اليومية التي تعترض عمل فريق مكافحة التسول وفق العمايرة وضباط الضبط في الفريق.
ويقر مدير وحدة مكافحة التسول في الامن العام الرائد قاسم البطوش بأن ظاهرة «التسول» اصبحت مهنة وليست حاجة، يقوم بها العديد من النساء والرجال بالرغم من تعاون جميع الجهات المعنية للحد من هذه الظاهرة التي اصبحت تزعج الجميع.
ويؤكد البطوش ان عددا كبيرا من النساء اللواتي القي القبض عليهن اثناء تسولهن وهن يحملن اطفالا بين أذرعهن ظهر أن الاطفال ليسوا أطفالهن وانهن «استأجرنهم» من اسرهم مقابل مبالغ مالية وغالبا ما يكون هؤلاء الاطفال من ذوي الاعاقة.
ويضيف «قمنا مؤخرا وبالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية بإلقاء القبض على سيدة (متسولة) كانت تستأجر طفلا من والدته مقابل ثلاثة دنانير في الساعة، وبعد التحري واستدعاء والدة الطفل تبين لنا ان هذا الطفل (معاق)، حيث تم تحويل هذه السيدة الى المدعي العام ومن ثم الى المحكمة التي اتخذت بحقها وبحق والدة الطفل العقوبة القانونية».
ويشير إلى ان هناك عددا لا بأس به من المتسولات اللواتي يحملن اطفالا بين أذرعهن هم اطفالهن فعلا ويقدن عائلاتهن في التسول، فتجدنا نلقي القبض على الام والطفل والاب وبالتالي على العائلة بالكامل التي تمتهن التسول.
ويبين ان هناك متسولات القينا القبض عليهن حالتهن المادية اكثر من ممتازة، ومثال على ذلك ضبطنا قبل فترة قصيرة سيدة متسولة في منطقة الجبيهة وبعد التحري تبين لنا انها تمتلك سيارة بقيمة 70 الف دينار، وفي حالة اخرى واثناء القائنا القبض عليها كانت تحمل هاتفا خلويا بقيمة 400 دينار وتمتلك منزلا ويزيد دخلها اليومي من التسول عن خمسين دينارا.
ويؤكد البطوش «ان ما زاد من حدة الظاهرة وانتشارها بشكل يصعب السيطرة عليه هو دخول المغتربين من السوريات والعراقيات عالم مهنة التسول فأصبحن ينافسن ويمارسن التسول بأساليب مختلفة، وقد قمنا مؤخرا بإلقاء القبض على عدد كبير منهن وايضا ممن يحملن اطفالا بين أذرعهن لكنهم اطفالهن وليسوا مؤجرين.
ويحذر البطوش ممن وصفهم «بالمافيات» التي تقف خلف المتسولات والمتسولين، موضحا ان هناك ظاهرة غريبة على مجتمعنا اخذت تتفاقم حدتها في الفترة الاخيرة وتعترض وتؤثر على عملنا، تتمثل بوجود من يحمي هؤلاء المتسولات والمتسولين.
ويلفت البطوش الى أن «التحالف» الاخير بين قيادة اقليم العاصمة برئاسة العميد فاضل الحمود ومحافظ العاصمة سمير مبيضين، يسعى للحد من الظاهرة، خاصة في ظل عدم خوف المتسولات والمتسولين من تحويلهم الى القضاء لعدم وجود ما يردعهم في ظل دفع الغرامة بدل الحبس وبالتالي يقومون بدفع الغرامة والعودة لممارسة التسول.
ويشير إلى أن التحالف وبالتنسيق مع الحكام الاداريين اتخذ اجراءات ادارية حازمة بحق المتسولين، من خلال توقيعهم على تعهدات وربطهم بكفالات الامر الذي حد بشكل جيد من تفاقم الظاهرة.
