عبَّر العديد من المواطنين في مدينة السلط عن تخوفهم من تحول شارع الصوانية إلى بؤرة لبيع الخمور يرتاده السكارى في منطقة مأهولة بالسكان والمساجد والمدارس والمحلات التجارية على شارع رئيسي لا يتجاوز طوله 2 كيلو متر، على حد تعبيرهم.
أحد سكان المنطقة مؤيد خليفات قال : نحن نتأذى بشكل لا يوصف من وجود الخمارات، ابتداءً من المشترين، إلى معاقرة بعض مرتاديها الخمر أمام مداخل البيوت".
وأضاف خليفات "لم يعد بعض أهالي المنطقة يأمنون إنزال بناتهم إلى الشارع لوحدهن، خوفا من تعرضهن للأذى، فبعض السكارى يشترون من هذه الخمارات ويبقون في ذات الشارع لتعاطي المسكرات".
وهو ما أكده جاره في المنطقة محمد الفضيل قائلا " كان الوضع لا يطاق من وجود خمارة واحدة، فكيف عندما أصبح في شارعنا 6 خمارات" على حد قوله.
وبين "ما نخشاه مستقبلا تحول الشارع لمعلم لدى السكارى، ويصبح اسمه شارع الخمارات، فيزداد الأمر إلى ترويج المخدرات وحتى تجارة السلاح إن استمر الوضع على حاله، فالمرتادون مؤهلون لأكثر من هذا".
وتابع الفضيل حديثه متسائلاً "كيف يتم ترخيص هذه الخمارات في تجمعات سكنية وبالقرب من المساجد والمدارس، حتى أن بين خمارتين في منطقة الصوانية لا تتجاوز المسافة بينهما 250 متراً، وهذا الأمر مناف لعاداتنا وأخلاقنا وإسلامنا قبل كل شيء".
من جانبه قال الخطاط عمر نعيمات" قبل مدة حاول أحد السكارى الاعتداء على إحدى المحلات لأخذ مبلغ من النقود" معبرا عن تخوفه من ازدياد الأمر في الأيام القادمة.
كما أشار تاجر المواد الغذائية عيد الغنانيم إلى أن بعض محلات بيع الخمور تفتح في شهر رمضان كالمعتاد، إذ لبعض المحلات باب خلفي يشاهده سكان المنطقة".
وتابع الغنانيم "من الناحية التجارية وجود الخمارات يضرنا، لاضطرارنا لإغلاق محلاتنا عند التاسعة مساءً، تلافياً لحدوث احتكاك أو تشاجر مع السكارى الذين يزدادون مساءً ويصطفون أمام أبواب المحلات".
وهو ما شدد عليه زميله تاجر أدوات الإنارة أكرم أبو رمان مضيفاً " أتقاسم العمل مع شقيقي على فترتين صباحية ومسائية، وعندما أنهي عملي في الفترة الصباحية أبقى في حالة قلق من تعرض شقيقي للأذى في فترة غيابي كونه لوحده".
أما سالم الدرادكة فكان رأيه مختلفاً بحيث قال" لست من متعاطي المسكرات ولا من مؤيديها؛ ولكنني مع حصر محلات بيع الخمور في منطقة واحدة، بعيداً عن وسط المدينة، ولا أعني منطقة الصوانية تحديداُ" وفق قوله.
من جهته قال علي الدبعي "بات شارع الصوانية مخيفاً من ازدياد أعداد الخمارات، ونخشى أن يؤدي هذا الأمر إلى ما لا يحمد عقباه".
واستذكر الدبعي في حديثه كيف أن مدينة السلط لم تسمح قبل عقود بوجود سينما فيها؛ بجهود خيرين من وجوه المدينة وعلمائها كالشيخ أمين الكيلاني خشية على شباب المدينة من الانحراف وحفاظاً على تاريخ المدينة المشرف، على حد تعبيره.
وقال سليمان الزعبي" أبناؤنا في خطر فدور البيت تربوي إرشادي، وكثرة محلات بيع الخمور سيؤدي إلى استمراء مشاهدتها وحتى تعاطيها".
وأبدى الزعبي استغرابه من وجود عدة خمارات في منطقة الصوانية بينما هناك مخبز واحد، كما استغرب من اختيار أسماء الخمارات وقرنها باسم السلط على يافطاتها، مما يوحي لزائر المدينة بأن كرومها وقلاعها التي تغنى بها الشعراء كانت مخصصة لعصر الخمور، على حد قوله.
