على الرغم من الأخطاء الإجرائية التي وقعت بها الهيئة المستقلة
، وهي تعكس قلة الخبرة ، ولا تعكس القرار السياسي ، مثلما لا تعكس تواطئاً منظماً
من قبل الهيئة لجهة أو فرد أو توجه ، بقدر حرصها على التوصل إلى نتائج واقعية تعكس
إفرازات صناديق الإقتراع وإنحيازات الناخبين .
الأخطاء الإجرائية سببت الحرج للقائمين على الهيئة ،
وللجان الإختصاص المستحدثة ، بنفس القيمة وربما يزيد ، للمرشحين الذين بقوا ،
وبعضهم لا زال معلقاً بدون وجاهة القرار ، الذي ما زال مفقوداً في إقرار النتائج النهائية
لعملية الإقتراع ، مما أدى إلى حالة الفلتان الإحتجاجية من قبل بعض المرشحين
ومؤيديهم ، الذين إفتقدوا للأغلبية المطلوبة لمتطلبات الفوز بالمقعد النيابي ،
سواء لدى الدوائر المحلية أو لدى القائمة الوطنية ، وإن وضع بعضهم ما زال معلقاً
بين الدرجتين أو بين المرحلتين ، الفوز أو الأخفاق ، النجاح أو الفشل .
على الرغم من هذا كله ، لقد نجح القرار السياسي ، في
إجراء الإنتخابات لمجلس النواب السابع عشر ، وفي توفير بيئة حاضنة لقرار إجراء
الإنتخابات ، وفي توفير متطلبات نجاحها ، سواء من حيث مشاركة الأغلبية الأردنية في
محطاتها الثلاثة : التسجيل والترشيح والإقتراع ، أو بالنسبة لتلاوين الطيف السياسي
السائد في بلادنا بإستثناء حركة الإخوان المسلمين ، التي إتخذت قراراً مسبقاً
ومدروساً بهدف تقويض شرعية العملية الإنتخابية برمتها ، سواء من حيث دوافع صنع
القرار وإتخاذه وتنفيذه ، أو من خلال التشكيك بالإجراءات وتطبيقاتها ، وصولاً
لشعارهم المرفوع " لا شرعية شعبية للإنتخابات " .
مشاركة الأغلبية الشعبية في المدن والريف والبادية
والمخيمات ، ومشاركة كافة الأحزاب الوسطية والشخصيات الأعتبارية ، وأغلبية الأحزاب
اليسارية والقومية ، يدلل على إدراك الأغلبية الساحقة من شعبنا بأهمية تجديد شرعية
مؤسساتنا التمثيلية والتشريعية ، وأهمية أن يكون شعبنا عبر نتائج صناديق الأقتراع
، شريكاً في صنع القرار ، ومن خلاله شريكاً في صياغة السياسات التي تحمي مصالح
شعبنا وتحدد مسار أولوياته ، إذا نجح حقاً
في إفراز نواب سيحترموا توجهات وتطلعات ناخبيهم .
لم يعد الصراع بعد نجاح الإنتخابات ، صراعاً سياسياً
مكشوفاً ، بين الدولة والنظام من جهة وحركة الإخوان المسلمين ومن يتبعهم من جهة
أخرى ، بل بات بين الأغلبية الأردنية التي إنحازت لقرار المشاركة لحماية الأمن
الوطني لبلادنا ومجتمعنا ، ومن أجل تحقيق الإصلاحات الديمقراطية المطلوبة بشكل
تدريجي ، تأخذ بعين الإعتبار حجم ونفوذ القوى المعطلة للتوجهات الأصلاحية
والديمقراطية ، وتتمرس في مواقعها ضد إرساء قيم التعددية وتحقيق العدالة والمساواة
وتكافؤ الفرص لكل الأردنيين .
إتجاهات التطرف
، والإتجاهات المحافظة ، كلاهما معطل لمسار التطور الديمقراطي في بلادنا وهذا ما
يجب الإنتباه له والتصدي لأفعاله .