ويقول «تشكل وزارة التنمية حملات مكافحة التسول من موظفيها وبالتعاون مع جهات اخرى منها: الأمن العام وأمانة عمان والبلديات، وغالبية المقبوض عليهم بتهم التسول يتم اطلاق سراحهم بكفالة من قبل المحاكم المختصة».
ويقر البطوش بعدم وجود احصائية لعدد قضايا التسول في المحاكم الاردنية، ويوضح «من الصعب احصاء عدد قضايا التسول التي تصل المحاكم فهذا النوع من القضايا في ارتفاع مستمر، والحكم يصدر فيها في اول جلسة والتي تنتهي غالبا بدفع الغرامة بدل الحبس».
المتسولة لا تعمل بالبغاء
بدوره كشف الناطق الرسمي باسم وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط عن أحدث دراسة حول المرأة المتسولة في المجتمع الأردني، واجريت الدراسة على عينة من المتسولات (مائة متسولة)، واكدت الدراسة على ان «المتسولة لا تعمل بالبغاء، بل هدفها جمع الأموال عن طريق الاستجداء بأساليب متجددة».
ويتابع «رغم أنَّ المتسولات حسب الدراسة يتعرضن للتحرش الجنسي من قبل الرجال، إلا أنَّ الوزارة تقوم بدورها كاملا من خلال شن حملات مكافحة ليلا ونهارا، ويتم تحويلهن إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهن».
ويلفت الرطروط الى صعوبات عمل موظفي الضبط من حيث الاعتداءات الجسدية المتكرره على موظفي وزارة التنمية الاجتماعية وتحطيم السيارات التي يستخدمونها، بالاضافة للاعتداءات اللفظية والتهديدات المستمرة.
ويقول ان غالبية الإصابات ما بين رضوض وكدمات، وحدث ان تعرض موظف لاصابة في وجهه بواسطة أداة حادة بحيث احتاج الجرح الى 6 «غرز» لتقطيبه.
ويؤكد «ان مسلسل الاعتداءات على فرق مكافحة التسول نتج عنه تعطيل باصات نتيجة تحطيم الزجاج وأضرار أخرى فيها»، لافتا الى ان اغلب مناطق الاعتداءات تتركز في منطقة دوار الصناعة بمنطقة وادي السير وتكررت الظاهرة أكثر من مرة من قبل باعة متجولين يحمون هؤلاء المتسولين يشكلون بدورهم «عصابات منظمة» لا يستطيع أحد التعرض لها.
قانون التسول
«أبو مهند» من سكان منطقة طبربور ابدى استغرابه من سلوك المتسولات وخاصة من وصفهن بالـصبايا، مؤكدا على انتشار شابات يستجدين الناس في منتصف الليل وليس في الشوارع فقط بل من خلال قرع الابواب بحثا عن طعام او أي شيء ينتقعن منه.
ويؤكد ان خمس متسولات واصلن وعلى مدار اسبوعين طرق باب منزله لطلب المعونه والمال، الامر الذي اضطره الى ابلاغ الاجهزة الامنية عنهن وعن اوصافهن الى أن تم القاء القبض عليهن مؤخرا.
ويوضح ابومهند انه لم يقم بالابلاغ عن تلك المتسولات بسبب الازعاج فقط، وانما خوفا على ابنائه الشباب.
ويطالب الدكتور الرطروط بتشديد تنفيذ عقوبة قانون مكافحة التسول والتي تنص الفقرة الثانية من المادة (38) فيها من قانون العقوبات على أن: المتسول هو كل من استعطى أو طلب الصدقة من الناس متذرعاً إلى ذلك بعرض جروحه، أو عاهة فيه، أو بأية وسيلة أخرى، سواء أكان متجولاً أو جالساً في محل عام، أو وجِدَ يقدم ولداً دون السادسة عشرة من عمره للتسول وجمع الصدقات أو يشجعه على ذلك.
