تابعت الحوارات التي تجري في الديوان الملكي من خلال شخصيات نيابية شاركت في الحوار عبر كتل ثابتة ومتحركة، فما زالت الكتل التي يجري معها الحوار بخصوص اختيار رئيس الوزراء متماسكة أثناء المداولات والحوارات وقد لا يتوفر هذا التماسك لاحقاً حين يحسم الأمر باعلان النتائج.
الجيد في المسألة كلها أن ماراثون الحوار الذي يقوده الدكتور فايز الطراونة رئيس الوزراء مستمر منذ أيام ولم ينقطع إلا حين غادر الطراونة قاعة الحوار إلى موسكو برفقة جلالة الملك الذي اطلع منه حتى أثناء الزيارة على التفاصيل وارتاح لأن مفاهيم جديدة استقرت وجرى الأخذ بها ومفهوم الحوار الذي أصبح الآن تقليداً لا بد من تكريسه والتأكيد عليه بغض النظر عن النتائج وقد عاد الحوار في اليوم التالي مباشرة.
التمرين الذي جرى بذخيرة الحوار الحي مكّن صاحب القرار من الاطلاع على آراء متعددة بعضها جديد وآخر تقليدي، كما ان هذا الحوار نبه النواب وأبرز وجهات النظر ليقطع الطريق على المزايدين من الذين رفضوا المشاركة في الانتخابات على اعتبار أنها لا تتيح مثل هذه الحوارات التي تستطيع كل الأطراف أن تقدم الراي فيها بل وتتوافق على نتائج من خلالها.
ويبدو أن الكم الكبير من الحوار العمودي والأفقي مع رؤساء الكتل وأعضائها وحتى الاستماع لوجهات نظر نواب أفراد والذي تخلل بعضه عصف ذهني اكثر منه حوار على برامج محددة أو اجندة مكتوبة..يبدو أنه كثف النتائج لصالح وجهتي نظر اساسيتين إحداهما طرحها ائتلاف وضع في حسابه (84) نائباً من أربع كتل وقد طرح خيارين ووصل إلى تصور أول هو أن يختار الملك رئيس الوزاره من الائتلاف النيابي لـ (84) والثاني أن يترك للملك اختيار رئيس الوزراء من خارج البرلمان على أن يكون نصف أعضاء الفريق الوزاري من مجلس النواب أي أن يجري توزير النواب بواقع حده الأدنى (10) حقائب وفي الكفة الأخرى من الحوارات مررت كتلة الاتحاد الوطني المكونة من عشرة نواب اقتراحاً يرشح الدكتور عبد الله النسور لرئاسة الوزراء وهذا الترشيح يصب إلى جانب ما دعت اليه كتلة الوفاق التي تضم (18) نائباً..
في ما أجريته من حوارات جانبية على سبيل استطلاع الرأي مع أصدقاء من المجلس ومراقبين لاحظت أن الكفة تميل لصالح اختيار الدكتور النسور الذي تعاضده شخصيات عديدة في مجلس الأعيان وكذلك رئيس مجلس النواب كما أن الدكتور النسور لم يتوقف عن إجراء اتصالات واسعة ومستمرة لكسب مواقف النواب إلى جانبه وهي مسألة مشروعة فالحوار وحده وسيلة الاقناع التي على رؤساء الحكومات في كل المراحل أن يستعملوها وبصورة حرفية ومستمرة.
ما زلت أذكر حكومة الدكتور عبد السلام المجالي عام 1994 والتي فازت بـ 41 صوتاً من أصل ثمانين هم أعضاء المجلس وهذه أقل نسبة يحوز عليها رئيس وزراء منذ استئناف الحياة الديموقراطية عام 1989 وأذكر أن الدكتور المجالي كما أخبرني لم يقم بأي اتصالات مع النواب كما انه الغى فكرة توزيرهم الذي كان معمولاً به في برلمان 1989 ولولا تحرك الراحل الشريف زيد بن شاكر في الديوان الملكي في ربع الساعة الأخير على وجه التحديد لا المجاز لظل الرقم ربما أقل من أربعين وهذا كان يسبب آنذاك احراجاً كبيراً لاختيار الملك للدكتور عبدالسلام المجالي.
الآن الدنيا تغيرت واذا لم يبرع أي رئيس وزراء مقترع من داخل البرلمان أو خارجه في إدارة اللعبة وبأعلى مستويات الحوار والكولسة والاتصالات وحتى التحريض الايجابي والتخذيل الشريف فإنه لن يفوز ولن يعلق بشباكه صيد.
أغلبية ترى أن الوقت ليس مناسباً لانتخاب رئيس الوزراء من البرلمان في هذه اللحظة وأن على البرلمان أن تختمر تجربته لبعض الوقت حتى يكون قادراً على القيام بهذه المهمة وهذا الفريق يجد ان الأنسب هو أن يعين الملك رئيس الوزراء سواء من البرلمان أو خارجه ليطرح بموضوعية على النواب ليكسب ثقتهم دون أي تدخل من اي طرف باعتبار أن البيئة القائمة الآن في مجلس النواب ليست بيئة حزبية قادرة على بناء ائتلافات صلبة وواضحة وقادرة على الانتخاب وأن هذا يستلزم بعض الوقت المقترن بتعديل قانون انتخاب يدفع بالعمل الحزبي إلى قبة البرلمان لتكون الاحزاب قادرة على هذا الحسم بكتل ائتلافية حقيقية، ويبدو أن الميزان ما زال حتى هذه .اللحظة يميل لصالح اعادة تكليف الدكتور النسور وان بوسائل مختلفة
بقلم: سلطان الحطاب