أخبار البلد
وسط حالة غير مسبوقة من البلبلة والارتباك والمماطلات، تجري هذا الاوان ولاكثر من اسبوعين سلسلة من المشاورات الاقرب الى المفاوضات والمساومات، بين فايز الطراونة، رئيس الديوان الملكي المفوض، وبين الكتل والوجوه النيابية المحدودة الثقافة السياسية والخبرة البرلمانية، لغرض تشكيل اول حكومة نيابية في عهد الملك عبدالله الثاني.
فاللافت للانظار ان هذه الكتل النيابية التي تتآلف صباحاً تتخالف في المساء، حيث لا يقر لها قرار ولا تعرف الاستقرار بل تغير من تحالفاتها وتتنصل من وعودها بسرعة البرق ولابسط الاسباب وربما لاطماع استيزارية لا تخطئها العين.
وسواء أكانت هذه المماطلات التفاوضية مقصودة او بغير قصد، فقد انعكست سلباً على القصر الملكي والمجلس النيابي معاً امام الرأي العام الذي بات يتشكك في جدوى وجدية ما يسمى بالحكومة البرلمانية، خصوصاً وهو لا يزال يعاني خيبة امل شديدة في مخرجات العملية الانتخابية التي لم تضف اي جديد الى اجندة الاصلاح السياسي المزعومة والموهومة.
وفيما يعتقد معظم المراقبين والمتابعين ان ما يجري محض مسرحية معدة سلفاً ويجري اخراج فصولها تباعاً وبشكل متسلسل ومكشوف.. يعتقد مراقبون آخرون ان حالة الفوضى والمماطلة تعكس ارتباكاً وارتجالاً في صنع القرار، وانقساماً بين حلقات الحكم ودوائرها الامنية والحكومية التي يحبذ طرف منها اعادة تكليف عبدالله النسور بتشكيل الحكومة العتيدة، فيما يرى آخر ضرورة استبداله بعدما استنفذ اغراضه، بشخصية آخرى تتراوح بين الدكتور عوض خليفات، وزير الداخلية، وعبدالاله الخطيب، رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات، رغم انه فقد مؤخراً بعض اوراق قوته.
ويقول هؤلاء المراقبون ان التوجه العام لدى المجلس النيابي يسير نحو تسمية كل من النسور وخليفات ورفعهما الى القصر الملكي ليقوم الملك باختيار احدهما للنهوض بمهام التشكيل الوزاري، حيث ستتجه البوصلة الملكية في الاغلب لصالح النسور الذي حظي اداؤه خلال الشهور القليلة الماضية، برضا الملك وارتياحه.
ويأخذ هؤلاء المراقبون على المجلس النيابي تخليه عن دوره المستحدث في تحديد شكل الحكومة النيابية واختيار رئيسها، فبدلاً من ان يلعب هذا الدور بحماسة، ويمارس حقه في القرار والاختيار، اعاد الكرة مجدداً الى القصر الملكي الذي بات من حقه ان يقول للرأي العام المحلي والمحافل الدولية، انه قد فوض المجلس النيابي بالاختيار ولكنه عجز عن ذلك ولجأ بهذا الخصوص الى القصر.
ويشير المراقبون الى ان مهمة النسور في التشكيل سوف تكون صعبة وتستغرق وقتاً طويلاً، جراء النزاعات بين الكتل النيابية، وداخل كل كتلة، وبين النواب المستقلين، وفقاً لمصالح وحسابات كل طرف من هذه الاطراف التي تتحفز لتقاسم كعكة الحكومة الجديدة.
ويلفت المراقبون الى ان الانتهاء من ماراثون التشكيل الحكومي لن ينهي حالة الفوضى والارتباك، بل سوف يمهد الطريق امام ماراثون آخر هو جلسات الثقة بالحكومة الجديدة، التي سوف تستغرق هي الاخرى وقتاً طويلاً، يعقبه ماراثون ثالث يتمثل في مناقشة الموازنة العامة للدولة، وبما يعني استنفاذ الدورة البرلمانية الحالية، التي ستنتهي يوم العاشر من شهر آب المقبل، في اعمال ومهام ادارية وروتينية بعيدة كل البعد عن هموم الوطن واهتمامات المواطن السياسية والاقتصادية.
اما تشكيل مجلس الاعيان الذي كان مقرراً نهاية الشهر الماضي، فلسوف يجري عقب تأليف الحكومة الجديدة، حيث من المؤكد ان يعود طاهر المصري الى رٌّئاسته، فيما يرجح ان يضم المجلس عدداً محدوداً فقط من رؤساء الحكومات السابقين، هم عبد الرؤوف الروابدة، وفيصل الفايز، وعدنان بدران، ومعروف البخيت.
ساطع الزغول - المجد