ويتم الحكم عليه بعقوبة الحبس لمدة 3 شهور الى سنة في حال تكرار الفعل للمرة الثانية، لتزيد من اربعة شهور الى سنة اذا تكررت للمرة الثالثة.
وقد اعتبر القانون الأردني التسول بغير سبب مشروع جريمة يستحق صاحبها العقاب عليها لأنه أكل لأموال الناس بالباطل ووسيلة من وسائل التحايل على الناس.
وبدورها قالت دائرة الافتاء في فتوى جديدة أن «التسول حرام شرعاً» وبينت «على مَنْ يملك ما يغنيه عنه من مال، أو قدرة على الكسب، ومن أخذ مالاً بالسؤال وعنده قدرة على التكسب، فقد أخذ مالاً حراماً
الرأي
الاقتباسات السالفة عبارات تهديد ووعيد أطلقتها متسولات ضد ضباط الأمن العام ومندوبي وزارة التنمية الاجتماعية عند إلقاء القبض عليهن أثناء تسولهن في مناطق مختلفة في عمان.
«كاتبة التحقيق» سجلت بالكلمة والصورة التهديدات التي يطلقها المتسولون، أثناء مرافقتها ضباط الأمن العام وموظفي التنمية الاجتماعية ولمدة أسبوع في جولاتهم الميدانية التي يقومون بها لضبط المتسولين.
التهديدات التي تعترض عمل فريق الضبط لا تظل تهديدات بل تنفذ على أرض الواقع أحيانا وفق مدير مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية فتحي العمايرة. ظاهرة التسول في تزايد في مدن المملكة وبحسب إحصائيات لوزارة التنمية الاجتماعية فقد تم ضبط 2790 متسولا العام الماضي، فيما بلغ عددهم 1057 متسولا العام 2011، في حين ضبط الأمن العام بالتعاون مع التنمية الاجتماعية خلال العام 2012 (1792) متسولا ومتسولة، منهم (914) انثى، منهن (107) دون سن الثامنة عشرة، و(565) ذكورا، منهم (179) دون سن الثامنة عشرة.
ملاحقة في القويسمة
في جولة استمرت على مدار اسبوع وبتعاون ومرافقة الامن العام ووزارة التنمية الاجتماعية، سجلت كاتبة التحقيق بالكلمة والصورة حملات الملاحقة والقبض على المتسولين والمتسولات التي تتم على مدار اليوم كاملا وبكل ما فيها من مخاطر، على أن يكون تسليط الضوء خاصة على النساء والفتيات المتسولات اللواتي يتخذن من الاطفال وسيلة للتسول.
الجولة الاولى كانت في منطقة القويسمة حيث انطلقت كاتبة التحقيق من امام صحيفة «الرأي» في باص خاص محمي بشباك حماية، وكانت اول ملاحظة ضعف الحماية ورداءة الآليات الخاصة بمهمة القبض على المتسولين.
رئيس قسم مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية فتحي العمايرة قائد الجولة علق خلال الطريق «للاسف الشديد الباصات الخاصة لمكافحة التسول تحتاج لصيانة دائمة، لتعرضها للرمي بالحجارة من قبل رفاق المتسولين عند القاء القبض على رفاقهم».
ويوضح العمايرة ان الباصات المخصصة للجولات قديمة جدا، وشباك الحماية التي وضعوها مؤخرا حول نوافذ الباصات للحماية ليست كافية لحماية فريق المكافحة من الضرب بالحجارة والمطاردة من قبل رفاق المتسولين، ولا يوجد حواجز بين ضباط الفرق وبين المتسولين في هذه الباصات ما يعرض فرق المكافحة للاعتداء في الباصات بعد القاء القبض على المتسولين. ويشير الى ضرورة تأمين وسائل لحماية فرق المكافحة إذ تمنع التعليمات رجال الأمن المرافقين للجان المكافحة من حمل أية أسلحة أو عصي.