وفي معرض تعقيب المدرس في جامعة الإسراء الدكتور عبدالحكيم خريسات على هذا الموضوع طرح عدة تساؤلات استنكارية جاء منها "هل يجهل القائمون على ترخيص مثل هذه المحلات أن شرب الخمر وبيعها محرم في شريعتنا وله العديد من المخاطر الأخلاقية والاجتماعية؟، متابعا ألا تكفي محلات بيع الخمور الموجودة في المدينة حتى يتم افتتاح أخرى على مداخلها مما يعطي انطباعاً سلبياً عن أهل المدينة؟ أم أن إقبال الشباب على الخمور بازدياد؛ إن كان كذلك فهذا مؤشر خطير على تردي الوازع الديني والأخلاقي في مجتمعنا؟".
وختم خريسات حديثه بقوله كما يوجد لدى الدولة حرص على عدم السماح ببيع الأطعمة الفاسدة التي تضر الأبدان ومعاقبة كل من يقدم على ذلك، فلابد ان يكون لديها حرص مضاعف على عدم بيع مثل هذه المشروبات المحرمة التي تضر بالإيمان والعقول والأبدان" .
من جانبه قال المحامي عمر الحياري موضحا "يقع واضع الدستور في تناقضات منها أن المادة الثانية من الدستور الأردني تنص على أن الاسلام دين الدولة، ومن المعلوم من الدين بالضرورة حرمة الخمر وهذا من جهة، ومن جهة أخرى يسمح الدستور بفتح محلات بيع الخمور وتعاطيها وتقديمها في الملاهي والمطاعم السياحية، ويجرم من وجد في مكان عام وهو في حالة سكر وتصرف تصرفاً مقرونا بالشغب وإزعاج الناس خلافاً لأحكام المادة 390".
وأضاف الحياري " كما أن المادة 3 من تعليمات مراقبة إعلانات الدعاية لبلدية السلط الكبرى لسنة 2008 تنص على أنه يجب أن تتوفر في الإعلان عدة شروط منها، أن لا يشمل الإعلان على ما يمس الشعور القومي أو الديني أو يتنافى مع الآداب العامة أو النظام العام وأن تكون اللغة العربية هي اللغة البارزة في الإعلان؛ إلا أننا نجد أن كثيرا من الخمارات في مدينة السلط أصبحت تضع لوحات الاعلان أمام المحلات بحيث يظهر فيه علامات وشعارات الخمور وزجاجاتها كما يوضع الاسم بالخط العريض اللافت وباللغة الانجليزية أحياناً وفي ذلك إهانة للشعور الديني للمسلمين من أبناء المدينة الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكانها "وكون تلك الخمارات على بوابة مدينة السلط ستعد وصمة عار على جبينها" على حد تعبيره.
وبالاستفسار من رئيس بلدية السلط الكبرى السابق المهندس سلامة الحياري حول الموضوع قال لـ"السبيل" حسب تعليمات وزارة الداخلية يجب أن لا تقل المسافة بين محلات بيع الخمور والمدارس ودور العبادة عن 500 متر، كما يمنع تعاطيها داخل المحلات.
واستذكر الحياري حادثة معارضته وفق القانون طلب ترخيص لخمارة في منطقة الصوانية ذاتها بوساطة من نائب رئيس وزراء سابق؛ لكون المسافة التي بينها وبين مسجد النور 390 مترا، "ولكن بعد إقالتي بيوم واحد حصلت الخمارة على الترخيص" على حد تعبيره.
وأكد الحياري على عدم موافقته على ترخيص أي خمارة في عهد رئاسته لبلدية السلط (2007 – 2010) منهياً حديثه " نحن مجتمع مسلم محافظ، ويجب على البلدية إيقاف ترخيص محلات بيع الخمور؛ وإلا سيؤدي هذا الأمر إلى استفزاز الناس، فالطفيلة على سبيل المثال محافظة خالية من محلات بيع الخمور" وفق قوله.
وتعقيباً على ما ورد اكتفى مدير بلدية السلط الكبرى المهندس بسام العواملة بالقول" دور البلدية روتيني ويقتصر على إعطاء التراخيص، بعد أخذ طالب الترخيص لمحل بيع الخمور الموافقات من الجهات الأمنية" على حد قوله.
من ناحيته قال محافظ البلقاء حسن عساف "نحن نعمل وفق قوانين وتشريعات، ونتحرى الدقة في عملنا، ولن ننحاز إلا للقانون" وفق قوله.
وتابع " بعد تقديم شكوى من أي مواطن سننظر فيها وتعرض على الدائرة القانونية في وزارة الداخلية، وإذا كان لنا حق مكتسب في التصويب سنمارسه بلا تردد" داعيا المواطنين إلى عدم التأخر عن تبليغ الأجهزة الأمنية عن أي شخص يتعاطى الخمور في الشارع أو في محلات بيعها، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، على حد تعبيره.