عندما تقرر نقابة أصحاب المطاعم والحلويات بالاتفاق مع دائرة ضريبة الدخل والمبيعات قبل أيام على رفع أسعار المطاعم الشعبية التي تقدم في غالبيتها العظمى الفول والحمص ومشتقاتها مع قاسمها المشترك "الفلافل" بنسبة تصل إلى عشرة بالمائة، فإن ذلك يعني ببساطة شديدة أن الغلاء بات ينخر في عظام فئات واسعة من المواطنين الذين يعتمدون عليها في غذائهم التراثي الشعبي اليومي الذي توارثوه عمن سبقوهم من عادات وتقاليد غذائية، بعد أن أصبحت أسعارها في العلالي ولم تعد تتناسب مع الدخل المحدود الذي يتآكل بسرعة شديدة من آثار الارتفاعات المتواصلة على المشتقات النفطية خلال الأشهر الأخيرة!
لم تخف نقابة المطاعم أنها أقدمت على هذه الخطوة غير الشعبية حتما نتيجة انعكاسات أسعار المحروقات وما تبعها من زيادات على العديد من المستلزمات الأخرى التي تدخل في إعداد مأكولات الحمص والفول والفلافل والساندويشات المتعلقة بها، ومنها على سبيل المثال الخضراوات وزيوت الزيتون والذرة والسمسم وغيرها، بالإضافة إلى ما طرأ على أسطوانة الغاز التي أصبحت بعشرة دنانير، وكذلك الفاتورة الكهربائية المرشحة إلى المزيد من التعديلات التصاعدية أيضا!
الجميع يعرف أن المطاعم الشعبية التي تشير التقديرات إلى أن أعدادها وصلت إلى حوالي خمسة عشر ألف مطعم منتشرة في مختلف المحافظات والألوية، وأنها تتزايد كل يوم على وجه التقريب، تعتبر هي الملاذ الوحيد إلى من يودون تناول وجبات خارج البيوت أو داخلها إذا ما كانوا من أصحاب الدخل المحدود وحتى المتوسط، بعد أن ابتعدت عن أحلامهم هم وعائلاتهم منذ فترات طويلة محاولات تناول المشاوي على سبيل المثال في المطاعم التي تقدمها ولو في الشهر مرة واحدة، ما دام الأمر أخذ يتجاوز عشرات الدنانير إلى مئاتها من جراء الارتفاعات المتواصلة على أسعار اللحوم التي لحقتها الدواجن مؤخرا!
ما يثير التساؤل أن نقابة أصحاب المطاعم كانت قد أعلنت قبل فترة وجيزة، أنها لا تنوي رفع أسعار الوجبات الشعبية المشمولة بمجموعة من الامتيازات في مقدمتها الإعفاءات الضريبية وغيرها، لكن الحكومة في إقدامها على رفع تسعيرة المحروقات منذ بداية الشهر الحالي بما أثارته من ردود فعل مستاءة لا تزال تتوالى، قد شجعت على اغتنام الفرصة المواتية التي وفرتها الجهات الرسمية لها ومن بينها دائرة ضريبة الدخل والمبيعات التي وافقت على زيادة أسعار المأكولات المتواضعة من فول وحمص وفلافل مع أنها تعلم مدى أهميتها القصوى للمواطن الأردني الذي تضيق عليه الأحوال شيئا فشيئا إلى حد الاختناق إذا ما استمر الحال على هذا المنوال!
لن تقف زيادات أسعار الوجبات الشعبية عند حدود العشرة بالمائة حتما لأن ما تعود عليه المواطنون في مثل هذه الحالة، أن تلجأ المطاعم على اختلاف تصنيفاتها من شعبية وما هو أعلى منها إلى اختراع أساليب جديدة في إضافة ما هب ودب على فواتيرها، لتخلق إشكالات لا حصر لها مع زبائنها الذين تفوق أرقامهم كل تقديراتهم، ما دامت أثمانها تفوق التوقعات بكثير، وإذا ما أرادوا الاعتراض فإن الحجج في هذا المجال لا أول لها ولا آخر وتنتهي دوما بالدفع بالتي هي أحسن!
بقلم: هاشم خريسات