ويضيف «نتعرض لتهديدات واعتداءات من المتسولين وتتراوح ما بين رضوض وكدمات واصابات مختلفة وحدث ان تعرض موظف للاعتداء بواسطة أداة حادة وأصيب في وجهه، بحيث احتاج الجرح الى 6 «غرز» لتقطيبه».
ويبين أن «مسلسل الاعتداءات على فرق مكافحة التسول، نتج عنه تعطيل خمسة باصات بكلفة تجاوزت ألفي دينار لصيانتها، نتيجة تحطيم الزجاج وأضرار أخرى، ما دفع موظفين من تلك الفرق لتقديم شكاوى في المراكز الأمنية ولدى الوزارة طالبوا خلالها بإيجاد حلول سريعة ورادعة لظاهرة الاعتداء عليهم وعلى الآليات التي تقلهم.
ويعزو العمايرة تفاقم ظاهرة الاعتداءات لقلة موظفي الفرقة الواحدة، نتيجة تخفيض أمانة عمان الكبرى الشريك الرئيس في تلك الفرق لعدد موظفيها الى موظف واحد وباص واحد، بعد أن كانت تخصص 6 موظفين لعملية مكافحة التسول.
بعد تلقي العمايرة بلاغا بوجود متسولات يحملن اطفالا بين ايديهن في منطقة القويسمة وتحديدا عند اشارة «بيتنا» عند زاوية مخابز ومطاعم الشلتاوي، توجه الباص للمنطقة المذكورة بمرافقة ضباط ضبط من الامن العام التابعين لمديرية اقليم العاصمة وموظف من دائرة مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية وقائد الجولة فتحي العمايرة وسائق الباص وهو ايضا موظف في التنمية الاجتماعية.
وخلال سيرنا في الطريق كان كل من ضباط الامن العام وموظفي التنمية يبحثون عن متسولين هنا وهناك وكلما شاهدوا متسولا او متسولة، يقفزون من الباص لالقاء القبض عليهم بعد مراقبتهم لفترة لا تتجاوز «خمس دقائق».
وعند وصول الباص الى القويسمة توقف بعيدا عن مكان الفتاتين المتسولتين للمراقبة لمدة عشر دقائق.. لاحقا ترجل الضباط وموظفو التنمية متوجهين الى المتسولتين وهنا شهدنا ما لم يكن في الحسبان.
حماية ودعم
بمجرد بدء عملية القاء القبض على المتسولتين «دنيا محمد شاهين» (20) سنة، و«سهام عصام شريف» (22) سنة (شابتان تحمل كل منهما طفلا بين ذراعيها، لم يتجاوز عمر كل طفل شهرين الى ثلاثة اشهر!!)، بدأتا بالصراخ والعويل والبكاء والضرب على الوجه وافتراش الارض وضرب نفسيهما، احداهما ادعت انها حامل واخذت تضرب نفسها، وتهدد بضرب رأس طفلها على الارض».
وخلال ثوان معدوده تجمهر في المكان اكثر من مائة رجل للدفاع عن الفتاتين، منهم من يحمل آلات حادة كالأمواس محاولين تهديد رجال الامن والتنمية اذا اقتربوا من الفتيات.
واصلت الفتيات تلك التصرفات لمدة ربع ساعة دون ان يستطع اي من رجال الامن العام او التنمية الاقتراب منهما، وهنا تجدر الاشارة الى اهمية وجود الشرطة النسائية في تلك الحالات وهذا ما طالب به الامن والتنمية.
وعندما تأزم الموقف بإحاطة الرجال للفتيات، اضطر ضابط الضبط الاستعانة بسيارة الشرطة التي حضرت للمكان، وبتعاون الشرطة وبدون اي ايذاء او ضرب للفتاتين تم اقتيادهما الى مركبة التنمية.
واثناء عويلهما قبل اقتيادهما بالقوة الى المركبة واثناء تصوير كاتبة التحقيق لهما، بدأتا بإطلاق تهديدات لها بالقتل وحرق الوجه، وتلفظن بكلمات نابية على مرأى من الامن العام والتنمية الاجتماعية.
