ينتقد البعض الضغوط التي تمارس على النواب لتحقيق أهداف معينة مرغوب فيها من وجهة نظر الجهة الضاغطة. هذه الممارسة طبيعية وإن كانت تثير البعض ممن يظنون أنها تمس هيبة المجلس واستقلاله، وتؤثر سلباً على الثقة به.
الضغط على النواب وغير النواب من أصحاب القرار أمر مشروع وديمقراطي، ويسمى في العالم (لوبي)، والهدف منه تحقيق مصلحة معينة، أو تمرير قانون أو تجميده أو تعديله بما يحقق مصلحة مشروعة للجهة الضاغطة.
من الطبيعي أن يكون هناك لوبي حكومي لمحاولة التأثير على النواب بالاتجاه المطلوب، وإلا فما معنى تعيين وزير للشؤون البرلمانية؟.
والمفروض أن يكون هناك لوبي للبنوك هدفه حمايتها من زيادة الضريبة عليها بشكل مجحف، وأن يكون هناك لوبي للصناعة هدفها تأمين مصالح الصناعة الوطنية فيما يتعلق بالضرائب والرسوم وأسعار الطاقة، وأن يكون لهذا اللوبي رأي في الاتفاقات التجارية التي تتفاوض عليها وتوقعها الحكومة.
والمفروض أن يكون هناك لوبي لشركات التأمين، وإلا فماذا يعمل اتحاد شركات التأمين غير الضغط على الجهات المختصة في السلطتين التنفيذية والتشريعيية لحماية مصالح هذا القطاع.
لوبي للعمال، لوبي للمنتجين الزراعيين، لوبي للمعلمين، لوبي للمتقاعدين، لوبي للسياحة، لوبي للمستشفيات، إلى آخره.
هذه الضغوط هي الوسيلة المثلى لإطلاع النائب والوزير على المصالح المتناقضة التي يمكن أن تتأثر إيجاباً وسلباً بالقرارات والقوانين والأنظمة، وبخلاف ذلك قد يأخذ النائب قراره بالموافقة او الرفض دون أن تتوفر له معلومات كافية عن تداعيات القرار ونتائجه والجهات التي يمكن أن تستفيد أو تتضرر منه.
من حق أصحاب المصالح أن يضغطوا على النواب والوزراء، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن يستجيب النائب او الوزير لكل ضغط يتعرض له، تماماً كما أن الناخب يتعرض للضغوطات من قبل وكلاء ومندوبي المرشحين ولكن ذلك لا يمنع الناخب المسـتقل من أن يقرر لنفسه ويعطي صوته بالشكل الذي يرضي ضميره، ولكن ليس قبل أن يطلع من واقع هذه الضغوطات على الخيارات المتاحة له ونتائج كل منها.
استقلالية النائب تكون بعدم الخضوع للضغوط إذا كان غير مقتنع بها، ولم نسمع أن نائباً تعرض للأذى لأنه لم يستجب للضغط. أما النائب الذي لا رأي له، ويمكن قيادته على الهاتف، فهذه مشكلته وليست مشكلة من يكون على الطرف الآخر من الهاتف.
بقلم:د.فهد الفانك