«بعد ساعتين او بكرة بالكتير بطلع وبقطعك تقطيع بأسناني»، «راح نقتلك قتل الموت وما حدا راح يخلصك من ايدي»، «والله العظيم راح ادفنك»، «والله العظيم راح احرق وجهك»، «بسيطة اذا بظل الك لسان تحكي فيه راح نقطعه.. ونقطع ايديك ونعلقهم برقبتك عشان ما تصورينا مرة ثانية».
واثناء المسير باتجاه مركز امن القويسمة لتسليمهما قامت احدى الفتاتين بتسليم ما جمعتا من مال اثناء تسولهما لشقيقة إحداهما التي حضرت اثناء عملية المداهمة، وصعدت معهما المركبة لتكفلهما، وتبين ان الشقيقة كانت تتسول عند الاشارة الضوئية الثانية في المنطقة نفسها وعندما شاهدت القاء القبض على شقيقتها حضرت مسرعة من أجل «الفزعة».
ولم يتم القبض على الشقيقة التي اتضح ايضا انها متسولة ومطلوبة لقضايا تسول مختلفة لكن لم يتم ضبطها، فعملية القاء القبض لا تتم الا على من يضبط بفعل التسول.
واستمرت الفتاتان بالتوسل للضباط لتركهما، مطلقتان الوعود بعدم التسول مرة ثانية، احداهما مزقت ملابسها واخذت تضرب بطنها لكي تسقط طفلها مدعية انها حامل بالرغم من ان الطفل الذي تحمله بين ذراعيها لا يتجاوز عمره الشهرين.
وحال الوصول لمركز امن القويسمة وجدنا بانتظارنا رجلين حضرا لتكفيل الفتاتين، وفي بداية الامر رفض المركز استلام المتسولتين بسبب عدم وجود هويات شخصية لديهما، لكن بعد استلام محضر ضبط من ضباط الامن في فريق المكافحة تم الاستلام ورفضت كفالة الرجلين وكذلك رفضت كفالة زوجيهما وتم تحويلهما الى الحاكم الاداري.
اما الطفلان اللذان لم يتجاوز عمراهما بضعة شهور واللذان كانا بين حضني المتسولتين، فقد تم تسليمهما الى زوجي المتسولتين واشقائهما.
أزواج المتسولات
ويزعم زوجا المتسولتين الملقى القبض عليهما بأن «زوجتيهما ووالدتا طفليهما اضطرتا للتسول بسبب جوع طفليهما، وانهما -الزوجين- يتسولان ايضا لكنهما لا يستطيعان جمع ما تجمعه زوجتاهما».
ويقول ابو محمد زوج احدى المتسولات «زوجتي وام طفلي الوحيد» الطفل الرضيع الذي كانت تحمله زوجته اثناء تسولها «هي من تستطيع دفع اجرة المنزل وتأمين الحليب والطعام للاسرة من خلال التسول».
ويتابع «انا ايضا اتسول لكن في المساء وللاسف لا استطيع جمع 10% مما تستطيع جمعه زوجتي، فالناس يتعاطفون مع النساء اكثر من الرجال، وخاصة اذا كانت المتسولة تحمل بين يديها طفلا رضيعا».
ويطالب ابو محمد بعدم ايداع زوجته السجن قائلا «ارحموا زوجتي فهي حامل بالشهر الثاني، وطفلها لم يتجاوز عمره الاربعة اشهر، وبدونها نموت من الجوع».
تغيير المظهر
ويقول احد ضباط الضبط في فريق مكافحة التسول «اضطر لتغيير شكلي اكثر من مرة خوفا من ملاحقتي من قبل المتسولين، احيانا اقوم بارتداء نظارات وأحلق شاربي وأصبغ شعري واحيانا اصفف شعري بطرق مختلفة».
ويتابع «قبل حوالي شهر تعرضت لضربة (موس) في وجهي من قبل شخص اثناء إلقائي القبض على احدى المتسولات والذي كان يقف خلفها ليتضح لاحقا انها شقيقته، ونقلت على اثرها الى المستشفى لتلقي العلاج، وللاسف هربت الفتاة المتسولة برفقة شقيقها وما زلت ابحث عنهما حتى اليوم دون جدوى وما زالت آثار ضربة الموس في وجهي واضحة».
وغالبا ما يهرب المتسولون الذين اصبحوا يعرفون شكل الباص، بالرغم من قيام ضباط الامن العام وموظفي التنمية الاجتماعية بتغيير مظهرهم، وغالبا ما تكون نتيجة الحملات الافراج عن المتسولات بكفالة او غرامة مالية وفق العمايرة.
انتقلنا في الجولة الى وسط البلد وتحديدا عند اشارة البنك العربي حيث تجلس عند زاوية البنك (ام محمد) (50) سنة، وبرفقتها ابنتها المعاقة «ياسمين» (15) سنة، تستجدي المارة مساعدتها لاعالة ابنتها واطعامها.
العملية التي قامت بها وزارة التنمية الاجتماعية والامن العام لالقاء القبض على ام محمد وابنتها باءت بالفشل بسبب تجمهر وتدخل الناس، والوقوف امام الامن والتنمية لتركها وشأنها، وباتت تستدر عطف الأمن فاستجاب لها وأطلق سراحها.
ويوضح العمايرة انهم كل مرة يفشلون في القاء القبض عليها بسبب تدخل وتجمهر الناس، وان معدل ما تجمعه يوميا من التسول يصل الى (40-50) دينارا وهي من سكان الزرقاء ومعروفة للجميع بانها متسولة وعندما تجد ان الحركة ضعيفة في الزرقاء وان ما تجمعه قليل تتوجه الى عمان وتحديدا وسط البلد لحركة المواطنين القوية فيها.
ويؤكد ان ظاهرة التسول اصبحت تنظيما قويا لا يستهان به، بل عبارة عن شبكة لا يعرف من يقودها ومن وراءها، خاصة وان غالبية المتسولين سرعان ما يعودون للتسول بعد الافراج عنهم بساعات معدودة، وكأنهم في ساعات عمل محددة لا يمكن تأجيلها او توقفها. ويضيف «برأيي هم عبارة عن تنظيم قوي جدا».
منافسة ومافيات
الجولة الثالثة كانت في منطقة دوار الواحة وتحديدا عند مخابز غيث، هناك أفلتت فتاة لا يتجاوز عمرها العشرين عاما من قبضة ضباط الامن والتنمية الاجتماعية اثناء تسولها، عندما دافعت عن نفسها من تهمة التسول قائلة: «لا يمكنك القبض علي انا لا اتسول انا اعمل في الدعارة». وبالفعل لم يتمكن فريق الامن العام والتنمية من القاء القبض عليها وتركوها وشأنها، والسبب ان ذلك ليس من اختصاص دائرة مكافحة التسول.
الحالة السابقة هي حالة من عشرات الحالات اليومية التي تعترض عمل فريق مكافحة التسول وفق العمايرة وضباط الضبط في الفريق.
ويقر مدير وحدة مكافحة التسول في الامن العام الرائد قاسم البطوش بأن ظاهرة «التسول» اصبحت مهنة وليست حاجة، يقوم بها العديد من النساء والرجال بالرغم من تعاون جميع الجهات المعنية للحد من هذه الظاهرة التي اصبحت تزعج الجميع.
ويؤكد البطوش ان عددا كبيرا من النساء اللواتي القي القبض عليهن اثناء تسولهن وهن يحملن اطفالا بين أذرعهن ظهر أن الاطفال ليسوا أطفالهن وانهن «استأجرنهم» من اسرهم مقابل مبالغ مالية وغالبا ما يكون هؤلاء الاطفال من ذوي الاعاقة.
ويضيف «قمنا مؤخرا وبالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية بإلقاء القبض على سيدة (متسولة) كانت تستأجر طفلا من والدته مقابل ثلاثة دنانير في الساعة، وبعد التحري واستدعاء والدة الطفل تبين لنا ان هذا الطفل (معاق)، حيث تم تحويل هذه السيدة الى المدعي العام ومن ثم الى المحكمة التي اتخذت بحقها وبحق والدة الطفل العقوبة القانونية».
ويشير إلى ان هناك عددا لا بأس به من المتسولات اللواتي يحملن اطفالا بين أذرعهن هم اطفالهن فعلا ويقدن عائلاتهن في التسول، فتجدنا نلقي القبض على الام والطفل والاب وبالتالي على العائلة بالكامل التي تمتهن التسول.
ويبين ان هناك متسولات القينا القبض عليهن حالتهن المادية اكثر من ممتازة، ومثال على ذلك ضبطنا قبل فترة قصيرة سيدة متسولة في منطقة الجبيهة وبعد التحري تبين لنا انها تمتلك سيارة بقيمة 70 الف دينار، وفي حالة اخرى واثناء القائنا القبض عليها كانت تحمل هاتفا خلويا بقيمة 400 دينار وتمتلك منزلا ويزيد دخلها اليومي من التسول عن خمسين دينارا.
ويؤكد البطوش «ان ما زاد من حدة الظاهرة وانتشارها بشكل يصعب السيطرة عليه هو دخول المغتربين من السوريات والعراقيات عالم مهنة التسول فأصبحن ينافسن ويمارسن التسول بأساليب مختلفة، وقد قمنا مؤخرا بإلقاء القبض على عدد كبير منهن وايضا ممن يحملن اطفالا بين أذرعهن لكنهم اطفالهن وليسوا مؤجرين.
ويحذر البطوش ممن وصفهم «بالمافيات» التي تقف خلف المتسولات والمتسولين، موضحا ان هناك ظاهرة غريبة على مجتمعنا اخذت تتفاقم حدتها في الفترة الاخيرة وتعترض وتؤثر على عملنا، تتمثل بوجود من يحمي هؤلاء المتسولات والمتسولين.
ويلفت البطوش الى أن «التحالف» الاخير بين قيادة اقليم العاصمة برئاسة العميد فاضل الحمود ومحافظ العاصمة سمير مبيضين، يسعى للحد من الظاهرة، خاصة في ظل عدم خوف المتسولات والمتسولين من تحويلهم الى القضاء لعدم وجود ما يردعهم في ظل دفع الغرامة بدل الحبس وبالتالي يقومون بدفع الغرامة والعودة لممارسة التسول.
ويشير إلى أن التحالف وبالتنسيق مع الحكام الاداريين اتخذ اجراءات ادارية حازمة بحق المتسولين، من خلال توقيعهم على تعهدات وربطهم بكفالات الامر الذي حد بشكل جيد من تفاقم الظاهرة.
ويقول «تشكل وزارة التنمية حملات مكافحة التسول من موظفيها وبالتعاون مع جهات اخرى منها: الأمن العام وأمانة عمان والبلديات، وغالبية المقبوض عليهم بتهم التسول يتم اطلاق سراحهم بكفالة من قبل المحاكم المختصة».
ويقر البطوش بعدم وجود احصائية لعدد قضايا التسول في المحاكم الاردنية، ويوضح «من الصعب احصاء عدد قضايا التسول التي تصل المحاكم فهذا النوع من القضايا في ارتفاع مستمر، والحكم يصدر فيها في اول جلسة والتي تنتهي غالبا بدفع الغرامة بدل الحبس».
المتسولة لا تعمل بالبغاء
بدوره كشف الناطق الرسمي باسم وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط عن أحدث دراسة حول المرأة المتسولة في المجتمع الأردني، واجريت الدراسة على عينة من المتسولات (مائة متسولة)، واكدت الدراسة على ان «المتسولة لا تعمل بالبغاء، بل هدفها جمع الأموال عن طريق الاستجداء بأساليب متجددة».
ويتابع «رغم أنَّ المتسولات حسب الدراسة يتعرضن للتحرش الجنسي من قبل الرجال، إلا أنَّ الوزارة تقوم بدورها كاملا من خلال شن حملات مكافحة ليلا ونهارا، ويتم تحويلهن إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهن».
ويلفت الرطروط الى صعوبات عمل موظفي الضبط من حيث الاعتداءات الجسدية المتكرره على موظفي وزارة التنمية الاجتماعية وتحطيم السيارات التي يستخدمونها، بالاضافة للاعتداءات اللفظية والتهديدات المستمرة.
ويقول ان غالبية الإصابات ما بين رضوض وكدمات، وحدث ان تعرض موظف لاصابة في وجهه بواسطة أداة حادة بحيث احتاج الجرح الى 6 «غرز» لتقطيبه.
ويؤكد «ان مسلسل الاعتداءات على فرق مكافحة التسول نتج عنه تعطيل باصات نتيجة تحطيم الزجاج وأضرار أخرى فيها»، لافتا الى ان اغلب مناطق الاعتداءات تتركز في منطقة دوار الصناعة بمنطقة وادي السير وتكررت الظاهرة أكثر من مرة من قبل باعة متجولين يحمون هؤلاء المتسولين يشكلون بدورهم «عصابات منظمة» لا يستطيع أحد التعرض لها.
قانون التسول
«أبو مهند» من سكان منطقة طبربور ابدى استغرابه من سلوك المتسولات وخاصة من وصفهن بالـصبايا، مؤكدا على انتشار شابات يستجدين الناس في منتصف الليل وليس في الشوارع فقط بل من خلال قرع الابواب بحثا عن طعام او أي شيء ينتقعن منه.
ويؤكد ان خمس متسولات واصلن وعلى مدار اسبوعين طرق باب منزله لطلب المعونه والمال، الامر الذي اضطره الى ابلاغ الاجهزة الامنية عنهن وعن اوصافهن الى أن تم القاء القبض عليهن مؤخرا.
ويوضح ابومهند انه لم يقم بالابلاغ عن تلك المتسولات بسبب الازعاج فقط، وانما خوفا على ابنائه الشباب.
ويطالب الدكتور الرطروط بتشديد تنفيذ عقوبة قانون مكافحة التسول والتي تنص الفقرة الثانية من المادة (38) فيها من قانون العقوبات على أن: المتسول هو كل من استعطى أو طلب الصدقة من الناس متذرعاً إلى ذلك بعرض جروحه، أو عاهة فيه، أو بأية وسيلة أخرى، سواء أكان متجولاً أو جالساً في محل عام، أو وجِدَ يقدم ولداً دون السادسة عشرة من عمره للتسول وجمع الصدقات أو يشجعه على ذلك.
ويتم الحكم عليه بعقوبة الحبس لمدة 3 شهور الى سنة في حال تكرار الفعل للمرة الثانية، لتزيد من اربعة شهور الى سنة اذا تكررت للمرة الثالثة.
وقد اعتبر القانون الأردني التسول بغير سبب مشروع جريمة يستحق صاحبها العقاب عليها لأنه أكل لأموال الناس بالباطل ووسيلة من وسائل التحايل على الناس.
وبدورها قالت دائرة الافتاء في فتوى جديدة أن «التسول حرام شرعاً» وبينت «على مَنْ يملك ما يغنيه عنه من مال، أو قدرة على الكسب، ومن أخذ مالاً بالسؤال وعنده قدرة على التكسب، فقد أخذ مالاً حراماً
الرأي